ا
نعيش في عالم تعصف فيه مشاعر لاشعورية عنيفة. إنها مزيج من الانفعالات والرغبات. ومنها ما هو هدام ومنها ما هو بناء. إنها في الواقع علاقة معقدة بين الفرح والحزن والحب والكره والغيظ والغضب والحقد والانتقام والحسد والغيرة.
وعلاقاتنا بالناس من حولنا هي دائماً علاقات انفعالية..علاقات مشاعر. وفهم لغة المشاعر هذه يساعدنا في النمو والارتقاء ويمنحنا طاقة خلاقة في التعامل مع المواقف الحياتية. ولكن عندما لا نتمكن من فهم هذه اللغة وكيفية التعامل معها قد تكون العواقب وخيمة.
فلنتأمل الغضب، هذا الانفعال الهدام الذي يمكن أن يقود إلى الحقد والحسد والكره.
فعندما لا تتحقق مقاصدنا فإننا لا نشعر إلا بالغضب، وعندما يقول لنا شخص ما لا لطلب نطلبه منه نشعر بالغضب، وعندما يتهمنا أحدهم اتهاماَ ما نشعر بالغضب ونرد بغضب عندما يواجهنا شخص ما بالغضب…عندئذ يمكننا أن نفقد صوابنا …أن ننفجر من الغيظ. وعندما نكون غاضبين من أمر ما فإننا قد ننفجر غضباً بشخص آخر لا علاقة له بغضبنا كزوجتنا أو أولادنا.
وعندما نكظم غضبنا ولا نعبر عن غضبنا نحو الخارج فإنه يتحول إلى غضب كامن خفي خانق. إننا نبتلع غضبنا كما يقال. غير أن ابتلاعه لا يعني أنه أصبح عديم التأثير، إنه يحفر في الداخل. فتكون عاقبته الهم والاستياء والتبرم والتقزز وصولاً حتى النفور والصد الذي يبلغ حد القرف.
ويمكن للغضب أن يحفر فينا عميقاً إلى درجة أنه يسبب مرضاً نفسياً جسدياً كالقرحة أو مرض المرارة أو إلى معاناة في القولون.
ويقول الناس "لقد طقت مرارتي من القهر".وهذا صحيح. فالغضب المقموع والمكظوم لابد وأن يقود إلى مثل هذه العواقب. ويمكن للإنسان أن يحمر ويصفر ويزرق من الغضب …بل ويمكن له أن يموت….
والغضب المكبوت أو المقموع يتحول إلى حقد. إنه شكل من أشكال الكره المزمن، الذي يحمله وينميه شخص ما تجاه عدو ما. ويمكننا هنا الحديث عن طبع مشحون بالكره. ومثل هؤلاء الأشخاص يجرون خلفهم سلسلة من الخيبات والإحباطات والإزعاجات التي بدأت منذ الطفولة الباكرة. وكثير من الأطفال الذين يربون في الملاجئ ودور الأيتام والمشردين يكونون مشحونين بالكره "إنهم أبناء الكره"، وبالتالي يكونون أكثر استعداداً للجنوح وميلاً للعنف الذي يشبه العنف الذي تعرضوا له هم أنفسهم في طفولتهم.
فمن خلال الصد والرفض والشعور بأن الطفل متروك وحده دون مساعدة يصبح الإنسان غير قادر على تنمية وعيه بذاته. ومثل هذا النوع من الأطفال المهملين يظهرون لنا مدى العلاقة بين الغضب المقموع ووعي الذات.
والأشخاص الذين يكون لديهم استعداد للعنف هم من حيث الجوهر أناس مصابون في أعماقهم ومجروحين وغير واثقين من أنفسهم.
والشعور الكامن بالغضب أو الحقد يعبر عن شدة الإحباط والخيبة التي عانوا منها. فظمأهم نحو الحب لم يطفأ. وليس من المفاجئ إذا ما كانوا دائماً غاضبين وكانوا باردين وقاسيين مع من حولهم ويتعاملون معهم بلا رحمة، كما عوملوا وهم أطفال.
