مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة

مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة أقدم مدارس الوادي الجديد و اهمها علي الاطلاق

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة

مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة أقدم مدارس الوادي الجديد و اهمها علي الاطلاق

مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة

الخارجة الاعدادية المشتركة بالوادى الجديد


    رياض الأطفال في أوروبا : هنا تصنع الأمم أجيالها القادمة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 297
    تاريخ التسجيل : 14/11/2011
    العمر : 89

     رياض الأطفال في أوروبا : هنا تصنع الأمم أجيالها القادمة Empty رياض الأطفال في أوروبا : هنا تصنع الأمم أجيالها القادمة

    مُساهمة  Admin الجمعة أبريل 13, 2012 3:25 am


    بقلم : أسامة أمين
    روضة الأطفال ليست بديلاً عن الأسرة، وليست مدرسة قبل المرحلة الابتدائية، يحفظ فيها الأطفال جدول الضرب وحروف أبجديتي اللغة الأم واللغة الأجنبية، كما أن العاملين والعاملات في روضة الأطفال ليسوا أشخاصًا فشلوا في الحصول على وظيفة للتدريس في التعليم المدرسي، فارتضوا العمل فيها. روضة الأطفال حسب المفهوم الأوروبي أو الغربي، هي ذلك المكان الذي يتكامل مع الأسرة، ليضع الأسس العقلية والنفسية لبناء إنسان قادر على الخروج من محيط الأسرة والروضة إلى المجتمع الكبير، والمشاركة الفعالة فيه.
    يمكنك أن تضع الحبوب في قبو البيت حتى لا تفسد، تبقى هناك كما هي حتى تأخذها، ويمكنك أيضًا أن تضعها في الأرض الخصبة في الحديقة، فيأتيها الغذاء والماء ونور الشمس والهواء النقي من كل مكان، فتنمو وتكبر، وتتحول كل حبة إلى نبات قوي العود، ضارب بجذوره في باطن الأرض، رافع رأسه إلى السماء. وهكذا روضة الأطفال، يمكن أن تكون مكانًا يضع فيه الوالدان أطفالهما، بسبب انشغالهما طوال اليوم، فينتظر الأطفال هناك حتى يحين موعد استلامهم، وبين الحضور والانصراف يضمن الوالدان ألا يصاب الأطفال بمكروه، وأن ينالوا من الطعام والشراب ما يحتاجون إليه، أما البديل الآخر فهو أن يجري استثمار هذه الفترة بصورة مثالية، والفرق بين النموذجين تطور امتد لقرون.
    في القرن الثامن عشر جاءت الثورة الصناعية، واحتاجت إلى الأيادي العاملة، وبحثًا عن الرزق هجر كثيرون قراهم، واتجهوا نحو المدينة، حيث المصانع، وفرص العمل، انفصلت الأسرة الصغيرة عن الجد والجدة والإخوة والأخوات الذين كانوا يعيشون معهم في بيت كبير يضم أكثر من جيل، فحدث التمزق، وأصبح على كل أب وأم وأطفال أن يعيشوا بمفردهم، ويدبروا أمورهم.
    وبعد أن كان العمل قاصرًا على الرجال، اتسعت المصانع، وزاد عدد الآلات، ومعها الحاجة إلى النساء أيضًا، فتركت الأمهات أطفالهن، من أجل الحصول على دخل إضافي، وأصبح الأطفال أيتامًا في المدن التي رحل إليها الوالدان، وتدهورت صحتهم، ولم يعد هناك من يرعاهم.
    في عام 1780 تأسست أول روضة أطفال في ألمانيا، وكانت مخصصة لأطفال الأسر المعدمة، وكانت تكتفي فقط بتوفير المأوى والطعام لهؤلاء الأطفال، وفي عام 1840م، تبرع فريدريش فيلهلم أوجست فروبل، بإنشاء أول روضة للأطفال على أسس تربوية، ولم تعد تقتصر على قبول أبناء الفقراء، بل أقبلت العائلات الغنية أيضًا على تسجيل أطفالها فيها، وكانت أعمارهم تتراوح بين عامين إلى 7 أعوام، وكانت كل مجموعة تتكون من 20 - 30 طفلاً، وطالبت الروضة أمهات الأطفال المسجلين في الروضة بالحضور، ومراقبة ما تقوم به المربيات في الروضة، حتى يتعلمن منهن، ويكون هناك اتفاق بين البيت والروضة على أسس مشتركة في التربية.
