قررت مدرسة كاثوليكية بريطانية تعيين خبيرة تجميل لتعليم الفتيات كيفية استخدام الماكياج، وكيفية اختيار الملابس المتناسقة من حيث الألوان والتصميمات، لكن هذا (المشروع التجريبي)، أدى إلى عاصفة من الغضب بين أولياء الأمور وكثير من الجمعيات والمنظمات التربوية.
بدأت القصة عندما قدمت طالبات في الرابعة عشرة من عمرهن، -أي ما يعادل الصف الثاني المتوسط، طلبًا لإدارة المدرسة بحاجتهن إلى من يعلمهن كيفية تزيين أنفسهن بطريقة متخصصة، حتى لا تتعرض بشرتهن للأذى، ولا يتبادلن معلومات غير صحيحة، على أن يكون ذلك خارج أوقات الدوام، مثل الكثير من الأنشطة التي تقدمها المدرسة.
اقتنعت إدارة المدرسة بهذا المطلب، خاصة أن الفتيات أوضحن في طلبهن أنهن يعتقدن أن إتقان مهارات التجميل والأناقة سوف يرفع من ثقتهن بأنفسهن، ويساعدهن في الحصول على فرص عمل في العطلات المدرسية، لأن المدرسة تطالبهن بتأدية تدريب عملي في إحدى الشركات لاكتساب مهارات عملية.
قامت 20 طالبة بتسجيل أنفسهن في هذه الدورة، وحصلت المدرسة من أولياء الأمور على الموافقة على بقاء الفتيات بعد نهاية الدوام مرة واحدة أسبوعيًا، وقامت بتعيين أخصائية تجميل، وواظبت الفتيات على الحضور، لكن الخبر انتشر بسرعة، ووصل الأمر إلى وسائل الإعلام.
تساءل المعلقون في الصحف البريطانية عما إذا كان الجدول الدراسي، سيتغير من حصص الرياضيات والكيمياء والاجتماعيات والتربية الدينية إلى العناية بالبشرة، وتطويل الرموش وتكثيف الحواجب، واختيار أحمر الشفاه المناسب وآخر صيحات الموضة.
أما جمعية الأسرة والتربية فقد انتقدت بشدة هذه المبادرة، معتبرة أنها انتكاسة لتعليم البنات، لأنها تعيد المجتمع إلى الستينيات، حين كانت مناهج البنات تركز على جنسهن، وليس على عقولهن، وصرحت متحدثة باسم الجمعية في حديث لصحيفة (ميرور) البريطانية، «إن الأهل يرسلون بناتهن إلى المدرسة ليحصلن على تعليم محترم، ودراسة علمية مفيدة، أما أمور التجميل فإن كان لابد منها، فإنها من مهام الأسرة».
من جانبهم أعرب أولياء الأمور عن الاستياء الشديد، لأن إدارة مدرسة ماونت سانت ماري الكاثوليكية لم تبلغهن في الخطاب الموجه إليهم عما ستتعلمه بناتهن في هذه (الدورة) التي تقام بعد نهاية الدوام، ولا يقلل من الخطأ أن المبادرة جاءت من الفتيات، لأن في ذلك تواطؤا من إدارة المدرسة معهن، بدلاً من قيامها بدور المرشد التربوي.
السيدة سوي كارليشيو نائبة مديرة المدرسة، ترى أن الانتقادات الموجهة إلى المدرسة مبالغ فيها، وصرحت أمام وسائل الإعلام بأنها مازالت مؤمنة بصحة قرار إدارة المدرسة، في التواصل مع الفتيات وتلبية رغباتهن، طالما أن ذلك لا يكون على حساب الوقت المخصص للدراسة، ويساعدهن على تجنب أضرار يمكن أن تلحق بهن من المعلومات الخاطئة المتداولة بينهن.
وأوضحت كارليشيو أنها تقوم بتدريس مادة الرياضيات، وتعرف يقينًا أن الطالبة لا تستطيع أن تحل مسائل مادة الهندسة، قبل أن تتعلم الأسس العلمية لهذه المادة، وبعد تعلم القاعدة الرياضية، يجب أن تكون هناك تدريبات، وبعدها تستطيع الطالبة القيام بحل المسائل بمفردها، ثم تساءلت: «ألا يسري الأمر نفسه على تزيين الفتاة لنفسها؟».