بقلم : أسامة أمين
العمل كفريق واحد، أو ما يعرف باسم (تيم وورك)، هو الوسيلة الوحيدة، لتحقيق ضعف النتائج الإيجابية، بنصف الجهود المبذولة، لأن أفراد الفريق يوحِّدون جهودهم، ويوفقون بين كفاءاتهم ومواهبهم، ويسيرون في اتجاه واحد، لتحقيق هدف مشترك، يتناسى كل واحد منهم (الأنا)، ويتحدثون دوما باستخدام (نحن). الهدف المشترك اتفقوا عليه جميعا، وخطة العمل، وضعوها سويا، والمسؤولية يحملونها بالتساوي بينهم. فهل يصلح هذا النموذج للتطبيق في مدارسنا ومؤسساتنا؟ أم أنه نموذج غربي لا يتفق مع الشخصية العربية؟ السطور التالية تسعى للإجابة عن هذا السؤال.
لا يمكن إطلاق مصطلح (فريق العمل) على أي مجموعة من الموظفين الذين يعملون معا، لأن الشكل التقليدي هو وجود رئيس، له صلاحيات واسعة، هو صاحب القرار في الكثير من الأمور، ومن يعمل معه من الموظفين، يأتمر بأمره، ويعمل بتوجيهاته، فهذا الموظف لا يملك الصلاحيات، ومن ثم لا يتحمل المسؤولية، ليس مطلوبا منه أن يحدد الأهداف، ولا أن يضع الخطط لتحقيق هذه الأهداف، ولا أن يسهم في التعرف على العقبات والتخلص منها، يمكن أن يجتهد ويبدع، بشرط أن يكون ذلك في الإطار المرسوم له «من فوق».
أما فريق العمل فهيكل مختلف تماما، الرئيس ليس له وجود فيه، بل هناك مشرف على الفريق، دوره يتركز على توفير أفضل الظروف المناسبة، ليتمكن أفراد الفريق من العمل بأنفسهم، وفي إطار من الابتكار والمبادرة الذاتية، هذا المشرف ليس «فوق الفريق»، بل هو بينهم وفي وسطهم، هو فرد منهم، ربما يكون بمنزلة القدوة، لا يطالبهم بما لا يلتزم به، ولا يفعل ما ينهاهم عنه.
ويمكن إجمال الاختلافات بين الهياكل التقليدية وبين مجموعات العمل، في أن الأولى تعتمد على المسؤولية الفردية، يكون الموظف مسؤولا أمام رئيسه عن عمله فقط، في حين يكون عضو فريق العمل مسؤول عن الارتقاء بعمله، ليرفع من كفاءة الفريق ككل، فالمسؤولية فردية ومشتركة، والموظفون في الهياكل التقليدية يحضرون الاجتماعات لتبادل المعلومات وعرض ما أنجزوه، أما فريق العمل فإنه يعقد اللقاءات بصورة دورية، لأنها تتضمن العمل المشترك في اتخاذ القرارات، والتوصل إلى حلول لجميع المشكلات، والتخطيط بصورة جماعية، وفي الهياكل التقليدية يكون التركيز على الأهداف الفردية، أما فريق العمل فيركز على الأهداف المشتركة، وفي الهياكل التقليدية يحدد الرئيس الأهداف والخطط وطريقة العمل، في حين يتولى فريق العمل تحديد كل ذلك بصورة جماعية، وعندها يشعر كل واحد منهم أنه شارك بنفسه في كل المراحل، ولذلك يتحمل المسؤولية عن طيب خاطر، وعن قناعة داخلية بأنه ليس مجرد موظف، بل هو جزء من كل شيء.
في الهياكل التقليدية يشعر الموظف أن هذه الاجتماعات تتسبب في تضييع وقته، لأن المطلوب منه أن يستمع للتوجيهات والتعليمات، لا أن يدلي برأيه، ويسود الترتيب الهرمي في كل شيء، فجودة الرأي ليست المعيار، بل يستمد الرأي قوته وجودته ممن يقوله، والرئيس دوما على حق، أما أفراد فريق العمل فإنهم يدركون أهمية اللقاءات، لأنها مصدر القرارات جميعًا، ولذلك فإن كل دقيقة في هذه اللقاءات لها جدواها وفعاليتها.