    وفي عام 1851م تقرر إغلاق رياض الأطفال في ألمانيا البروسية، بعد أن اشتكى كارل أوتو فون رادمر، وزير الشؤون الدينية والتعليمية والطبية، لأنه اعتبر أنها تنشر أفكارًا لا تتفق مع العقيدة المسيحية، وتفسد عقول الأطفال وقلوبهم، ولا تقوم على أسس علمية في ممارسة مهامها، ولكن هذا الحظر لم يدم طويلاً، وتقرر رفعه في عام 1860م، وزاد الإقبال على الروضة، حتى وصلت نسبة الأطفال المسجلين فيها عام 1910م، إلى حوالي 13 في المائة من مجموع الأطفال.
    تأثيرات سياسية وأيديولوجية على الروضة
    شهدت حقبة الحكم النازي في الفترة بين الأعوام 1933 - 1945م، اهتمامًا متزايدًا برياض الأطفال، ووصلت نسبة المسجلين فيها إلى 31 في المائة. ونصت الوثائق النازية على ما يلي: «نريد جنسًا قويًا، إنسانًا شديدًا يمكن الاعتماد عليه، أمينًا، مطيعًا، مستقيمًا، ليصبح الولد في المستقبل جنديًا ألمانيًا مميزًا، وتصبح البنت أمًا ألمانية مميزة».
    وحتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانقسام ألمانيا إلى دولتين، بقيت محاولات التأثير السياسي على الروضة، فالشطر الغربي منها، والذي أصبح يحمل اسم (جمهورية ألمانيا الاتحادية) اعتبر أن الهدف من الروضة هو العمل على بناء الإنسان الذي يتميز بشخصية ديمقراطية وحرة، أما الشطر الشرقي، أو (جمهورية ألمانيا الديمقراطية)، فقد اعتبر أن هدف التربية والتعليم في البلاد هو: «بناء إنسان يتحمل المسؤولية عن حماية النظام السائد، من خلال ترسيخ المبادئ الاشتراكية في عقله وقلبه، وتعليمه رفض الأنظمة الفاشية»، علمًا بأن 70 في المائة من الأطفال كانوا مسجلين في رياض الأطفال هناك.
    لكن أنظمة الحكم لم تكن وحدها من حاول في الماضي، ومازال حاليًا يسعى للتأثير على الأطفال في اتجاهات متعددة، فالكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية وغيرها من الفرق الدينية، تبني الكثير من رياض الأطفال، وتساهم في تمويلها، من أجل غرس مبادئها الدينية والعقائدية في نفوس الأطفال، وهناك رياض أطفال تابعة لمؤسسات تتبنى مناهج فكرية وتربوية عديدة، مثل مونتسوري وفالدورف.
    وفي كثير من المدن الأوروبية هناك رياض أطفال قامت بمبادرات من أولياء الأمور، الذين يسهمون في توفير الدعم المادي، ويشاركون بصورة نشطة في ضمان استمرارها، وهو الأمر الذي يضطر بعضهم للتفرغ للعمل فيها، لتحقيق ما يتفق عليه أولياء الأمور، في الحياة اليومية لأبنائهم داخل الروضة.
    أما رياض الأطفال الخاصة والتي غالبًا ما تكون باهظة التكاليف فإنها تسعى لتوفير مربين ومربيات على أعلى مستوى من الكفاءة، ومبان أنيقة، وبيئة مريحة ووثيرة، تجعل الأطفال يقبلون على الحضور بسعادة بالغة، وإذا واجه الطفل أي صعوبة في التحدث باللغة الأجنبية، أو في تعلم العزف على آلة موسيقية، أو في ممارسة نوع ما من الرياضة، فإن الروضة توفر أخصائيين، يذهبون إلى الطفل في منزله، ويساعدونه على اجتياز أي صعوبة تواجهه، دون شعور بالحرج من زملائه.
