الخوف العادى والشاذ :
لاحظنا من دراسة ما تقدم من مشكلات السلوك ، سواء فى ذلك التهتهة أو التبول اللاإرادى أو الحركات العصبية أو النوم المضطرب أن عاملا هاما يدخل فى أغلب أنواعها وهو عامل الخوف . ويرى كثير من المشتغلين بالعلاج النفسى أن الخوف لا يقتصر فقط على بعض عذع المشكلات ، وإنما يوجد فى كل حالات إضطراب الشخصية سواء فى ذلك حالات الكبار . فالخوف بصورة إما صريحة وإما مقنعه يظهر – بحسب رأى ألرز ( Alters ) – فى مشكلات السلوك بمختلف أنواعها .
ويرى فرويد أن الخوف أو القلق أساس جميع الحالات العصبية ، غير أن الخوف يرتبط فى رأيه بالمسائل والمواقف الجنسية وما يتعلق بها . وسواء أخذنا بهذه الأراء أو لم نأخذ فموضوع الخوف جدير بالدراسة ، لاسيما أن الخوف حالة يحسها كل إنسان فى أثناء حياته . ونعلم أنه من الطبيعى للكائن الحى – سواء فى ذلك الإنسان أو الحيوان – أن يخاف فى بعض المواقف التى تهدده بالخطر أو يصح أن تهدده به ، فإذا واجهتنى فجأة سيارة فى الطريق ، فلابد أن أشعر بالخوف ، وإذا جرى خلفى كلب كبير وهو ينبح ، فلابد أن أشعر بمثل هذا الشعور . فالخوف حالة أنفعالية داخلية طبيعية يشعر بها الإنسان فى بعض المواقف . ويسلك فيها سلوكا يبعده عاده عن مصادر الضرر . وهذا كله ينشأ عن أستعداد فطرى أو جده الخالق فى الإنسان والحيوان ، ويسمى كما قلنا غريزة . ولابد أن يكون الخالق قد أوجد هذا الإستعداد الغريزى لحكمه تتعلق بصالح الكائن الحى . فالخوف هو الذى يدفعنا لحماية أنفسنا وللمحافظة عليها . فإذا كنا لا نخاف النار مثلا فقد تحرقنا ، وإذا كنا لا نخاف الحشرات والحيوانات الضارية فقد تقتلنا ، وإذا كنا لا نخاف الجراثيم فقد تفتك بنا . وهناك كذلك الخوف من الزلل ، وخوف الإنسان على سمعته .. وما إلى ذلك . ومن الطبيعى أن تقترن الحالة الشعورية الإنفعاليه – وهى الخوف – فالسلوك الملائم وهو الخلاص من الخطر . والحالات التى يفصل فيها بين الخوف والخلاص ويكتفى فيها بالشعور الأنفعالى تعتبر حالات غير صحية .
فالخوف أمر طبيعى معقول ضرورى يؤدى إلى حماية الفرد مما يجوز أن يسبب له ضررا . وجميع الطرق الوقائية التى نتخذها لوقاية أنفسنا عوادى الطبيعية ، أو المرض أو سخط المجتمع أو غير ذلك تدل على نوع من الخوف نسميه : الحذر أو الحيطة ، ويصح أن نسميه الخوف الوقائى ، ومما لا شك فيه أنه فى درجاته المعقولة صفة طيبة يجب الأتصاف بها .
وإذا تأملنا أدركنا إن كان الخوف فى وقت ما حالة طبيعية أشاذة . وحيث أن الشاذ هو ما يشذ عن المألوف أو يخرج عنه ، فالخوف الكثير المتكرر الوقوع لأية مناسبة يكون شاذا ، وكذلك تضخم الخوف فى موقف ما تضخما خاجا عن النسبة المعقولة التى يتطلبها هذا الموقف عاده يعد أمرا شاذا . فإذا وجدنا طفلا فى السابعة يخاف هبوب الهواء ، أو يخاف الصراصير أو القطط ، أو يخاف الظلام نعد هذا أمرا غير عادى . وإذا وجدنا طفلا فى الثالثة يخاف الظلام قليلا نعد هذا أمرا عاديا ، ولكنه إذا لدرجة الفزع والجزع ، ووصل فى أنفعاله لدرجة ينقلب فيها لأتزانه فلا شك أننا نعد هذا أمرا غير عادى . فكأن تضخم الخوف فى موقف ما تضخما خارجا عن الحد المعقول ، وكذلك تكرر الخوف تكررا خارجا عما هو مألوف يعد أمرا شاذا يحتاج إلى تأمل وفحص وعلاج .