أنواع متعددة من فرق العمل
يجب التفرقة بين فرق العمل الطويلة الأجل أو الدائمة، من نوعية (فريق خدمة العملاء)، أو (فريق الحسابات)، أو (فريق الدعم التقني)، والتي لا تكون مرتبطة بفترة زمنية محددة، وهناك فرق عمل مؤقتة، وجودها مرتبط بمهمة ما، ينتهي وجود هذا الفريق بعد انتهاء هذه المهمة، مثل (فريق تطوير العمل)، أو (فريق إعداد الميزانية السنوية)، وهناك فرق عمل تحمل هذا الاسم، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، مثل (فريق مديري الأقسام)، لأن كل واحد منهم مسؤول عن قسمه فقط، ولا يتدخل في عمل بقية الأقسام، ويقتصر الهدف من اجتماعاتهم، على عرض نتائج عمل كل قسم، وحتى لو كان هناك نوع من التنسيق بينهم، فإنه لا يرقى إلى اعتبار أنهم فريق عمل.
وهناك فرق عمل، يكون أفرادها متفرغين للعمل فيها، في حين تكون هناك فرق عمل، يستمر كل فرد فيها في عمله الأصلي، لكنه يقوم بمهمة إضافية في فريق العمل، الذي جرى تشكيله للقيام بمهمة محددة ومؤقتة، وهذا النوع الثاني يواجه عقبات كبيرة، لأن العمل الأصلي في القسم، قد يتعارض مع عمل الفريق، من حيث الوقت أو الهدف، لكن الهدف المشترك لفريق العمل، يستحق هذا الجهد.
فإذا تصورنا ما يواجهه الشخص الراغب في بناء عقار، من صعوبات بيروقراطية كبيرة، في الحصول على تصاريح بالبناء، من السلطات المختلفة، الإدارة الهندسية، والمساحة، ومصلحة المياه، والكهرباء، والغاز الطبيعي، ثم جرى تكوين فريق عمل، يتكون من موظف من كل جهة، للتنسيق فيما بينهم، والتوصل إلى تبسيط الإجراءات، وتوفير إمكانية الانتهاء من كافة الإجراءات في مكان واحد، على يد فريق العمل هذا، إن ذلك يجعل العناء الذي يواجهه أفراد الفريق من النوع الثاني المشار إليه أعلاه، مهما كان كبيرا، فإن النتيجة التي سهلت على الكثير من المواطنين، تستحق هذا الجهد.
تكوين فريق العمل
هيكل (فريق العمل) له مميزات عديدة، لكنه ليس الحل السحري لكل المشكلات، ونجاح هذا الهيكل في تحقيق نتائج جيدة في مؤسسة ما، لا يعني بالضرورة أنه قادر على تحقيق هذه النتائج في مؤسسة أخرى، وعلى يد أفراد آخرين، لذلك يجب التأني والتفكير جيدا في الكثير من العناصر، قبل الإعلان عن هذه الخطوة، ومن بينها عناصر تنظيمية، مثل:
- ما هي الدوافع لتشكيل فريق العمل؟
- هل هيكل (فريق العمل) هو الأنسب للقيام بالمهمة؟
- ما هي المؤهلات المطلوبة في أفراد الفريق؟
- ما هي الاحتياجات الإدارية والمالية اللازمة لضمان نجاح هذا الفريق؟
- هل هناك تجارب ناجحة لهيكل (فريق العمل) في المؤسسة، بحيث يستفيد منها أفراد الفريق الجديد؟
- ما هي المعلومات المطلوبة حتى يستطيع الفريق القيام بالمهمة؟
- ما هي الصلاحيات والمسؤوليات التي سيحصل عليها أفراد الفريق، والتي لا يجوز لهم تجاوزها؟
- ما هو أفضل عدد من الموظفين للقيام بهذه المهمة؟
- ما أفضل استراتيجية للعمل، الانضمام لعضوية فريق العمل على مراحل، بالتوازي مع استمرار العمل الأصلي، أم التفرغ الفوري للعمل مع فريق العمل؟
- ما هي المواصفات المطلوبة في المشرف على الفريق؟
- ما هي حلقات الوصل بين فريق العمل، وبين الجهات الأخرى، التي سيكون هناك حاجة للتواصل معها؟
- ما هي العقبات التي سيواجهها فريق العمل؟
- ما هي آلية اتخاذ القرارات داخل الفريق بالأغلبية أم بالإجماع؟
وعلاوة على هذه العناصر التي يجب التفكير فيها، ينبغي مراعاة الكثير من القضايا المتعلقة باختيار أعضاء فريق العمل، من بينها:
- المهارات والمواهب الفنية والصفات الشخصية التي تسهم في عمل الفريق.
- السعي لاختيار مجموعة متجانسة من الموظفين، القادرين على العمل معا.
- التعرف على الجوانب الواجب تطويرها لدى كل فرد من أفراد الفريق، حتى يستطيع القيام بالعمل على أفضل صورة.
- مدى الحماس لدى الموظف المقترح انضمامه إلى الفريق.