    نماذج من الغرب
    تعتبر السويد من الدول الرائدة في مجال رياض الأطفال، فالعاملون والعاملات هناك من الحاصلين على الشهادات الأكاديمية، وهي عبارة عن اختبار الدولة في التربية، تخصص رياض الأطفال، علما بأن الروضة تبدأ هناك من السنة الأولى من عمر الطفل، ويكفل القانون الحق في الحصول على مكان في روضة الأطفال القريبة من المنزل، لكل طفل يعمل والداه طوال اليوم، أما من لا يعمل والداه فإن له الحق في 15 ساعة في الأسبوع فقط، وتبلغ نسبة الأطفال المسجلين في رياض الأطفال 90 في المائة من مجموع الأطفال.
    وتحتسب قيمة الرسوم الدراسية المستحقة على أساسين: ترتيب الطفل بين إخوته، ودخل الأسرة، ولذلك فإن الرسوم المستحقة على الطفل الأول تبلغ 3 في المائة من الدخل، بشرط ألا تزيد عما يعادل 126 يورو شهريًا، أما الطفل الثاني فتبلغ رسومه 2 في المائة من دخل الأسرة، بحيث لا تزيد عن 84 يورو، والطفل الثالث 1 في المائة من الدخل، بشرط ألا تزيد على 42 يورو، وابتداءً من الطفل الرابع، لا تكون هناك أي رسوم مستحقة عليه، علمًا بأن المكان الواحد في الروضة يكلف خزانة الدولة أكثر من مائة ألف كرونه سويدية، أي ما يعادل عشرة آلاف يورو سنويًا، يدفع الأهل ما لا يزيد عن 8 في المائة من هذه التكاليف.
    تهتم روضة الأطفال السويدية بترسيخ التعددية الثقافية، فتقبل أبناء المهاجرين، وترحب بوجودهم، وتوفر لهم معلمين لتدريس لغتهم الأم، كما تشدد على عدم التفرقة بين الجنسين، فالأولاد والبنات متساوون في الحقوق، ويتمتعون بنفس قوة الشخصية، ويلعبون بنفس الألعاب، ويجدون رجالاً يعملون إلى جانب المربيات في الروضة، بحيث لا يعتقدون أن التربية وخدمة الأطفال هي مهمة النساء فقط.
    يجري توزيع الأطفال في رياض الأطفال السويدية على مجموعات، تضم كل واحدة منها 17 طفلاً، يشرف عليهم ثلاثة مربين ومربيات، أي أن نسبة الأطفال إلى المربين تبلغ 5 إلى 1 تقريبًا، بحيث يجد الطفل الاهتمام الكبير، مع التركيز على نقاط القوة في كل طفل، والعمل على تنميتها، بدلاً من التركيز على نقاط الضعف.
    الروضة في إمارة ليشتنشتاين هي مكان التحضير للمدرسة، والقبول فيها لا يتم إلا بعد إتمام الطفل السنة الرابعة من عمره، ويستمر لمدة عامين، ورياض الأطفال هناك مجانية، والتسجيل فيها اختياري، ولكن بعد التسجيل يصبح الحضور فيها إلزاميًا، حتى يمكن الاستفادة من المكان، ولكن بالنسبة لأطفال المهاجرين فإن التسجيل في السنة الأخيرة من الروضة إلزامي، حتى يتقن الطفل لغة الدولة، وهي اللغة الألمانية.
    وتنص القوانين هناك على أن مهمة الروضة هي دعم الأسرة في تربية الأطفال، واستكمال أي جوانب نقص فيها، وعلى عكس الكثير من الدول الأوروبية، فإن ليشتنشتاين لا ترى أن الوالدين وحدهما هم أصحاب الحق في تربية الأطفال، بل تعطي الروضة تكليفًا مستقلاً بالعمل على بناء شخصية الطفل، وتعليمه اللغة، وإكسابه المهارات الاجتماعية، والاستخدام الجيد لحواسه، وتدريبه على الحركة بكافة أشكالها، والتركيز على التربية الموسيقية والفنية.
    في الولايات المتحدة الأمريكية توجد غالبية رياض الأطفال داخل المدارس الابتدائية، ومدتها عام واحد قبل المدرسة، يتعلم فيها الطفل القراءة والحساب، وهي مجانية وغير إلزامية، وتضم الأطفال الأصحاء والمعوقين سويًا، بناءً على مبدأ (عدم استبعاد أي طفل من البرنامج No Child Left Behind Program)، وتتبع الدراسة في هذه السنة التحضيرية للتعليم الابتدائي، منهاجًا دراسيًا صارمًا.