وكذلك يمكننا أن نأخذ نقيض الخوف ، فأنعدام الخوف فى شخص ما أمر غير عادى ، وهو نادر للغاية ، ويغلب أن يكون سببه قلة الإدراك . وذلك كالطفل الذى يكون فى سن الثانيه ويرى لأول مرة عقربا تجرى قد يظنها ( كما حدث بالفعل ) لعبة لطيفة يحسن إمساكها واللعب بها . والسبب قى ذلك أن الطفل لا يدرك خطر هذا الكائن المتحرك غير المألوف . وكثيرا ما يحدث أن يكون الطفل ضعيف العقل ( Mentaily Defrctive ) فيقوم بأعمال تدل على عدم إدراكه مواقف الخطر أو الضرر . ومن أمثلة ذلك أن طفلا ضعيف العقل قفز ذات مرة من الطابق الثانى فى منزلة إلى الطريق العام . ونفس هذا الطفل أصيب فى رأسه بجرح كبير سال منه دم غزير لأنه كان يلعب ويمثل خروفا وأخذ يناطح درج السلم من الحجر مرات متوالية .
نرى مما تقدم أن لدينا خوفا معقولا من حيث درجته ، ومبلغ تكرره ، وأكتمال حلقاته من أنفعال وسلوك . ولدينا خوف شاذ من هذه النواحى الثلاث . والخوف الطبيعى المعقول مفيد لسلامة الفرد . وأما ما عدا ذلك فهو ضار من مظاهرة الانكماش ، وعدم الجرأة ، والتهتهة ، وغير ذلك من الخصال المعطلة عن النمو
أنواع المخاوفات :
يقسم ( فرويد ) المخاوف إلى قسمين كبيرين : الأول ويسميه المخاوف الموضوعية أو الحقيقية : والثانى ويسميه المخاوف العامة أو غير المحددة ، والنوع الأول يرتبط فيه بموضوع معين محدد ، كالخوف من الحيوان أو من الظلام أو الموت . أو غير ذلك ، أما النوع الثانى فلا يرتبط فيه الخوف بأى موضوع – فحالة الخوف تكون كأنها هائمة ع ائمة لا تستقر على موضوع ما ، وصاحب هذه الحالة الأخيرة متشائم حزين يتوقع الشر والرعب وسوء الطالع فى أى لحظة وفى أى شئ . ويسمى فرويد هذه الحالة بأسم القلق العصبى ( Anxitey Neurosis ) :أما المخاوف الموضوعية فيقسمها فرويد إلى ثلاث مجاميع ، بحسب ما يتوقعه الشخص العادى منها من خطر .فالنوع الأول يكون فيه عنصر الخطر بارز . كالخوف من الثعابين أو من النار . والنوع الثانى فيه عنصر الخطر ، ولكن وضع هذا الخطر يرجع للصدفة المحضة ، كالخوف من السفر فى قطار أو باخرة ، أو الخوف من دخول زحام خشية أنتقال مرض أليه كالتيفوس أو الخوف من التلوث ( Musophobia ) والنوع الثالث ليس فيه عنصر الخطر إطلاقا ، كالخوف من الخنافس والصراصير ، وخوف من صعود الأماكن المرتفعة ( Acrophobia ) والخوف من السير فى مكان متسع كالميادين والحدائق ( Aggoraphpbia ) ، والخوف من الأماكن المقفلة ( Clamsrophobia ) إلى غير ذلك .
ويقسم أخرون المخاوف بحسب واقعيتها ومثير أنها إلى قسمين : أحدهما المخاوف الحسية أو الواقعية ، وثانيهما المخاوف الوهمية أو الذاتية أو غير الحسية .
مخاوف الأطفال ومصادر تكوينها :
ومن المفيد من الناحية العملية التربوية أن نقسم مخاوف الأطفال – وهى التى تهمنا – بحسب موضوعاتها إلى حسية وغير حسية . فموضوعات الأولى يمكن الطفل إدراكها بحواسه المختلفة بخلاف موضوعات الثانية ، إذ لا يمكن الطفل إدراك حقيقتها . فمن النوع الأول الخوف من ( الشحاذ أو العسكرى ) مثلا ،أو من بعض أنواع الحيوانات كالحصان أو القرد أو الصرصور أو غير ذلك . أما النوع الثانى فهو المخاوف غير الحسية كالخوف من الموت ، والخوف من جهنم ، أو العفاريت ، أو الفيلا ، أو غير ذلك . ويمكن أن يضاف الخوف من الظلام والخوف من النوم فى حالة صغار الأطفال إلى النوع الثانى . وسواء أكانت المخاوف حسية أو غير حسية فإن الطفل – شأنه كشأن غيره – يخاف على العموم من الأمور الغريبة عنه غرابة كبيرة ، ويخاف كذلك من الأمور التى ترتبط فى ذهنه برباط الخوف .
من هذا نتبين بساطة الخطة التى يمكن أتباعها للوقاية من الخوف وعلاجه ، وهى توضيح الغريب وتقريبة من إدراك الطفل ، ثم ربط مصادر الخوف بأور سارة محببة بدلا من ربطها بأمور تثير الخوف فحسب . فإن كان الطفل يخاف الكلاب مثلا فيصح أن نساعده على تربية كلب صغير فيطعمه ويتعهدة ويحميه ويلاعبه ويلاحظ نموه يوما بعد يوم ... إلى غير ذلك ، ثم يصح أن نوجه ذهنه إلى دراسة أنواع الكلاب ومزايا كل نوع وعاداته ، وأن نجمل له غرفته بصور لطيفة لهذا الحيوان . وبعبارة أخرى نجعله يدرك الكلاب وخصائصها إدراكا واضحا يربطها فى ذهنه برباط جميل وينمى أهتمامه بها وشوقة إليها . ويجب علينا كذلك أن نوقفه على مدى ما يجب أن يتبعه إزاء هذا الحيوان من حرص وإحتياط .