فالحاجات الأولية نحو الحماية والأمن لم تشبع هنا . وأضيف إلى ذلك رفض صريح وسوء معاملة واحتقار وغبن نفسي.
وبالتالي يحصد الوالدين في أطفالهم ما زرعوه هم بأنفسهم: أي الرفض الشديد لكل المعايير والقيم المعترف بها والامتناع المتحدي لكل ما يقدره الوالدين.
ويتصاعد الغضب والغضب المقموع إلى سورات من الغضب، وذلك عندما يغلي الدم في العروق، عندما يشتعل الإنسان غضباً، عندما يهيج ويصل درجة الانفجار ويقذف كل شيء حوله ويطير في الهواء من الغضب ويحطم ويدمر كل ما يقف في طريقه إنه يصبح كالمسعور. وسورات الغضب حسب التعريف هي عبارة عن انفعال، إنها ردة فعل مباشرة تستمر لوقت قصير على المضايقات النرجسية القادمة من الخارج.
والعدوانية اتجاه انفعالي أو معرفي يتوجه نحو شخص ما يمكن أن يشعر بها الإنسان وقد لا يلاحظها.
أما العنف بالمقابل فهو سلوك عدواني ملحوظ لا يتوانى عن إلحاق الأذى النفسي والجسمي بالآخرين، مباشرة أو غير مباشرة.
ويمكن للحنق أن يتأجج إلى غيظ أو سخط ويتفرغ في سورة غضب، وينتهي بسرعة مثلما بدأ. ومن هذه الناحية يمكنه أن يحرر الإنسان. كما ويمكن للغيظ أو السخط " المتوازن" أن يدفع الإنسان إلى وضع هدف ما أمام عينيه وأن يسعى لتحقيقه ولا ييأس من السعي نحو هدفه. غير أنه يمكن أن يأخذ شكلاً هداماً عندما يتحول إلى تدمير الآخرين.
وكلنا يعرف مدى الشر الكامن في الأشخاص المحيطين به، عندما يتحدثون عن الشخص الثالث الغائب، أي عندما يمارسون النميمة، و كلنا يعرف الهزء والسخرية اللاذعة التي يصغر من خلالها الناس بعضهم.
الكره، والثأر المرعب – الحياة الفاشلة
هناك بشر يزرعون الشر في كل مكان يدخلونه، يكرهون الجميع ويحملون الكره والحقد في قلوبهم حيث تبدو شخصيتهم كلها مملوءة بالكره.
وقلما توجد مناسبة إلا ويكون فيها نزاع وعراك أو نميمة.
والكره لا يعرف المساومة أو المهادنة. ويتمسك الكاره بحقده وكرهه بشدة ، إنه ينميه ويحافظ عليه. ويصبح عنيداً لا يمكن نقاشه أو مهادنته. إنه يجري وراء عدوه أو منافسه بكره أعمى دون كلل أو ملل. أو أنه يمتنع عنه يرفضه ويقلل من قيمته، يتركه ينتظر ويهتم بشخص آخر. وهناك شكل من الكره لا يلقى الاهتمام الكبير: فكثير من أشكال الخيانة وعدم الإخلاص هي تعبير عن الكره للآخر…الكره الكامن واللاشعوري. والكره المخفي هو في كثير من أشكاله الدافع للافتراء والمكائد والمؤامرات والخيانة. ويمكن كذلك لعدم الحفاظ على المواعيد وعدم الموثوقية العامة أن تكون تعبيراً عن الكره الكامن.
والكره ظاهرة إنسانية خاصة بالإنسان. وعلينا أن ندرك نحن كبشر أننا نكره وأنه علينا التعامل مع هذه المشاعر.