    تتضح أهمية هذه السنة الدراسية في الروضة، من اعتبار الأهل لها البداية الفعلية لالتحاق أطفالهم بالتعليم، فيحتفلون باليوم الأول فيها، على عكس الأوروبيين الذين يقيمون هذا الاحتفال في اليوم الأول من المرحلة الابتدائية، حين يرتدي الطفل أفضل ثيابه، ويحصل على حقيبته المدرسية الجديدة، والكثير من الحلوى.
    لكن هناك في الولايات المتحدة نوع آخر من مؤسسات رعاية الأطفال، والتي تحمل اسم Day Care Centers أو Nursery Schools، وهي التي تقبل الأطفال من سن ثلاثة أشهر، وحتى سن خمس سنوات، لأن إجازة الأمومة تنتهي هناك بعد 12 أسبوعًا من الولادة، وبعدها لا تحصل الأم على راتب من صاحب العمل ولا من الدولة. ورياض الأطفال الأمريكية لا تتلقى دعمًا من الدولة، بل من أصحاب الشركات، وتسعى إدارة الروضة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم المادي، لتوفير أفضل الخدمات للأطفال، خاصة أن هناك مؤسسة تمثل أولياء أمور الأطفال، اسمها National Association for the Education of Young Children، وهي تراقب الجودة، وتحظى تقديراتها للأوضاع في رياض الأطفال بالاهتمام وبالاعتراف من الجميع.
    وإذا أردنا استعراض المزيد من الدول في سطور قليلة، فيمكن الإشارة إلى أن الروضة في ألمانيا مدتها ثلاثة أعوام، وهي غير مجانية، مما يحول دون التحاق الكثيرين من أطفال المهاجرين بها، ولذلك يطالب الكثيرون بأن تتحمل خزانة الدولة الألمانية تكاليف الروضة لكل الأطفال، والبالغة 3.6 مليار يورو سنويًا، لأن ذلك سيمنع انتشار البطالة مستقبلاً في صفوف هؤلاء الأطفال، وأمثالهم من أبناء الأسر محدودة الدخل.
    في بلجيكا رياض الأطفال مجانية، لأبناء المقيمين في أراضيها فقط، لأن أبناء الدول المجاورة، يسجلون أطفالهم لديها، فتطالبهم برسوم تعادل 750 يورو سنويًا، وتسعى الروضة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال تزويد جميع الأطفال بنفس الكفاءات والمهارات التعليمية، خاصة أن الروضة البلجيكية هي جزء من المنظومة التعليمية هناك.
    في سويسرا تنص قوانين بعض الكانتونات على أن الالتحاق بالروضة حق قانوني للطفل، علما بأنها تستمر لمدة أربعة أعوام، وقد زادت في السنوات الأخيرة فترة الدوام في الروضة، بعد أن كانت منقسمة إلى فترتين، في الصباح ثم في الظهيرة فقط، ولكن هناك مؤسسات أخرى يمكن تسميتها حضانات تكميلية، تقبل الأطفال في الأوقات المتبقية من اليوم، حتى عودة الوالدين من العمل، مقابل رسوم إضافية.
    في فنلندا التي تحتل الصدارة في الاختبارات الدولية في التعليم، تستقبل الروضة الأطفال من السنة الأولى من العمر، ويبلع عدد أطفال المجموعة داخل الروضة، حوالي 14 طفلة وطفلاً، وهناك تركيز على تعلم الطفل اللغات الأجنبية، والتعرف على التجارب العلمية. وتشترط رياض الأطفال حصول المربيات الأساسيات على شهادة جامعية وثقافة عالية ولغة جيدة، حتى يكتسب الأطفال منها اللغة الجيدة.
    ماذا يتعلم الطفل في الروضة؟
    بغض النظر عن عدد السنوات التي يقضيها الطفل في الروضة، وما إذا كانت مجانية أو غير مجانية، وما إذا كانت جزءًا من التعليم الابتدائي أو منفصلة عنه، وما إذا كان الأطفال في الروضة موزعين تبعًا لأعمارهم، أم في مجموعات متباينة الأعمار والثقافة، فإن الأهم من كل ذلك، هو معرفة المهمة التي تسعى رياض الأطفال في الغرب إلى تحقيقها.