ومن الأمثلة الواقعية أن طفلة فى الثالثة من عمرها كانت تخاف الخيل خوفا شديدا ، وتكرر منها الخوف بدرجة تلفت النظر . وبتحليل الموقف من وجهة نظر الطفلة أمكن الظن بأنها قد لاحظت أن وسائل النقل فى مجموعها هادئة قليلة الجلبة ، أما الخيل فإنها عندما تدب بأرجلها تحدث صوتا عاليا ، فطبيعىأن تخاف الطفلة . وفى ساعة من ساعات هدوئها سألت والدتها ( لماذا يفعل الحصان هكذا ؟ ) . وبالمناقشة أتضح أن الطفلة تريد أن تعرف الصوت أو مصدره . وكانت الأم قد فهمت ما تقصده أبنتها فقالت لها ( لأنه لابس جزمه حديد ) ،فسألت البنت ( ولماذا يلبس الجزمة الحديد ؟ ) فقالت لها ( لتحفظ أرجلة ) ، وحدث بعد ذلك أن ركبت البنت مركبات تجرها الخيل وكانت تنصت لصوت ( الجزمة الحديد ) ، ثم أبدت رغبتها فى رؤية ( جزمه الحصان ) . ورأتها بالفعل ، وكان هذا مصدر سرور عظيم لها . ثم ظلت مدة تقلد حركة الخيل وتقلد أصواتها . وأصبح ركوب المركبات ، ورؤية الخيل ، والإقتراب منها ، أمورا محببة إلى نفسها . وأدت هذه الطريقة إلى زوال عنصر الغرابة ، وربط الموضوع فى ذهن الطفلة برباط الإهتمام والشوق واللذة . هذه الحالة عادية يعرض مثلها كثير للأباء وتبين منها كيف أن خوفا نراه بسيطا ربما يكون مؤلما للطفل ، والإحتمال كبير فى أنه قد يرسخ ويقوى بسوء التوجيه ، ومع ذلك يمكن بسهولة محوه وتحويله إلى مصدر تعليمى قيم للطفل نفسه .
وبهذه المناسبة أشير إلى أن بعض الأباء أو بعض الخدم يكتشفون غالبا خوف الطفل من أمر معين كالحصان أو الكلب أو القرد ، ويستغلونه أما لتسليتهم الخاصة أو لدفع الطفل للقيام بعمل معين ، أو الأحجام عن عمل أخر . أما تخويف الأبناء للضحك والتسلية من جانب الكبار فهذا أمر متكرر الوقوع ، فخوف الطفل من القرد مثلا قد يكون مثار للضحك عند الكبار من إخوة وخدم وأحيانا من الأباء أنفسهم وما دام الأنر مصدر للضحك والتسلية فلا غرابة أن يندفع بعض الكبار فيه لسرورهم الخاص على حساب تألم الصغار وأنزعاجهم . وليس هناك أقسى من أن يجلس الوالد أمام أبنه ويثير خوفه ، والولد يصرخ والوالد يضحك . ومن المحتمل جدا أن يكون لتكرار مثل هذه المواقف نتائجها السيئة من حيث علاقة الطفل بوالده ، وفى شخصية الطفل وفى سلوكه بوجه عام .
ومما يقوى الخوف فى نفوس الأطفال أستثارة لحفظ النظام أو لدفع الطفل لعمل معين ، أو منعه من القيام باللعب أو غير ذلك فكثيرا ما يخوف الطفل ليقلع عن اللعب والحركة ليهدأ جو المنزل حتى يتمكن الوالد مثلا من النوم ، أو تركيز أنتباهه فيما يشغله . وفرق بين أن يقلع الولد عن لعبة ونشاطه خوفا من العقاب : وأن يفعل ذلك ليؤدى خدمه لوالده . وما دام المقصود هو هدوء الجو ، فيمكن توجيه الطفل للعب فى مكان أخر ، أو لنوع من اللعب أكثر هدوءا أو غير ذلك . والمهم أن يكون هناك تفاهم مع الطفل . وقد لا يظن أن الصغير لا يدرك المقصود فى مثل هذه المواقف ، والواقع أنه يدرك أكثر مما نظن . ويرى بعض بعض الأباء والمدرسين أن أساليب التخويف والعقاب تنجح دائما أكثر من أساليب التفاهم فى الحصول على سلوك طيب من الأطفال . ولكن ليست العبرة بالسلوك الطيب وإنما العبرة بالسلوك الدائم الذى يستمر مع الشخص طول حياته بعد أنفصاله عن المنزل وعن مدرسته . والعبرة كذلك بالسلوك التلقائى المقصود لذاته ، وليست بالسلوك الذى يؤتى خوفا من عقاب الوالدين أو المدرسين وتوبيخهم .