يغلب أن يتجه الكره تجاه الذات وغالباً ما تكون هذه المشاعر لا شعورية. وكره الذات هذا يمكن أن يقود إلى تحطيم الذات. ويمكن أن يتجلى هذا النوع من خلال تحطيم الممتلكات الشخصية والإسراف والتبذير وعدم الرضى الظاهر والكامن والشك بالذات والإدمانات المعروفة ( كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية بإفراط وتعاطي المخدرات…الخ ) والاكتئابات . ويشكل الانتحار قمة كره الذات حيث يتم هنا تحطيم الموضوع المكروه الذي هو الذات
كيف يمكننا التعامل مع الغضب والكره؟
ليس الهدف هو عدم الغضب أو عدم التعبير عنه. وإنما الهدف هو في تعلم التعامل معه وعدم كبته وتعلم التعبير عنه بالصورة المناسبة. فالأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم في الطفولة ولا يتعلمون كيفية التعامل مع الغضب معرضون للاضطرابات والانحرافات في المراهقة أكثر من غيرهم.
وهناك طرق كثيرة يمكن التعبير من خلالها عن مشاعر الغضب دون إلحاق الأذى بالآخرين. والمهم هنا هو فهم أسباب الغضب ومحاولة إزالتها. ويكفي في بعض الأحيان الحديث حول الأمور التي تغضب الإنسان أو التعبير عن مشاعر الظلم والإهانة التي يشعر بها الإنسان من قبل مديره مثلاً. وأحيانا يمكن التنفيس عن مشاعر الغضب من خلال الرياضة والأنشطة الترفيهية الأخرى.
ودور المربين هو تعليم الأطفال تحمل درجة أكبر من الإحباط وتعلم أن الإنسان قد لا يستطيع دائما تحقيق ما يريد وبسرعة كبيرة وتعليم الأطفال ومساعدتهم على التعبير عن مشاعر الغضب بالطريقة المناسبة والبحث دائماً عن الحلول الوسط.
أما في حالة مشاعر الكره فلا بد في البدء من التفريق بين كون الإنسان يكره شخصاً ما أو هو نفسه مكروهاً:
فعندما يكون الإنسان نفسه مكروهاً ، أي عندما يكتشف أن شخصاً ما يكرهه فهناك إمكانيتين للاستجابة: إما مناقشة الشخص أو تجنبه. والإمكانية الأولى هي الأفضل ، لأنه فقط عندما يتم النقاش ويحاول المرء إيجاد الأسباب التي أدت للكره يمكن للإنسان أن يتغلب على مشاعر الكره. ولكن ما يحدث غالباً هو عدم وجود إمكانية أخرى غير الابتعاد عن الكاره وذلك لحماية الذات وخصوصاً إذا كان هذا الكاره في موقع المسؤولية المهنية مثلاً، لأنه قد يلحق الأذى الفعلي بالشخص بدون سبب واضح.
وعندما يكون المرء نفسه هو الكاره ، أي إذا نمت مشاعر الكره تجاه شخص آخر على المرء ألاّ يكبت هذا الشعور مباشرة . ولابد في البدء من اكتشاف الأسباب والمبررات. على الإنسان أن يطرح الأسئلة التالية:
ما الذي أثار عندي مشاعر الكره؟
ما هى الإيماءات والتصرفات والكلمات التي أثارت ذلك عندي ؟
هل تبدو هذه المثيرات معروفة لي ؟
هل هناك أحداث مشابهة أثارت الكره في السابق؟
إلى أي تصرف يحاول الكره أن يقودني؟
كيف أتمكن من السيطرة على هذا الدافع
كيف سأشعر في الواقع لو كرهني شخص ما؟
وعندما يحاول المرء الإجابة عن هذه الأسئلة يمكنه اكتشاف بعض الوجوه التي يمكن أن تكون قد قادت لهذه المشاعر ومدى إسهامه هو نفسه بهذا الأمر.