- تحديد الأدوار المحورية في الفريق، والأشخاص الأكفاء للقيام بتلك الأدوار.
أهمية التواصل
إن أهم عناصر نجاح فريق العمل، هو أمر يبدو ساذجًا للغاية، ولكن افتقاده يؤدي إلى فشل كل شيء، ألا وهو القدرة على الإنصات، وعلى التحدث، فالقدرة على الفهم الصحيح لما يقوله الآخر، ليست بالأمر البسيط، ولها آليات تسهم في تحققها.
فالاستماع إلى شخص ما يعني التركيز مع ثلاثة عناصر، هي الكلمات، والصوت، وحركة الجسم، لأن الرسالة التي يريد الشخص أن يعبر عنها، لا تقتصر فقط على ما ينطقه من كلمات، بل كيف ينطق هذه الكلمات، وما هي الإيحاءات التي تظهر في تعبيرات وجهه، وحركة يديه، وكل جسمه أثناء نطقه هذه الكلمات، ولا يمكن الوصول إلى فهم كل هذه العناصر، من خلال الأذن فقط.
فالشخص الذي يدير وجهه للمتحدث، وينظر إلى مكان آخر، يجعل المتحدث يشعر بالتجاهل، وعدم الاكتراث بما يقول، وهناك سلوك متفش بين الكثيرين، وهو أن يستمع إلى المتحدث، لكنه يفعل شيئًا آخر في نفس الوقت، كأن ينقل عينيه بين المتحدث وبين رسالة الجوال التي وصلته في التو، أو ينظر إلى شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر، كما أن النظر للمتحدث بطريقة تنم عن الملل أو الازدراء مما يقول، مثل النفخ بالفم أو إغلاق العينين، وإظهار الاستعجال والتوتر، مثل الدق على الطاولة أو تحريك القدم بانفعال، أو إصدار أصوات تعبيرا عن السخرية أو الاحتقار، أو مقاطعة المتحدث في وسط الجملة، وقبل أن ينتهي من حديثه، كلها لا تسهم في فهم ما يريد المتحدث توصيله.
ومن البديهي أن عكس هذه التصرفات يساعد المتحدث في قول ما يريد، ويساعد المستمع على فهم ما يقوله المتحدث، بأن يجلس المتحدث متجها بجسمه نحو المستمتع، وأن ينظر إليه، وأن يتواصل معه بعينيه، وأن يعبر وجهه عن الاهتمام الصادق بما يقول، وألا يقاطعه أثناء حديثه، وأن يحافظ على وضع جسمه بحيث يكون مقبلا على المتحدث.
والإنصات أنواع، يمكن إجمالها فيما يأتي:
- الإنصات السلبي: وهو أن تستمتع طوال الوقت دون أن يظهر عليك أي رد فعل، ودون أن تعلق على ما يقول الشخص المتحدث، ولا تستفسر منه عن أي شيء مما ذكر في حديثه.
- الإنصات الانتقائي: وهو أن يقتصر تركيزك على ما تشعر أنه يهمك من الحديث فقط، ولكنك تنصرف عن المتحدث، إذا تناول نقاطا لا تهمك، بل أحيانا ما تقاطع المتحدث، لتظهر له ضجرك من النقاط التي لا تهمك، وهو الأمر الذي يتسبب في توتر أجواء الحديث.
- الإنصات باهتمام: وهو أن يتواصل المستمع مع المتحدث بنظراته طوال الوقت، وأن يطرح أسئلة عما يسمع، ويعرف تماما عما يتحدث المتحدث، لكنه لا يركز مع الإشارات التي تصدر من حركات الجسم، ولا الرسائل التي تنقلها نبرة الصوت.
- الإنصات الفعّال: وهو الذي يتفوق على الإنصات باهتمام، بأن يتمكن المستمع من استيعاب الكلمات والأحاسيس التي تصدر عن المتحدث، وهذا النوع من الإنصات فيه الكثير من الاحترام والتقدير للمتحدث، مما يسهم في توفير الإطار المناسب للمتحدث، ليفتح قلبه، ويعبر عن كل ما يجول بخاطره.
وأفضل السبل التي ينبغي على المشرف على الفريق أن يتبعها، لتحسين التواصل بين أفراد الفريق، أثناء اللقاءات بينهم، أن يستدير بجسمه تجاه من يتحدث، ثم يركز نظره عليه، وأن تنم تعبيرات وجهه عن تفاعله مع ما يستمع إليه، مثل إظهار الاهتمام بوجهه، أو القلق أو أن يومئ برأسه، وأن يتقدم بنصف جسده الأعلى إلى الأمام قليلا، وأن ينطق من آن لآخر بكلمات تشجع من يتحدث مثل: «نعم»، «واضح»، «مفهوم»، «ياه»، «ممتاز»، «فعلا»....إلخ.