    تنطلق رياض الأطفال من أن لكل طفل فرديته واستقلاله، وله شخصيته التي لا مثيل لها، وأن الهدف ليس هو صناعة شخصية وأفكار مشتركة لكل الأطفال، بل السعي للتعرف على كل واحد منهم، والأخذ بيده حتى يطور هذه الشخصية المميزة له، فلا تقرر المربية عمل شيء، إلا بعد سؤال الأطفال والاستماع إلى آرائهم، ثم تناقش معهم أي الاختيارات أفضل، بحيث يتعلمون المشاركة في التخطيط.
    إلا أن هذه الفردية والاستقلالية لا تعني انعزاله عن المجتمع المحيط به، بل هو إنسان له شبكة من العلاقات، علاقته بنفسه، علاقته بالآخرين، وقبل ذلك علاقته بربه، وهذه العلاقة بالإله الخالق، هي التي تحدد علاقة الطفل بنفسه وبمن حوله، فترسم معالم الصواب والخطأ، وتضع الأساس الأخلاقي للطفل منذ صغره.
    أساس عمل الروضة أنها تدرك شمولية العملية التربوية والتعليمية، ولذلك لا يجوز أن يتم التركيز على اكتساب المعلومات، وإهمال رعاية المواهب الذي يتمتع بها الطفل، هناك قدرات على الإبداع داخل كل طفل، هناك فضول وتعطش للمعرفة بالعالم المحيط بالطفل، هناك مهارات اجتماعية لابد من إتقانها إذا أراد الطفل أن يكون مقبولاً في مجموعته، هناك تحديات ومواقف عسيرة، يجب أن يتعلم كيفية التغلب عليها، هناك لحظات توتر وشجار ينشأ داخل المجموعة، إذا لم يتعلم الطفل كيفية التعامل معها بسلام وهدوء، ربما لجأ إلى العنف، أو البكاء أو الصراخ، أو الشعور بالكراهية للمكان، وكلها أمور لا تقل أهمية عن جدول الضرب أو حفظ مفردات باللغة الأجنبية.
    لابد أن يشعر الطفل بقيمته كفرد، يشعر أنه إنسان مهم، أن من حقه أن يكون له رأي، وأن يشارك في صنع القرار، أو يسهم بصورة فعالة في صياغة الحياة اليومية داخل الروضة، أو يكون وجوده مختلفًا تمامًا عن غيابه، لأن كل فرد له قيمة وإسهام وأهمية، فإذا غاب ينبغي أن يشعر الجميع بافتقاد هذا الدور الذي يقوم به هذا الطفل، هذا الإنسان الصغير، دور الروضة ليس أن تصنع له شخصية، بل أن تساعده على بناء شخصيته بنفسه، وأن يتعرف على ذاته وميوله ليبني شخصيته على هذا الأساس.
    أساسيات التعلم في الروضة
    لعل أقرب رياض الأطفال الغربية إلى ثقافتنا، هي التي تقوم على خلفية دينية، والتي لا تركز بالضرورة على العقيدة المسيحية، بل تعتمد على الإيمان بوجود إله لهذا الكون، وعلى وجود مرجعية دينية لكل جوانب الحياة.
    ترى رياض الأطفال هذه أن الطفل في سن الروضة، هذا الكائن الصغير، يحتاج إلى بعض الأساسيات التي يبني عليها شخصيته، ويصقل بها مهاراته العقلية، لذلك فإن الروضة تساعده أولاً على فهم دقيق وشامل للواقع الذي يعيشه، وتأخذ بيده ثانيًا لكي تترسخ داخله القيم الدينية والأخلاقية، مثل الصدق والأمانة وتوقير الكبير والعطف على الصغير، واحترام كل إنسان، كما تسعى ثالثًا إلى تنمية قدراته على التعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة والمراحل الانتقالية في حياته، ورابعًا تركز على مهارات الاتصال، والتي لا تقتصر على المهارات اللغوية، لأن التواصل أشمل من ذلك بكثير.