نعيش في عالم تعصف فيه مشاعر لاشعورية عنيفة. إنها مزيج من الانفعالات والرغبات. ومنها ما هو هدام ومنها ما هو بناء. إنها في الواقع علاقة معقدة بين الفرح والحزن والحب والكره والغيظ والغضب والحقد والانتقام والحسد والغيرة.
وعلاقاتنا بالناس من حولنا هي دائماً علاقات انفعالية..علاقات مشاعر. وفهم لغة المشاعر هذه يساعدنا في النمو والارتقاء ويمنحنا طاقة خلاقة في التعامل مع المواقف الحياتية. ولكن عندما لا نتمكن من فهم هذه اللغة وكيفية التعامل معها قد تكون العواقب وخيمة.
فلنتأمل الغضب، هذا الانفعال الهدام الذي يمكن أن يقود إلى الحقد والحسد والكره.
فعندما لا تتحقق مقاصدنا فإننا لا نشعر إلا بالغضب، وعندما يقول لنا شخص ما لا لطلب نطلبه منه نشعر بالغضب، وعندما يتهمنا أحدهم اتهاماَ ما نشعر بالغضب ونرد بغضب عندما يواجهنا شخص ما بالغضب…عندئذ يمكننا أن نفقد صوابنا …أن ننفجر من الغيظ. وعندما نكون غاضبين من أمر ما فإننا قد ننفجر غضباً بشخص آخر لا علاقة له بغضبنا كزوجتنا أو أولادنا.
وعندما نكظم غضبنا ولا نعبر عن غضبنا نحو الخارج فإنه يتحول إلى غضب كامن خفي خانق. إننا نبتلع غضبنا كما يقال. غير أن ابتلاعه لا يعني أنه أصبح عديم التأثير، إنه يحفر في الداخل. فتكون عاقبته الهم والاستياء والتبرم والتقزز وصولاً حتى النفور والصد الذي يبلغ حد القرف.
ويمكن للغضب أن يحفر فينا عميقاً إلى درجة أنه يسبب مرضاً نفسياً جسدياً كالقرحة أو مرض المرارة أو إلى معاناة في القولون.
ويقول الناس "لقد طقت مرارتي من القهر".وهذا صحيح. فالغضب المقموع والمكظوم لابد وأن يقود إلى مثل هذه العواقب. ويمكن للإنسان أن يحمر ويصفر ويزرق من الغضب …بل ويمكن له أن يموت….
والغضب المكبوت أو المقموع يتحول إلى حقد. إنه شكل من أشكال الكره المزمن، الذي يحمله وينميه شخص ما تجاه عدو ما. ويمكننا هنا الحديث عن طبع مشحون بالكره. ومثل هؤلاء الأشخاص يجرون خلفهم سلسلة من الخيبات والإحباطات والإزعاجات التي بدأت منذ الطفولة الباكرة. وكثير من الأطفال الذين يربون في الملاجئ ودور الأيتام والمشردين يكونون مشحونين بالكره "إنهم أبناء الكره"، وبالتالي يكونون أكثر استعداداً للجنوح وميلاً للعنف الذي يشبه العنف الذي تعرضوا له هم أنفسهم في طفولتهم.
فمن خلال الصد والرفض والشعور بأن الطفل متروك وحده دون مساعدة يصبح الإنسان غير قادر على تنمية وعيه بذاته. ومثل هذا النوع من الأطفال المهملين يظهرون لنا مدى العلاقة بين الغضب المقموع ووعي الذات.
والأشخاص الذين يكون لديهم استعداد للعنف هم من حيث الجوهر أناس مصابون في أعماقهم ومجروحين وغير واثقين من أنفسهم.
والشعور الكامن بالغضب أو الحقد يعبر عن شدة الإحباط والخيبة التي عانوا منها. فظمأهم نحو الحب لم يطفأ. وليس من المفاجئ إذا ما كانوا دائماً غاضبين وكانوا باردين وقاسيين مع من حولهم ويتعاملون معهم بلا رحمة، كما عوملوا وهم أطفال.