كما أنه من المستحب طرح أسئلة على المتحدث، لإظهار الاهتمام، وللحصول على المزيد من التفاصيل، أو طلب ضرب أمثلة على ما يقول، أو حث المتحدث على ذكر مبررات رأيه، والأسباب التي جعلته يصل إلى استخلاص نتيجة ذكرها في حديثه، مع إمكانية أن يذكر المستمع ما فهمه من المتحدث، ويطلب منه تأكيد صحة ما ذكره أو خطئه.
ومن الطباع السيئة التي يرتكبها البعض، هو أن يبدأ في نقد المتحدث، قبل أن ينتهي من حديثه، وقبل أن تكتمل فكرته، التي ربما لا تتفق مع ما فهمه الناقد، كما يميل البعض للتعليق على كل نقطة ترد في حديث الآخر، مما يجعل المتحدث يتردد في طرح أي رأي، لأنه سيكون مطالبًا بالرد من جديد على كل نقطة ذكرها من قبل، وكذلك يعشق البعض أن تكون جميع تعليقاته ذات صلة بشخصه، فيربط كل ما يستمع إليه، بتجارب ذاتية، أو بصفات فيه، ويرد انطلاقًا من ذاته، مهما كان الموضوع المطروح، وكل هذه الطباع لا تسهم في التواصل الجيد بين أفراد الفريق.
فن الحديث
كما أن للإنصات قواعد وأصول، فإن طريقة الحديث يمكن أن تسهم في التواصل الجيد، ويمكن أن تدمر الحوار وتقضي على سبل التفاهم، فهناك طرق عديدة للحديث، منها:
- المنهج العدواني: وهو القائم على إصدار الأوامر والمطالب للآخرين، والمعتمد على رفع الصوت، للتأكيد على الرأي، واستخدام الأسلوب الفظ في توجيه النقد، والتأكيد على مبدأ (أنا ومن بعدي الطوفان)، والبحث عن كبش فداء لأي مشكلة تحدث، بشرط ألا يكون هو من يتحمل المسؤولية عن هذه المشكلة، واستخدام الإهانات الشخصية، والتعبير بالوجه والجسم بطريقة مهددة ومتوعدة، مثل التلويح بإصبع السبابة طوال الحديث، والاقتراب من الآخرين بصورة مبالغ فيها. وهذه الطريقة تضمن حصول الشخص على ما يريد، ولكنها تجعل الآخرين ينفرون منه، ومن ثم يتمكن من القضاء على التواصل بين أفراد الفريق.
- المنهج المتهرب: وهو الذي يتبعه الشخص الذي لا يريد أو لا يستطيع أن يكون له رأي، فهو يتحدث مضطرا فقط، ويكون كلامه معبرًا عن التردد، ويفضل الدوران حول الموضوع، دون أن يتطرق له، ويتجنب تناول الموضوعات التي تحتوي على مشاكل، أو تتطلب اتخاذ موقع مؤيد أو معارض، وهو يميل إلى التعبير بصورة مستمرة عن شكوكه، في صحة ما يقوله، واحتمال أن يكون مخطئا، وكل ذلك يتعارض مع الدور المنتظر من الفرد في فريق العمل.
- المنهج السلبي العدواني: هذا الأسلوب له عواقب وخيمة على عمل الفريق، لأن الشخص الذي ينتهج هذه الطريقة، يستخدم السخرية من الآخرين، والحط منهم ومن أفكارهم، ويتحدث خلف ظهور الآخرين، ويلجأ إلى كتابة (الإيميلات) العاصفة للشخص الذي يريد الهجوم عليه، ويرسل نسخا منها للآخرين، بدلا من التحدث مع الشخص المعني بالأمر مباشرة، وهو يميل في حديثه إلى استخدام جمل من نوعية: «ألم أقل لكم؟»، أو «لقد كنت أعرف أن ذلك سيحدث»، ويلجأ إلى الانتقام من الآخرين، عن طريق التكتم على المعلومات التي يحتاجها الآخرون لعملهم.
- المنهج الفعال المقنع: ويستخدم المتحدث فيه الكلام المباشر، دون لف أو دوران، بلغة واضحة، لكنها مهذبة لا تمس شخص أحد، ويتضمن الحديث ما يدل على فهمه لمن سبقه في الحديث، وهو الشخص الذي لا يلجأ إلى تبرير أي خطأ وقع فيه، ولا يبحث عمن يتحمل المسؤولية عنه، بل يعتذر عن ذلك، وهو ينظر إلى من يتحدث إليهم، بثقة في النفس، ويتحدث بصوت مسموع للجميع، وبنطق واضح، وبنبرة صوت معبّرة، وتكون حركة جسمه أيضا متناغمة مع ما يقول، دون مبالغة فيها، ويراعي مشاكل من حوله، ويبدي تفهمه لها، مع إظهار الرغبة في التوصل إلى حلول مشتركة لها.