    بالنسبة للعنصر الأول المتعلق بفهم الواقع بصورة دقيقة وشاملة، تنطلق رياض الأطفال من أن الطفل يطرح الأسئلة الكبرى، من أين بدأ العالم، وإلى أين يؤول؟ ويسأل عن حكمة الموت والحياة، وعن الخالق. ودور المربي أو المربية في روضة الأطفال، هو أن يقدم الإجابات الصحيحة عن هذه الأسئلة بصورة منطقية ومبسطة يستوعبها عقل الطفل، أما أسوأ ما يمكن أن يحدث فهو أن يرفض الإجابة، أو يطلب منه العودة إلى والديه.
    كذلك فإن العنصر الثاني المتعلق بالقيم الأخلاقية والدينية، فإنها مستمدة من الدين، لكن المربين في الغرب يسعون إلى إقناع الطفل بالفضيلة في حد ذاتها، وبسوء الرذيلة في حد ذاتها، بحيث لا يؤدي ضعف الإيمان بالدين، إلى انهيار المنظومة الأخلاقية لديه، فالصدق مثلاً يظل أساسيًا راسخًا في داخله، حتى لو لم يواظب على الصلاة، هو لا يكذب طمعًا في الجنة فقط، بل لأن الكذب يتنافى مع طبيعة الإنسان السوي، مع التأكيد على أن القيم والأخلاق ليست معلومات ينقلها المربي أو المربية للطفل، بل هي عناصر في بناء ضخم، تبدأ بالقدوة، وتترسخ بمعرفة أصولها في الدين وفي الأخلاق، وتنتهي في كل صغيرة وكبيرة من الممارسة اليومية.
    العنصر الثالث المتعلق بتنمية قدرات الطفل على التعامل مع الأزمات، يعتمد على إقناع الطفل بأن هذه الأزمات هي (ملح الحياة)، بدون الأزمات لا نشعر بالسعادة حين تزول، ولا يشتد عودنا إلا بعد أن نتجاوزها، نقع لنقف من جديد، ونتألم لحظة، لنفرح أوقاتًا طويلة، ويبتلينا الله من وقت لآخر، حتى يختبر إيماننا، وصبرنا على البلاء، ورضانا بقضاء الله وقدره، مهما كان.
    ومواهب الاتصال التي يكتسبها الطفل، لا تقوم على حفظ النصوص اللغوية، من أناشيد وقصائد فحسب، بل تعتمد على استخدام المربية للغة رصينة وسليمة، ولا تلجأ للتلقين، بل لأسلوب الحوار، تستمع للطفل، ثم تتحدث، تكرر الجملة التي استخدمها بطريقة خاطئة، وتقولها بصورة صحيحة، دون أن تقول للطفل إنه أخطأ فيها، تطلب منه تلخيص القصة التي سمعها، وأن يحكيها لزملائه من جديد، تشجعه على صياغة الأسئلة حول القصة، بل وتكتب ما يقوله لها، بحيث يشعر أن ما قاله من الأهمية بمكان، حتى أن المربية وجدت أنه يستحق الكتابة، يتعلم الطفل أن الاستماع للآخرين هو نوع من التواصل مع الآخرين، أن إيماءة بالرأس، أو الاندهاش على وجهه، أو الابتسامة على شفتيه، كلها من عناصر التواصل.
    بين الروضة والبيت
    تنص كثير من القوانين في الدول الأوروبية على أن تربية الأطفال هي مهمة الأهل، وأن الروضة تستمد صلاحيتها في المشاركة في هذه العملية، من خلال تفويض الأهل لها بذلك، وهذا الأمر يعني مثلاً أن الأسرة التركية المسلمة المقيمة في دولة أوروبية مسيحية، يحق لها أن ترفض تدخل الروضة في الأمور العقائدية للأطفال، أو في المنظومة الأخلاقية للأسرة، طالما أنها لا تتعارض مع القوانين السائدة في هذه الدولة، فلا يمكن مثلاً أن يقول الأب للمربية في الروضة، إنه يستخدم الضرب في تربية ابنه، ويطلب منها ألا تتدخل في ذلك، أو أنه يحبس ابنته في البيت، لأنها لا تطيع أوامره، وينهى المربية عن إبلاغ السلطات بذلك. ولعل خوف الكثيرين من المهاجرين من افتضاح ما يعتبرونه (خصوصيات الأسرة)، هو من الحجج التي يسوقونها لتبرير عدم إلحاق أطفالهم برياض الأطفال.