فالحاجات الأولية نحو الحماية والأمن لم تشبع هنا . وأضيف إلى ذلك رفض صريح وسوء معاملة واحتقار وغبن نفسي.
وبالتالي يحصد الوالدين في أطفالهم ما زرعوه هم بأنفسهم: أي الرفض الشديد لكل المعايير والقيم المعترف بها والامتناع المتحدي لكل ما يقدره الوالدين.
ويتصاعد الغضب والغضب المقموع إلى سورات من الغضب، وذلك عندما يغلي الدم في العروق، عندما يشتعل الإنسان غضباً، عندما يهيج ويصل درجة الانفجار ويقذف كل شيء حوله ويطير في الهواء من الغضب ويحطم ويدمر كل ما يقف في طريقه إنه يصبح كالمسعور. وسورات الغضب حسب التعريف هي عبارة عن انفعال، إنها ردة فعل مباشرة تستمر لوقت قصير على المضايقات النرجسية القادمة من الخارج.
والعدوانية اتجاه انفعالي أو معرفي يتوجه نحو شخص ما يمكن أن يشعر بها الإنسان وقد لا يلاحظها.
أما العنف بالمقابل فهو سلوك عدواني ملحوظ لا يتوانى عن إلحاق الأذى النفسي والجسمي بالآخرين، مباشرة أو غير مباشرة.
ويمكن للحنق أن يتأجج إلى غيظ أو سخط ويتفرغ في سورة غضب، وينتهي بسرعة مثلما بدأ. ومن هذه الناحية يمكنه أن يحرر الإنسان. كما ويمكن للغيظ أو السخط " المتوازن" أن يدفع الإنسان إلى وضع هدف ما أمام عينيه وأن يسعى لتحقيقه ولا ييأس من السعي نحو هدفه. غير أنه يمكن أن يأخذ شكلاً هداماً عندما يتحول إلى تدمير الآخرين.
وكلنا يعرف مدى الشر الكامن في الأشخاص المحيطين به، عندما يتحدثون عن الشخص الثالث الغائب، أي عندما يمارسون النميمة، و كلنا يعرف الهزء والسخرية اللاذعة التي يصغر من خلالها الناس بعضهم.
الكره، والثأر المرعب – الحياة الفاشلة
هناك بشر يزرعون الشر في كل مكان يدخلونه، يكرهون الجميع ويحملون الكره والحقد في قلوبهم حيث تبدو شخصيتهم كلها مملوءة بالكره.
وقلما توجد مناسبة إلا ويكون فيها نزاع وعراك أو نميمة.
والكره لا يعرف المساومة أو المهادنة. ويتمسك الكاره بحقده وكرهه بشدة ، إنه ينميه ويحافظ عليه. ويصبح عنيداً لا يمكن نقاشه أو مهادنته. إنه يجري وراء عدوه أو منافسه بكره أعمى دون كلل أو ملل. أو أنه يمتنع عنه يرفضه ويقلل من قيمته، يتركه ينتظر ويهتم بشخص آخر. وهناك شكل من الكره لا يلقى الاهتمام الكبير: فكثير من أشكال الخيانة وعدم الإخلاص هي تعبير عن الكره للآخر…الكره الكامن واللاشعوري. والكره المخفي هو في كثير من أشكاله الدافع للافتراء والمكائد والمؤامرات والخيانة. ويمكن كذلك لعدم الحفاظ على المواعيد وعدم الموثوقية العامة أن تكون تعبيراً عن الكره الكامن.
والكره ظاهرة إنسانية خاصة بالإنسان. وعلينا أن ندرك نحن كبشر أننا نكره وأنه علينا التعامل مع هذه المشاعر.