التخطيط: التفكير قبل التصرف وليس بعده
التخطيط لا يحتاج إلى شخص عبقري، بل يحتاج إلى التروي وعدم الاندفاع، لأنه ليس هناك أسوأ من أن يؤدي الحماس الزائد، إلى التصرف بصورة هوجاء، قبل أن يتمكن العقل من التفكير في العواقب والنتائج، ولو تصورنا فريق عمل، يعمل قبل أن يفكر، فإن احتمال تحقيق الهدف، يكون ضئيلا، مقارنة مع التخطيط المسبق، والاتفاق على الخطوات المناسبة للوصول إلى هذا الهدف، وغني عن القول أن المشرف على فريق العمل، لابد أن يكون قدوة في هذا المجال أيضا، حتى يلتزم أفراد الفريق بذلك السلوك الإيجابي.
ويحتاج التخطيط إلى اتباع الخطوات التالية:
- تحديد الهدف الذي ينبغي على فريق العمل تحقيقه.
- وضع الخطوط العريضة لخطة العمل التي يسير عليها الفريق للوصول إلى الهدف.
- تقسيم خطة العمل إلى خطوات مرحلية تفصيلية.
- تحديد الأولويات مما يسهم في التركيز على الأهم فالمهم.
- تحديد المشاكل المتوقعة، وكيفية التغلب عليها.
- وضع جدول زمني يومي أو أسبوعي، يتضح منه دور كل شخص في كل وقت، بحيث يمكن قيام الآخرين بهذه المهمة، إذا تغيب هذا الشخص لأي سبب.
- تحديد الدورات المتخصصة المطلوب انضمام بعض أفراد الفريق إليها، لاكتساب المعارف اللازمة لعمل الفريق، وتحديد الأوقات المناسبة للانضمام إليها، دون عرقلة عمل بقية أعضاء الفريق.
وينبغي التأكيد من جديد على أهمية اشتراك كل أفراد الفريق في التخطيط، وكافة المراحل المشار إليها، لأن هذه المشاركة، تجعل كل عضو في الفريق، يشعر أن هذه الخطة هي خطته، وأن هذا الجدول الزمني شارك في وضعه، ولذلك فإن عليه أن يلتزم به.
وهناك طريقتان لوضع الجدول الزمني، الأول ينطلق من تاريخ بداية عمل الفريق، وينتهي بالموعد المقرر لإنجاز المهمة، والطريقة الأخرى، أن يبدأ التخطيط من تاريخ الانتهاء من المهمة، ويرجع إلى تاريخ بدء العمل، ويفضل الكثيرون الطريقة الثانية، إذا كانت الفترة المتاحة لإنجاز المهمة قصيرة، وغير قابلة للتجديد، مثل أن يدعو رئيس المؤسسة لاجتماع طارئ خلال أسبوعين، لاستعراض أسباب تكرر شكاوى العملاء، والخطط المقترحة لمعالجة ذلك، والاحتياجات اللازمة لتمويل هذه الخطط، فيقوم فريق العمل بوضع جدول زمني، على النمط التالي:
- اليوم الرابع عشر: تقديم التقرير.
- 13 يوما: إجراء التعديلات على المسودة الأخيرة، واستيفاء أي معلومات ناقصة.
- 12 يوما: مناقشة المسودة الأخيرة للتقرير مع مجلس إدارة الشركة.
- 11 يوما: إجراء التعديلات بناء على ما ورد من هذه الأقسام والشؤون المالية.
- 10 أيام: عرض الصياغة الثانية على الأقسام المعنية من جديد، وعلى الشؤون المالية.
- 9 أيام: يوم استراحة.
- 8 أيام: إعداد صياغة ثانية للتقرير المطلوب، مع عمل الرسوم البيانية، والإحصائيات.
- 7 أيام: عرض الاحتياجات اللازمة على الشؤون المالية، لبحث إمكانية توفيرها، من وظائف إضافية أو أجهزة، أو برامج كمبيوتر، أو دورات تدريبية.
- 6 أيام: مناقشة الآراء التي وردت من الأقسام، والتوصل إلى صياغة أولية للتقرير عن المشاكل والخطط المقترحة لإصلاح الوضع، والاحتياجات اللازمة.