    لكن في الأوضاع العادية، أي عندما يكون الطفل وأسرته من أهل الدولة التي يقيم فيها، ويلتحق برياض الأطفال التابعة لها، فإن مهمة الروضة هي تقديم (الرعاية، والتعليم والتربية)، المتفق عليها بين الأهل وبين الروضة، وتبدأ التربية في البيت، لتستكملها الروضة في نفس المسار، وعلى نفس القيم الدينية والأخلاقية.
    لذلك فإن الأسرة التي تكتفي بدفع الأموال، وتطالب الروضة بأن تتولى عنهم تربية الطفل من الألف إلى الياء، ترتكب خطأ جسيمًا، لأنها تحرم نفسها من المشاركة في بناء هذا الإنسان، وتفقد الكثير من أواصر العلاقة بينها وبينه، وينبغي ألا تتعجب حين تجد لديه قناعات مختلفة تماما عنها، وتلمس رفضه التخلي عن مفاهيمه وقيمه ومبادئه، لأنه لم يتعود أن يتعلم من هذه الأسرة شيئًا.
    من أفضل ما يمكن للروضة أن تقوم به هو أن تحافظ على فضول الطفل، ورغبته في التعلم، أن تستخدم كل أساليب التشويق التربوية المعتمدة، لكي يواصل الطفل طرح الأسئلة، لكن ليس المطلوب دومًا أن يجد الإجابة، بل لابد أن تحث المربية الطفل على التفكير بنفسه في الإجابة، وأن يفتش عنها، ويناقش زملاءه وزميلاته في الإمكانيات العديدة للإجابة، وينبغي أن يتم التنسيق بين الروضة والأهل حول استراتيجيات التعامل مع هذا الفضول الإيجابي، بحيث يشترك الأهل في هذه العملية التعليمية الهامة.
    يحتاج الطفل إلى الاهتمام به، وإلى الشعور بالنجاح، لكي يكتسب الثقة بالنفس، وينمو لديه الشعور بقيمة الذات، وهو الأمر الذي يسهم في تشكيل شخصيته وتحديد هويته، فيتعرف على قدراته، وعلى ما يعجبه، وما لا يعجبه، وكلها أمور يمكن أن تراعيها المربية في الروضة من خلال المتابعة الدقيقة لكل طفل، وتشجيعه من وقت لآخر، وعدم مقاطعته أثناء الحديث، لتصحيح أخطاء لغوية وقع فيها، أو لانتقاده أمام زملائه، والابتعاد عن الصراخ ورفع الصوت في الحديث معه مهما كانت الأسباب، لأن الحجة القوية لا تحتاج إلى الصوت العالي، فالاقتناع يكون من خلال مخاطبة العقل، وليس من خلال صم الآذان.
    يتعلم الطفل في الروضة مبادئ الموسيقى والرياضة والفن، ويمكن أن يلحقه الأهل بدورات في نهاية الأسبوع، للتدريب على آلة موسيقية، أو على رياضة بدنية، تضمن الحفاظ على صحته ورشاقة جسمه، أو يشترك في مجموعة تتعلم الرسم، مثل أن تقرأ معلمة الفن قصة بسيطة، وتطلب من الأطفال أن يرسموا مشهدًا منها من خيالهم.
    يتعلم الطفل في الروضة أن كل إنسان له قيمة وكرامة ومكان في المجتمع، فالطفل المعوق لم يختر أن يكون ذلك، وهو عضو في داخل المجتمع، ويجب ألايكون معزولاً عن بقية أفراده، مرفوضًا من الأطفال الأصحاء، وأن الطفل القادم من أدغال إفريقيا ليس أقل قيمة من الطفل الذي ينتمي لعائلة من النبلاء الأوروبيين، أن الطفل المسلم والمسيحي واليهودي بل والبوذي، كلهم من خلق الله، وينبغي ألا يعاقب طفل بسبب دينه أو عرقه أو جنسه، فيسود الاحترام المتبادل بين الجميع، وتنشأ شراكة بين أفراد كثيرين في مجموعة متجانسة.