وكثيرا ما يهدى الطفل الصغير فى مثل الأحوال التى أشرنا إليها بأن يقال له : ( إذا لم تكف عن كيت وكيت فسيأخذك العسكرى أو الشحاذ أو الزبال أو القرد ، أو سنضعك فى الغرفة المملوءة بالفئران ) وتكون النتيجة أحد أمرين : إما أن الطفل لا يقلع عما يفعل ، ولا توقع عليه العقاب ، فيكتشف بذلك ضعف الوالدين وعدم تحقيقهم لوعيدهم ، ويدرك مبلغ قوته عليهم تبعا لذلك ، وإما أن يصدع بالأمر ، ويهدأ ، ويشل نشاطه ، ويشب جبانا خضوعا أسير سبب معقول . والنتيجة وبال فى كلتا الحالتين .
وقد قال لى طفل جرئ ذات مرة : ( لقد حبستنى المدرسة فى غرفة الفئران ) فدهشت وقلت له : ( إذن ستقلع عما فعلت ) . فضحك وقال : ( لا ، لأنى عندما حبست قتلت جميع الفئران ، ولا مانع عندى من أن أحبس فى الغرفة مرة أخرى ) ويبين هذا المثال مبلغ إحترام الطفل الجرئ . لهذا النوع من أساليب حفظ النظام ، ومبلغ استعداده للتمادى فى عبثه . وهذه النتيجة التى يكشف فيها الطفل خطأ من حوله من الكبار ، ويواجه فيها المواقف مواجهه صريحة جريئة – رغم ما فيها مما لا يروق أصحاب الأساليب التقليدية للتربية – خير من النتيجة الأخرى ، وهى الجبن و الإنكماش ، وضعف الشخصية .
ومن أخطاء الأباء المعروفة أنهم لاستثارة الخوف فى أبنائهم قد يربطونهم بأمر لم يقصد به أن يكون مخيفا ، وإنما قصد به أن يكون مقيدا ، فالطيب مثلا وهو إنسان يقوم بخدمات إنسانية و إجتماعيه مفيدة لمن يتصل به يستعمل أسمه فى كثير من الأحيان أداة للتخويف ، وكذلك الدواء والشرطى والمعلم والمدرسة ، وهذه الموضوعات المختلفة التى يجب أن ترتبط فى ذهن الطفل بفائدتها وقيمتها الحقيقية . تستعمل أحيانا – كما قلنا – وسائل للعقاب أو لاستثارة الخوف فينقلب معناها فى ذهن الطفل فتصبح مصدر خوف له ، وتقل مقدرته على الإستفادة منها ، فأحيانا يعاقب الطفل بأن يرغم على النوم ، أو المذاكرة ، أو بأن يعطى دواء ، توضع فى عينية قطرة ، أو ما شابة ذلك . هذه كلها أشياء يجب أن تكون محببة للأطفال وأن يربوا على الإقبال عليها من تلقاء أنفسهم ، ولا يجوز أن تصبح رموزا للأرهاب ووسائل للتخويف والعقاب .
ولعل أشد مثيرات الخوف ذات الأثر الثابت هى خوف الأباء أنفسهم ، فحالات الخوف كغيرها من الحالات الإنفعالية تنتقل من فرد إلى أخر بالتأثير . وهذا ما سبق أن سميناه المشاركة الوجدانية . ويدخل معها فى حالة صدور الخوف من شخص كبير عامل أخر وهو عامل الإيحاء . ومن الأمثلة التى توضح ذلك أن معلمه كانت تلقى درسا فى روضة من رياض الأطفال عن الضفدعة ، وكانت هى تخاف الضفادع ، ولكنها تشجعت وأخذت معها ضفدعة فى صندوق صغير ، ولما فتحته قفزت الضفدعة ففزعت المعلمة وصرخت فصرخ كثير من الأولاد ، ورفض معظمهم بعد ذلك أن يقربوا الضفادع . هذه حالة خوف أنتقلت إلى الأطفال عن طريق التأثير ، فحالة الفزع إنتقلت إلى الأطفال بفعل المشاركة الوجدانية ، وبفعل إتجاه سلوك شخص له مكانته فى نظر الأطفال ، وأنتقلت معها فكرة أن الضفدع حيوان مخيف .