- 5 أيام: وضع الخطط التي استقر عليها الرأي، وعرضها على الأقسام المعنية لإبداء الرأي، وتحديد الاحتياجات اللازمة لتحقيق هذه الخطط.
- 4 أيام: جمع المقترحات حول سبل تلافي هذه المشاكل، واختيار أفضلها، وأقربها للواقعية.
- 3 أيام: معرفة تاريخ بداية الشكاوى، وسبب عدم حدوثها قبل هذا التاريخ، وأي تغيرات حدثت منذ ذلك الحين.
- يومان: حصر الشكاوى، وتقسيمها تبعا للأسباب، والمبررات التي ذكرها الموظفون المعنيون.
- اليوم الأول: تشكيل الرفيق، وضع خطة عمل، وتحديد الجهات التي سيجري مخاطبتها للحصول على المعلومات.
حل المشاكل
ليست القضية أن تكون هناك مشاكل، لأنه من الطبيعي أن يحدث ذلك، لكن المشكلة ألا يستطيع الفريق أن يتعامل مع المشاكل بالصورة التي تقضي عليها أو تقلل منها على الأقل. وهناك طرق علاج تؤدي إلى تفاقم المشاكل لا محالة، ومن هذه الطرق:
- الإشارة بأصابع الاتهام إلى شخص بعينه، وبدلاً من التركيز على المشكلة وحلها، يجري تشخيص المشكلة، الأمر الذي يؤدي إلى غضب الشخص المتهم بالتسبب في المشكلة، وحدوث توتر داخل فريق العمل، بل واحتمال حدوث انشقاق بين مؤيد ومعارض.
- تكرار ذكر المشكلة وتضخيمها وعدم الرغبة في الانتقال إلى الخطوة التالية، وهي البحث عن حل، بل اعتبار أن المشكلة هي نهاية العالم، وأنه لا أمل في تجاوزها، وأن من تسبب فيها تسبب في كارثة.
- اللجوء للأسلوب العدواني والمنفِّر في الحديث، مما يجعل الطرف الآخر، يركز على الدفاع عن نفسه، وتبرئتها، وتوقف الحوار، بسبب تصلد المواقف.
- إنكار وجود مشكلة، ودفن الرؤوس في الرمال، أملاً في أن تنتهي من تلقاء نفسها، كأن لم تكن، مما يؤدي إلى حيرة وفوضى في عمل الفريق.
- البحث عن حل، دون فهم المشكلة، مما يؤدي إلى تفاقمها، لأن العلاج المقترح لا علاقة له بالمشكلة.
أما السلوك الذي يسهم في حل المشكلة، فإنه يعتمد على التحلي بالصبر وضبط النفس، والعمل بصورة منتظمة ومرتبة، والإنصات الجيد للآخرين، والتعرف أولا على المشكلة والتركيز على الحل وليس على المشكلة، وطلب مشاركة الآخرين في المناقشة، والإصرار على الاستمرار في العمل حتى يتم حل المشكلة.
وهناك العديد من المناهج المتبعة في حل المشاكل، على رأسها ما يلي:
- منهج (الوضع الراهن - الهدف - الاقتراحات): ويعتمد على عرض كل عضو في الفريق لتصوره للوضع الراهن من حيث علاقته بالمشكلة أو الخلاف القائم، ويقدم الحقائق من جانب، وما يشعر به أعضاء الفريق من جانب آخر، وبعد أن يدلي كل فرد بما يراه، يتضح أن هناك زوايا متعددة لرؤية المشكلة وانعكاساتها، ثم يقوم الفريق بالبحث عن رؤية مشتركة للمشكلة، وما يجب إصلاحه، ثم يطلب المشرف على الفريق من كل فرد، أن يحدد الهدف المرجو في جملة واحدة، وبعد انتهاء الجميع من تحديد الهدف، يجرى الاتفاق على دمج كل هذه الجمل في هدف مشترك، بدون تناول التفاصيل، وفي المرحلة الثالثة من هذا المنهج، يطرح أعضاء الفريق رؤاهم عن كيفية الانتقال من المشكلة إلى الهدف، ثم يتفق الجميع على بعض الخطوات المقترحة، وتصبح هي الخطة المشتركة التي وقع عليها الإجماع.
- منهج الست خطوات: وهو الذي يناسب المشاكل الأكثر تعقيدا، وهذه الخطوات هي:
1) تحديد المشكلة، من خلال ذكر مفردات مختصرة ودقيقة في وصف المشكلة.
2) تحليل المشكلة لمعرفة متى بدأت، وما السبب في حدوثها، ومدى تكرر حدوثها، وما تأثيرها على الأوضاع.