    المربية لا تلعب دور القائد، الذي يجر خلفه سربًا من الجنود، يأتمرون بأمره، ولا يحق لهم النقاش أو المعارضة، بل هي (رفيقة درب)، تسير مع كل واحد منهم على الطريق الذي اختاره، ولا تأخذ بيده إلا إذا كان في حاجة ماسة لذلك، ولا يستطيع أن يبلغ هدفه بدون هذه المساعدة، هي الإنسان الذي يجيد التشجيع والدفع إلى الأمام، وليس من يثبط العزيمة، والذي يساعد الطفل على التجارب من أجل أن يتوصل بنفسه إلى النتيجة الصحيحة.
    مخرجات الروضة
    الأهل الذي يمسكون دفاتر أطفالهم كل يوم ليسألوهم: ماذا تعلمتم اليوم في الروضة؟ قد يصيبهم الإحباط، حين لا يرون في الدفاتر واجبات منزلية يومية، ولا يلمسون إتقانًا للغات الأجنبية، ولا يسمعونه وهو يقحم في جملة ينطق بها كلمة من اللغات الإنجليزية أو الفرنسية، لأن الروضة في الغرب لا تسعى لأن تكون منافسًا للمدرسة الابتدائية، ولا تريد أن يتباهى الطفل بالعلامات المرتفعة التي حصل عليها.
    الروضة في أوربا والغرب لا تريد إعداد برامج دراسية، تُسهم في العملية التعليمية الموجهة لإعداد أشخاص مؤهلين لسوق العمل من خلال اكتساب اللغات الأجنبية، وتعلم أساسيات الكتابة والرياضيات وهم في الرابعة من عمرهم، بحيث يلتحقون بالصف الأول الابتدائي في سن الخامسة، وينتهون من التعليم المدرسي ثم الجامعي، وهم دون العشرين، لأن القائمين على رياض الأطفال لا يرون فيهم يدًا عاملة مستقبلية، بل يرون الأولوية في إعداد هؤلاء الأطفال ليكونوا أشخاصًا ناجحين في التعامل مع بقية أفراد المجتمع، وأن يكون لدى كل واحد منهم القدرة والإرادة على تحديد مساره في الحياة بنفسه.
    هؤلاء الأطفال الذين يتخرجون من الروضة في الغرب، يتعلمون أن استقلال أو تفرد الواحد منهم، لا يعني إنكار حق الآخرين في التمتع أيضًا باستقلاليتهم وتفردهم، ولذلك ترفض الروضة أسلوب مكافأة الطفل عن طريق المال، بحيث لا يربط كل شيء بثمن مادي، فيصبح الاجتهاد مقرونًا لديه بالمبلغ الذي يقدمه له الأب أو الأم، الجد أو الجدة.
    روضة الأطفال هي المكان الذي يتعرف الإنسان الصغير فيها على هويته وشخصيته وعلى عناصر القوة في نفسه، والضعف فيها أيضًا، يتعلم أن المذاكرة لا تهدف إلى تحقيق أعلى علامة في الاختبار، بل هو يحب العلم لأنه يشفي فضوله المعرفي، ولأنه حريص على فهم المادة، لا على التدريب على أسئلة الاختبارات، الروضة في الغرب هي مصانع الجيل الجديد، فهل نفكر في القيام بتجربة مماثلة؟
    المراجع:

    http://www.kindergartenpaedagogik.de/1278.pdf
    http://www.schwedenstube.de/kindergarten.php
    http://www.llv.li/amtsstellen/llv-sa-amtsgeschaefte-schularten/llv-sa-amtsgeschaefte-schularten-kindergarten.htm
    http://www.stmas.bayern.de/kinderbetreuung/gaerten/index.php
    http://kita.zentrumbildung-ekhn.de/fileadmin/zentrum/downloads/Elementare_Bildung.pdf
    http://www.vorteil-kinderbetreuung.de/fuer_muetter_vaeter/kinderbetreuung_in_deutschland/kindertageseinrichtungen/kindertagesstaette/dok/119.php
    http://www.kindergartenpaedagogik.de/1239.html
    http://archiv.insm.de/Downloads/Umfragen_Studien/Konzept_Finanzierung_Kostenloser_Kindergartenbesuch.pdf
    http://www.dradio.de/dlf/sendungen/interview_dlf/482474/
    http

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 1:31 pm