وكثيرا ما يحدث أن يبدى بعض الأباء والأمهات خوفا وقلقا على أبنائهم ، وتنتقل هذه الحالة عاده إلى الأبناء فيصبحون بذلك قلقين على أنفسهم فإذا جرح الطفل جرحا صغيرا ، أو وقع على الأرض ، أو أرتفعت درجة حرارته تجد الأم تذعر وتظهر – بسخاء شديد – كل علامات الخوف من جرى وإرتباك وأصفرار الوحه وغير ذلك ينتج عن هذا أن الطفل نفسه يذعر ، وبعد أن كان لا يشعر بأى ألم أو بألم قليل يمكنه تحمله ، يصير عاده قادر على تحمل الألم وفى العاده نجد الأسرة التى يقلق فيها الأباء على أبنائهم ينمو الطفل فيها وهو سريع التأثر . شديد الحساسية لأقل ألم ، شديد الأهتمام بنفسه ، فإذا أصابه جرح صغير تألم وبكى وبالغ فى الأهتمام به ، وإذا أصابه صداع خفيف أعتكف ، وإذا شعر بإرتفاع فى درجة حرارة نطر إلى وجهه فى المرأة ليرى مبلغ صفرة لونه ،تأمل لسانه ليرى ما قد يكون عليه من علامات ، وجس نبضة ، وقاس درجة حرارة . وبهذه الطريقة يتضاعف مظهر المرض الخفيف الذى قد يكون لدية ونجد عاده أن أسرا بمجموعها من هذا النوع تكون عاده سريعة التأثر ، كثيرة المرض ، وأفرادها مفرطون فى العناية بأنفسهم . ويغلب أن يكون هذا هو نوع الجو الذى تتكون فيه حالات الرعب من المرض ( Hypochonbria ) .
وأعرف طفلا نشأ هذه النشأة بكى بكاء شديداً فى يوم ما وجرى إلى أمه يقول لها إن رجله قد جرحت . فنظرت الأم إلى الجرح المزعوم ، فإذا به لون أحمر وليس بجرح . وسببه أن الطفل كان يلبس جوربا جديداً أحمر اللون وإبتل بالماء فترك أثراً أحمر على ساقه . فإذا لم يكن هناك جرح ولا ألم فمن أين ينشأ الخوف والتألم ولماذا الصراخ ؟ نشأ هذا من أن الطفل شديد الخوف على نفسه ، لأن من حوله شديد والخوف عليه . وهناك من هذا النوع أمثلة واقعية كثيرة منها أن فتاة أحمر زراعيها وسبب هذا الأحمرار زعراً شديداً . وفكرت بسببه فيما قد يتبع هذا الأحمرار من نتائج غير محمودة . هذا مع العلم أن السبب الحقيقى بسيط للغاية ، وهو جلوسها فى الشمس لفترة طويلة . وحتى عندما ذكر لها ذلك لم يزل خوفها وظلت قلقة يومين كاملين حتى زال أثر الشمس زوالاً تاماً . نشأت هذه الفتاة على نوع الجو الذى نحن بصدده . وفى العادة نجد الخوف من الألام الجسمانية ، والخوف من الأمراض ، والتعرض فى الكثير من الحالات للأمراض " الهستيرية "ويمركز المرء حول نفسه ، وخوفه عليها من كل طارىء خارجى . سببه إمتلاء الجو المنزلى بالقلق والخوف على من فيه . ومن المهم أن نتذكر أن الخوف على من فى المنزل يكون فى المادة إسقاطاً للخوف على الذات .
فلتكن إذن خدمة الآباء والأمهات إذا أصاب أبناءهم شىء ما ان يكونوا عمليين فليتزموا الهدوء ، ويضبطوا إنفعالاتهم ويقللوا من جزعهم .ومن كل ما يركز إنتباه الطفل على ما أصابه من مرض أو غير ذلك وليقوموا بعمل إيجابى هادىء لتخفيف الأصابة وعلاجها .
ومما يساعد على إثارة الخوف عند الأطفال تشاجر الكبار ، كتشاجر الأب والأم أو كثثرة صخبة الأب وغضبه . ولهذا كله تأثير سيىء لأنه قد يزعزع ثقة الطفل بوالديه ، وكثير من حالات الأضطرابات العصبى فى الكبر تنشأ من تزعزع ثقة الطفل بالعلاقات التى بين والديه .
وهناك نوع من الخوف فى غاية الخطورة من المسائل المجهولة غير الحقيقية أو التى لا يمكن للطفل إدراكها أدراكاً حسياً ، كالغول وجهنم والموت . والخوف من مثل هذه الأمور يكون عادة أعمق أثراً فى حياة الطفل من الخوف من المحسوسات . والواجب هو عدم إثارتها إطلاقاً وإذا كانت موجودة فيجب البحث عن سبب تكوينها ، وإزالتها من أساسها ، مع شرح حقيقتها قدر الأمكان بما يلائم عقل الطفل ، أو السماح له على الأقل بالتحدث فيها وعدم كبتها بإعطاء الموقف الصحيح إزاءها .