3) بحث بدائل الحل من خلال ما يعرف بمصطلح (العصف الذهني - Brainstorming)، وهو ما يعني مشاركة أفراد الفريق بطرح أفكارهم، إما الواحد تلو الآخر حسب ترتيب الجلوس، أو أن يتحدث من تخطر على باله فكرة بدون مراعاة الترتيب، بشرط عدم البدء في التعليق لحين انتهاء العصف الذهني، وبعد ذلك يجرى الانتقاء من بين هذه البدائل.
4) بحث موضوعية البدائل المقترحة، ومدى واقعية تطبيقها.
5) الاتفاق على الحل، الذي يكون في الغالب عبارة عن توليفة من العديد من المقترحات، لأكثر من شخص، وبشرط أن يوافق الجميع على هذا الحل، وتحديد مهمة كل فرد في المساهمة في تطبيق ما جرى الاتفاق عليه من حلول، ومن المفضل تسجيل الاتفاق كتابيا، وتوزيعه على كل أفراد الفريق، لمنع حدوث أي سوء تفاهم، أو نسيان المهمة المكلف بها كل شخص.
6) إبلاغ ما تم التوصل إليه، إلى كل من يعنيه الأمر، خارج الفريق، بحيث لا يشعر بالتجاهل، ويعارض أو حتى يعمد إلى عرقلة جهود الفريق وعمله.
في إطار البحث عن حلول للمشاكل، لابد من التركيز على الحل، وليس على المشكلة، فتنصب الجهود على المستقبل، وليس على الماضي، ولا تتجه السهام نحو شخص بعينه، ومن الضروري أيضا أن يتمكن المشرف على الفريق من تحفيز جميع الأفراد على المشاركة، حتى الشخص الهادئ الخجول، لأنه ربما يكون صاحب أفضل الأفكار، إذا أتيحت له الفرصة للحديث، دون أن يزاحمه آخر أو يقاطعه.
وجدير بالذكر أيضًا أن بعض الدراسات الحديثة تنتقد أسلوب (العصف الذهني)، لأنها توصلت إلى أن أفراد الفريق يتأثرون بأفكار من يسبقهم في الحديث، وتتسبب الأفكار السابقة العرض في الشوشرة على آرائهم الأصلية، وترى أن الإنسان المبدع، يستطيع أن يتوصل بمفرده إلى فكرة متكاملة وناضجة، بصورة تفوق بكثير هذه التوليفة من آراء العديد من الأشخاص، ولذلك تطالب هذه الدراسات بأن يقوم كل شخص بتسجيل آرائه كتابيا، قبل أن يبدأ الآخرون في التعبير عن آرائهم، بحيث لا يتأثر بذلك، لكن أصحاب هذه الدراسات لا ينكرون أن هناك فوائد من وراء هذه الطريقة، تتركز على كسب عدد أكبر من الأشخاص، للإسهام في التنفيذ، بعد شعورهم بمشاركتهم في صناعة القرارات.
كيفية تفاقم المشاكل والخلافات
وجود اختلافات بين شخصيات أفراد الفريق، يكون له تأثيره في حدوث الاختلافات والمشاكل بينهم، فإذا لم تحدث أي خلافات فإن ذلك يدل على هيمنة التفسير الخاطئ لمفهوم الانسجام والسلام بين أفراد الفريق، فيصمت الجميع، ويكتمون ما في أنفسهم، بدلا من التعبير بصراحة عما يفكرون فيه ويشعرون به، وإذا كان طبيعيا أن يفضل رئيس المؤسسة أن ينصاع الجميع لرأيه، فإن فريق العمل يجب أن يكون على عكس ذلك، عبارة عن ملتقى للعديد من الآراء والأفكار، التي تهدف لتحقيق هدف مشترك.
وهناك بعض التصرفات التي لا تسهم في حل المشاكل وإنهاء الخلافات، بل تتسبب في تفاقمها، ومن بين هذه التصرفات ما يلي:
- توجيه الاتهامات لشخص بعينه.
- التشبث بالرأي، وعدم الاستعداد للاستماع للآخر أو التوصل معه إلى حل وسط.
- اللجوء إلى السب والشتم والتجريح الشخصي.
- التهديد والتوعد والتخويف والتخوين.
- التركيز على الدفاع عن النفس وعن الرأي، وإقامة حاجز نفسي مع الآخر.
- التعامي عن المشكلة وانتظار أن تختفي من الوجود من تلقاء نفسها.
- الحديث باستخدام أسلوب اللف والدوران حول المشكلة، دون تناول جوهرها.
- التحدث مع الآخرين عن الشخص المتسبب في المشكلة، بدلا من مواجهته مباشرة.
