يرى معلم الرياضيات الأمريكي باول لوكارت أن الكثير من الناس يخلطون بين مادة (الرياضيات) وبين (الحساب)، مؤكدا أن عمليات الجمع والطرح والقسمة والضرب، لا تمثل إلا جزءًا صغيرًا من هذه المادة، ويقول إن مادة الرياضيات تعتمد على القدرة على التفكير الإبداعي، وأنها عبارة عن «مغامرة كبرى في العقل البشري».
ويذكر المعلم الذي يعمل في مدرسة بحي بروكلين في مدينة نيويورك، أن أصدقاءه وزملاءه لا يصدقون أنه كان في صغره، يقضي وقت فراغه في حل المسائل الرياضية، ويبرر دهشتهم بأنهم يتخيلون أنه كان يمسك كتابًا مدرسيًا، ويفتش عن التدريبات ليحلها، لكن الأمر بالنسبة له مختلف عن ذلك تمامًا، لأنه كان يبحث عن تدريبات المشاركين في (أولمبياد الرياضيات) ويقوم بحلها.
وجدير بالذكر أن هذا الأولمبياد هو أول أولمبياد علمي في العالم، ويقام منذ عام 1959م، وتشارك فيه كل دولة بستة طلاب فقط، ويجيب المشاركون على اختبارين، في كل اختبار ثلاثة أسئلة في فروع الرياضيات المختلفة.
ويوضح لوكارت أن الأمر الممتع في مادة الرياضيات هو قدرة الطالب على التوصل إلى حل لمعضلة تبدو في البداية غير قابلة للحل، ويعرب عن أسفه لأن تدريس مادة الرياضيات في المدارس يقتل روح الإبداع لدى الطالب، إذ لا يكتفي المعلم بشرح النظريات الرياضية فحسب، بل يفرض على الطالب طريقة واحدة في الحل، ولا يسمح له بالعمل على الابتكار، واستخدام خطوات مختلفة في الحل، حتى ولو توصل إلى الإجابة الصحيحة.
وأضاف المعلم الأمريكي أن طرق التدريس التقليدية لمادة الرياضيات تعتمد على الحفظ، والتدريب على الطريقة التي يمليها المعلم على طلابه، بحيث إذا جاء الاختبار بتدريبات مختلفة عما تدرب عليه، فشل الطالب في الحل، لأنه اعتمد على الحفظ والتقليد، ولم يتعلم كيفية التوصل للنتيجة بنفسه، وهو الأمر الذي يعتبره لوكارت «إزهاقًا لروح الرياضيات».
وفي نظرة مختلفة لهذه المادة يقول المعلم الأمريكي: إن مادة الرياضيات عبارة عن «فن لا يقل جمالًا عن الموسيقى أو الرسم»، ويضيف قائلا: «من يدرك حقيقة الرياضيات يجد في كل مسألة رياضية جيدة، الكثير من الجمال والوضوح، والإنسان المتخصص في الرياضيات ليس محاسبًا، بل هو شاعر حالم يفيض إبداعًا وخيالًا، وهو مغامر يجرب طريقة تلو الأخرى، حتى إذا ما وصل إلى الحل شعر بسعادة بالغة، لأنه اكتشف الطريق بنفسه وبالاستعانة بقدرته على التفكير بمفرده، وهذا أروع ما في الرياضيات».