الخوف من الموت :
ومن أمثلة هذا النوع الخوف من الموت . ويصاب كثير من الأطفال به بدرجات مختلفة، ويكون سببه أحياناً أن يعيش الطفل مع كبار يخاف أحدهم الموت بشكل بارز ، وقد يكون سببه أن يموت للطفل قريب أو رفيق له به صلة شديدة . والسبب الأصلى لهذا أن موت القريب المهم يهز فى الطفل ثقته فى بيئته التى يحتمى بها وينتمى إليها هزاً عنيفاً ، فتصبح دنياه فى نظره خلواً من الأمن . فكما ماتت جدته مثلاً يصح أن يموت أبوه أو أن تموت أمه فى أى لحظة . أى أن بيئته تصبح خلواً من القاعدة الثابتة مضطربة ، أو عرضة للأضطراب والأنقلاب . وهذا يؤدى إلى إضطرابه . وهناك سبب أصلى آخر هو : أن موت القريب يهز ثقته فى نفسه فيشعر أن يصح أن يموت هو فى أى لحظة . والسبب الثالث هو أن الموت ظاهرة غريبة غامضة فى ذاتها ، وليس من السهل على الطفل بل على الكثير أن يتصور نفسه فى حالة الموت ، أو فيما يحدث لجثته بعد الموت رغم معرفته الأكيدة . ولهذا يطرد الناس هذه الفكرة عن أذهانهم ، بل لا يدخلونها فى غالب الأحيان .ومن أهم أسباب خوف الأطفال من الموت ما يحاط به الموت مما يأتيه الكبار عادة من بكاء فردى وجمعى وغير ذلك مما تقضى به بعض التقاليد ، فخوف الأطفال من الموت ليس كله خوفاً طبيعياً وإنما أغلبه مشتق من خوف الكبار وسلوكهم إزاءه .
وللحصول على بعض الوقاية للأطفال من هذا النوع من الخوف ، يحسن أن يكون بالمنزل أو فى خبرة الطفل المتكررة بعض الحيوانات. ولابد أن يموت بعض هذه الحيوانات فيدك الطفل الموت بذلك إدراكاً طبيعياً هادئاً . خاليا مما يحيط بموت الإنسان عادة من إنفعالات ،ويحدث أن يسمع الطفل بوفاة جار ليس له به قرابة فيسأل والدته أسئلة عن الموت ومعناه وميعاد حدوثه ...إلخ، ويندفع إلى السؤال بدافع الرغبة فى الأطمئنان وهذه فرصة ذهبية للتحدث الهادىء مع الطفل عن الموت ، لأن الخوف من الموت يكون أسوأ أثراً إذا كانت الخبرات الأولى بالموت ترتبط فى ذهن الطفل بصدمة شديدة حادة تتعلق بقريب أو عزيز . ويحسن – قدر الأمكان – إلا يحاط الموت به من تقاليد تثير فى الأطفال رعباً شديداً دون أن تدرك ذلك غالباً . وإذا لم يكن هناك بد من متابعة هذه التقاليد ، فيحسن إبعاد الطفل عن جوها إلى أن تنتهى .على أنه من الخطأ الفاحش ، إذا مات للطفل قريب محاولة التموية عليه وعدم إيقافه على الحقيقة بمختلف الأساليب ، وذلك لأن التموية والتغيير الفجائى يكونان مصحوبين بجو غير عادى يثير شكوك الطفل وحيرته . والحيرة أشد أثراً فى نفس الطفل من الصدمة الناشئة عن المواجهة المؤلمة للواقع .
الخوف من الظلام :
يمكن أن يكون خوف الأطفال من الظلام أمراً طبيعياً ، كما يمكن أن يكون غير طبيعى . ويجب أن يتجه العلاج منه بتعويد الطفل على النوم فى الظلام ، وألا يكون بتعويده النوم فى مكان مضاء . وخوف الطفل من الظلام يكون عادة لأرتباط الظلام فى ذهنه بالعفاريت أو ما شابهها مما يثيره الكبار . ولكن قد يكون الخوف من الظلام ز كما قلنا طبيعياً . وذلك لأن الطفل فى صغره له خيال قوى وخبرة ضئيلة ، ولأن الظلام نفسه يساعد على ظهور الخيالات والأشباح . فالظلام فى ذاته لا يثير خوفاً غريزياً فطرياً ولإنما يخيف لما يستثيره فى الأطفال عادة بطبيعته من عناصر مخيفة ، وذلك لأنه إن كان الظلم حالكاً فإنه يكون فى إدراكه مجرداً من الحدود والنهايات . وإن كان الظلام جزئياً فإن ما به من مرئيات يسهل أن تتحول فى نظر الطفل إلى أشباح غريبة .
وإذا كان لدينا طفل يخاف الظلام فيمكن أن ينام فى غرفة بها ضوء ، ويقلل الضوء ليلة بعد أخرى ، ولا مانع من أن يحتفظ بمصباح " سهارى"ولا مانع من " بطارية " يحفظها تحت وسادته ليضىء بها إذا شعر بالحاجة إلى ذلك ، ثم يفهم الطفل بالدليل المحسوس وبالمناقشة أن الظلام لا يدعو إلى كل هذا الخوف .