يغلب أن يتجه الكره تجاه الذات وغالباً ما تكون هذه المشاعر لا شعورية. وكره الذات هذا يمكن أن يقود إلى تحطيم الذات. ويمكن أن يتجلى هذا النوع من خلال تحطيم الممتلكات الشخصية والإسراف والتبذير وعدم الرضى الظاهر والكامن والشك بالذات والإدمانات المعروفة ( كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية بإفراط وتعاطي المخدرات…الخ ) والاكتئابات . ويشكل الانتحار قمة كره الذات حيث يتم هنا تحطيم الموضوع المكروه الذي هو الذات
كيف يمكننا التعامل مع الغضب والكره؟
ليس الهدف هو عدم الغضب أو عدم التعبير عنه. وإنما الهدف هو في تعلم التعامل معه وعدم كبته وتعلم التعبير عنه بالصورة المناسبة. فالأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم في الطفولة ولا يتعلمون كيفية التعامل مع الغضب معرضون للاضطرابات والانحرافات في المراهقة أكثر من غيرهم.
وهناك طرق كثيرة يمكن التعبير من خلالها عن مشاعر الغضب دون إلحاق الأذى بالآخرين. والمهم هنا هو فهم أسباب الغضب ومحاولة إزالتها. ويكفي في بعض الأحيان الحديث حول الأمور التي تغضب الإنسان أو التعبير عن مشاعر الظلم والإهانة التي يشعر بها الإنسان من قبل مديره مثلاً. وأحيانا يمكن التنفيس عن مشاعر الغضب من خلال الرياضة والأنشطة الترفيهية الأخرى.
ودور المربين هو تعليم الأطفال تحمل درجة أكبر من الإحباط وتعلم أن الإنسان قد لا يستطيع دائما تحقيق ما يريد وبسرعة كبيرة وتعليم الأطفال ومساعدتهم على التعبير عن مشاعر الغضب بالطريقة المناسبة والبحث دائماً عن الحلول الوسط.
أما في حالة مشاعر الكره فلا بد في البدء من التفريق بين كون الإنسان يكره شخصاً ما أو هو نفسه مكروهاً:
فعندما يكون الإنسان نفسه مكروهاً ، أي عندما يكتشف أن شخصاً ما يكرهه فهناك إمكانيتين للاستجابة: إما مناقشة الشخص أو تجنبه. والإمكانية الأولى هي الأفضل ، لأنه فقط عندما يتم النقاش ويحاول المرء إيجاد الأسباب التي أدت للكره يمكن للإنسان أن يتغلب على مشاعر الكره. ولكن ما يحدث غالباً هو عدم وجود إمكانية أخرى غير الابتعاد عن الكاره وذلك لحماية الذات وخصوصاً إذا كان هذا الكاره في موقع المسؤولية المهنية مثلاً، لأنه قد يلحق الأذى الفعلي بالشخص بدون سبب واضح.
وعندما يكون المرء نفسه هو الكاره ، أي إذا نمت مشاعر الكره تجاه شخص آخر على المرء ألاّ يكبت هذا الشعور مباشرة . ولابد في البدء من اكتشاف الأسباب والمبررات. على الإنسان أن يطرح الأسئلة التالية:
ما الذي أثار عندي مشاعر الكره؟
ما هى الإيماءات والتصرفات والكلمات التي أثارت ذلك عندي ؟
هل تبدو هذه المثيرات معروفة لي ؟
هل هناك أحداث مشابهة أثارت الكره في السابق؟
إلى أي تصرف يحاول الكره أن يقودني؟
كيف أتمكن من السيطرة على هذا الدافع
كيف سأشعر في الواقع لو كرهني شخص ما؟
وعندما يحاول المرء الإجابة عن هذه الأسئلة يمكنه اكتشاف بعض الوجوه التي يمكن أن تكون قد قادت لهذه المشاعر ومدى إسهامه هو نفسه بهذا الأمر.