ومن أهم العوامل التى تساعد على زوال الخوف من الظلام أن يكون الكبار أنفسهم ممن لا يخافون الظلام .ويصح ألا يعود اطفل الظلام فجأة ، وإنما يعود بالتدريج . ويجب أن يراعى لوقاية الطفل وعلاجه من الخوف من الظلام نوع القصص التى تحكى له قبل النوم مباشرة ، فيجب أن تنتقى بحيث تخلو بقدر الإمكان من عناصر الأزعاج ، ويجب كذلك أن تمتنع إستثارة الخوف عند الأطفال وهم فى الظلام ، لأن مجال الظلام يصعب على الأطفال تحديد موقفهم فيه ، خصوصاً إذا إضطربوا .
القلق والخوف العام :
ونلاحظ فى بعض الناس قلقاً أو خوفا عاما ، فنجد شخصا يخاف أى نوع من المخاطرة ويخشى مقالة من لا يعرف ، ويخشى التكلم فى مجتمع ، ويخاف الإمتحان ، وهو يشك فى مقدرة نفسه فى كل خطوة من خطوات حياته .
وإذا درسنا حياة هذا النوع من الناس – وهو موجود بدرجات مختلفة – نجد أن من حوله من الكبار كانوا يحذرونه بإستمرار أو ينتقدوه بإستمرار أو يتبعون معه غير ذلك من الأساليب المسببة للقلق ، وليس معنى هذا أن التحذير المستمر أو النقد المستمر لا يؤدى إلى القلق . وإنما يحتمل أن يؤدى إليه أو إلى نقيده . فهو إما أن يضعف ثقة المرء بنفسه . أو ثقته بالناس فيقف منهم موف التحدى .
واجب الآباء إزاء مواقف الخوف :
ومن القواعد الوقائية الهامة التى يجب أن تراعى أنه إذا حدث لطفل ما حادثة مزعجة فلا يجوز أن تترك الطفل ينساها لأنه ينساها غالباً بفعل الكبت ، وبذلك تصير فى حالة لا شعورية ، ولكن أثرها لا ينتهى إذ يحتمل أن تصير مصدراً للإضطرابات النفسية . وقد حدث أن طفلا صرخ صراخاً شديداً للغاية ، كله ذعر وخوف ، وظهر أن السبب فى ذلك أنه قد رأى قطة تأكل أولادها . هذا الحادث ربما كان يترك أثر دائماً فى نفس الطفل لولا أن حوله عالجوا المسألة بكثير من الحكمة . وكان من أسألة التى سألها فى ذلك الوقت : " هل كل أم تأكل أولادها ؟ " والظاهر أن الطفل خيل إليه أنه كما أن القطة الكبيرة اكلت أولادها ، فمن المحتمل ألا يكون هناك ما يمنع من أن الأم البشرية تأكل أيضاً أولادها . وعلى ذلك فقد تأكله أمه فى يوم من الأيام ، ولكن أفهمه من حوله إذ ذاك أن القطة الشرسة فقط هى التى تأكل أولادها . ثم أن الموضوع لم يترك لينسى، بل كان من حوله يتحثون معه فيه من آن لآخر ، ويطلبون منه أن يصف طريقة القطة عند أكلها أولادها إلى غير ذلك من التعليقات حول الحادث.
وكان من المحتمل ان يقوم الكبار المحيطون بالطفل بالأستهزاء من خوفه من الحادث التافه فى نظرهم ، ويضحكون على سؤاله ، أو يجيبونه كذباً بأن كل أم تأكل أولادها إلى غير ذلك ، مما يثبت آثار الخوف فى نفسه .
ومن أهم القواعد التى يجب توكيدها أن الخوف ينتقل بالإيحاء والمشاركة الوجدانية ولنتذكر أن إيحاء السلوك أقوى من إحياء الألفاظ . فإذا أردت لأطفالك إلا يخافوا الدواء مثلا ، فلا معنى لأن تظهر علامات التألم وأنت تأخذا الدواء ، أو فى الوقت الذى تعطى فيه الطفل الدواء ثم تطلب منه التجلد إزاءه . وعلينا أن نتذكر فى مثل هذه المواقف ما يحسه الأطفال من نشوة عند التغلب على الخوف .
وعلى الآباء أن يتذكروا كذلك أن أغلب إخطائنا فى تربية الطفل سببها أن المرء ينسى ما كان فيه من عالم الطفولة بسرعة وسهولة . فعالم الأطفال عالم دقيق الحس سريع التأثير ، شديد الأنفعال ، قليل الأدراك ، ضئيل الخبرة . وهذه من أهم العوامل التى تسهل احتمال نمو الخوف بصورة غير سوية .
ضعف الثقة بالنفس :
ويرتبط بموضوع الخوف ارتباطاً شديداً صفة كثيرة الشيوع وهى ضعف الروح الأستقلالية فى الأفراد . ويكون هذا دالا فى الغالب على فقد الأمن أو وجود الخوف . ومن مظاهر هذا الضعف التردد ، وإنعقاد اللسان فى المجتمعات والتهتهة واللجلجة والأنكماش ، والخجل وعدم القدرة على التفكير المستقل وعدم الجرأة ، وتوقع الشر وزيادة الخوف وشدة الحرص ، وتضييع الوقت بعمل ألف حساب لكل أمر صغيراً كان أم كبيراً . قبل البدء فيه حتى لا يخرج منحرفاً قيد شعرة عن الكمال ومن الغريب أن من مظاهره كذلك التهاون والأستهتار وسوء السلوك والإجرام .
وهذه الصفات كلها يجمعها أو يجمع ما ورائها ما يسميه الناس عادة الشعور بالنقص أو ضعف الثقة بالنفس أو جبناً .. ولا شك فى أن هذه الخصلة الهدامة للرقى المفككة الشخصية ، إنما تتكون عادة فى السنوات الأولى من حياة الطفل ، ويغرسها فى نفسه أعز الناس إليه وأقربهم إلى قلبه وهم الوالدان .
الثقة عند الطفل الصغير :
وأول ما نلاحظه ان الطفل الصغير العادى يعيش عادة فى جو كله أمن وأطمئنان . فحاجات الطفل كلها مشبعةورغباته مجابة . فإذا صرخ فإن الأم تهرع إليه لترضعه ، أو لتغيير له الملابس أو لتدفئه فى حالة البرودة . إلى غير ذلك مما يحتاج إليه . فالطفل الصغير عادة لا يرفض له طلب ، ولذا نجده يبدو كأنه يتحكم فى دنياه ، فهو يأمر ويصرخ ولا يصبر حتى تحضر له أمه فى تأن وهدوء ، وإنما يرفس ويصرخ بعنف وإلحاح إلى أن يجاب طلبه ، فكأن نفس الطفل يشعر بشىء كثير من الأطمئنان إلى من حوله والثقة بهم ، وكأنه يشعر شعوراً ضمنياً بأن من السلم به ألا يرفض له طلب بحال من الأحوال .
ولكن يلاحظ أن الطفل قرب السنة الثانية يتعلم المشى والكلام ، ويزداد نشاطه وتكثر حركته ، ويكون مملوءا ثقة بنفسه وتزداد رغبته فى اللعب والصياح والحركة ، ويتضاعف شوقة للمس الأشياء وفحصها . وهو لا يعرف منعا ولا زجراً . ولكن إزدياد النشاط عنده لا يجد من الكبار عادة تشجيعاً ولا قبولاً . فالحركة واللعب ولمس الأشياء وفحصها . خصوصاً إذا كانت ما يملكه الكبار وكلما فعل ما لا يروقهم زجروه . والمنع والضرب والزجر وما إلى ذلك كلها أمور جديدة بالنسبة للطفل فى هذه السن ، فلم يكن يألف منها شيئاً من قبل ، ولم يكن يعرف غير السعادة ، والرضا والطمأنينة ، وأما الآن فهذا كله يقل أو ينعدم ويحل محله اضطراب نفسى ، وقلق داخلى وشعور بفقد السند وفقد ما كان عنده من قوة يسخر بها من حوله لقضاء مصالحه وإجابة مطالبه .
فكأن هذا الأنتقال الفجائى فى المعاملة . وهو يحدث عادة حوالى السنة الثانية من حياة الطفل ، ويحدث دون قصد سىء من الوالدين ، بل قد يحدث وفيه قصد التوجيه والتأديب والتربية ،هو الذى ينقل الطفل من الأمتلاء بالثقة إلى فقدها ، ومن الإيمان بالقوة الشخصية إلى التشكك فى وجودها . فيجب أن تكون القاعدة الأساسية أن الأنتقال فى المعاملة من السنتين الأوليين إلى ما بعدهما – بنوع خاص – يجب أن يكون إنتقالا تدريجياً ، وأن يعطى الطفل الفرص الكافية لتصريف ما عنده من النشاط فى جو تتوافر فيه العوامل المحققة لحاجات الطفل النفسية من تقدير وعطف ونجاح وحرية وتوجيه وشعور بالأمن والأستقرار .
مظاهر ضعف الثقة بالنفس :
من مظاهر ضعف الثقة بالنفس الجبن والأنكماش ، والتردد ، وتوقع الشر ، وعدم الأهتمام بالعمل ، والخوف منه ، وإتهام الظروف عند الأخفاق فيه . وأحياناً يكون من مظاهره التشدد والمبالغة فى الرغبة فى الإتقان للوصول إلى درجة الكمال . وهذا الأندفاع للكمال يدل عادة على ما تحته من خوف من نقد الآخرين . ومن مظاهره كذلك أحلام اليقظة ، وسوء السلوك والمبالغة فى اتظاهر بطيب الخلق والحالات العصبية والمرضية كالتهتهة والتبول وبعض حالات الشلل وغير ذلك . معنى هذا أن ضعف الثقة بالنفس . مع إختلاف العوامل التى تؤدى إلى ظهوره قد يؤدى إلى أساليب تعويضية كالنقد والسخرية والتحكم والتقنع بالوقار المصطنع وما إلى ذلك . وقد تظهر هذه الأساليب السلوكية بنوعيها فى صورة مرضية .