- البعد عن الحقائق والوقائع، والتركيز على استنباطات وتوقعات وانطباعات.
لو تصورنا أن شخصًا حصل على رسالة على البريد الإلكتروني، عن طريق الخطأ، كتبها زميل له إلى زميل آخر، وتتضمن الرسالة ذما في الشخص الأول، لأنه إذا تحدث في اللقاءات الدورية، لم يتوقف أبدًا، ويصر على التعليق على كل ما يقوله الآخرون، فإنه من الطبيعي أن يغضب، وعندها إما أن يشتكي لآخرين من هذا التصرف، فيكرر نفس الخطأ الذي يرتكبه زميلاه، أي التحدث عن الآخرين بدلا من الحديث معهم، أو أن يذهب إلى من كتب الرسالة، ويصب عليه جام غضبه، صراخا على الملأ، أما الأفضل من كل ذلك فهو أن يطلب من مشرف الفريق، أن يتيح له الفرصة لطرح المشكلة، فيوافق المشرف على وعد بطرح الأمر بدون انفعالات، وبدون إهانات، بل أن يقتصر كلامه على عرض المشكلة، ثم ينتظر رد الطرف الآخر، دون مقاطعة له، ويتفق الطرفان على كيفية التعامل في المستقبل، بحيث لا تتكرر هذه المشكلة، وينتهي الأمر في سلام وبطريقة بناءة، يستفيد منها الفريق ككل.
وحتى لا يسود مناخ من القيل والقال، وحتى لا يتحول مكتب المشرف على الفريق، إلى وكر للنميمة والغيبة، يجب أن يبادر المشرف أي موظف يأتيه للشكوى من زميل آخر، بالسؤال عما قام به هو، من أجل حل المشكلة، وعما إذا كان قد ناقش الأمر مع زميله، وهل اقترح عليه صيغة لحل المشكلة بينهما، وما هي الخطوات التي تعلمها في الدورات التدريبية التي حضرها، لمواجهة مثل هذه المواقف.
لكن الأهم من كل ذلك أن يكون المشرف نفسه مثلا أعلى في هذه الأمر، فلا يغتاب رؤساءه أو بقية أفراد الفريق أمام بعضهم الآخر، بل يحرص على مناقشة الأمور بصورة فورية ومباشرة، مع التحكم في الأعصاب، والتمسك بالاحترام المتبادل في الحديث.
لماذا كل هذا العناء؟
قد يرى البعض أن العمل كفريق واحد، يجلب معه الكثير من المشاكل، من صعوبات الانسجام بين الأفراد، واختلاف نمط العمل عن الهياكل المعتادة، مما يقتضي التكيف من جديد على هذا النمط، إذ إن الاجتهاد في العمل، لم يعد له بالضرورة مردود على الشخص نفسه، بل على مجموعة، قد يكون فيها أفراد كسالى لا يجتهدون، ومع ذلك يحصلون على نفس التقدير، وغير ذلك كثير من عيوب العمل كفريق واحد، مما يعترف به الأوروبيون أنفسهم، كما ظهر في الصفحات السابقة.
لكن لو قارنا هذه الصعوبات، بما يعرفه كل واحد منا، منذ أن خاض معركة العمل في مدرسة أو شركة أو مصلحة حكومية، لتأكد أن عمل الفريق، ربما لا يكون هو الحل المثالي، لكنها أفضل بكثير من الجو المشحون الذي نعيشه يوما وراء يوم، رئيس متردد يغير رأيه دوما، هو الذي يجني ثمار تعب الآخرين، لكنه وقت المشاكل يتذكر أن الموظف هو الذي قام بالعمل ! الزميل الذي يعشق تخبئة المعلومات الهامة التي يحتاجها زملاؤه، والزميل الذي يسمع الفكرة، فيهرول لكتابتها وتقديمها للمدير، باعتبار أنها فكرته التي جادت بها قريحته! زميل يتفنن في السخرية ممن يجتهد، ويعشق تحطيم معنوياته، وآخر ينافق المدير، ويقضي وقته في مدحه والتعرف على ما يرضيه، وينقل له كل ما يحدث بين زملائه أثناء العمل، وحتى خارج أوقات الدوام! والمعارك التي تندلع حين يتقرر حصول موظف على علاوة استثنائية، مكافأة له على جهده الفائق، وقدرته على إنجاز عمل ضخم في فترة قياسية.
لكن لابد من السؤال التالي: لماذا يكره بعضنا الخير لزميله في العمل أو صديقه، رغم أنه لا يأخذ من ماله، ولا ينقص من أجره؟ لماذا يتمنى أن يكون هو من حصل على هذا الخير، وينسى معنى الإيثار على النفس؟
لعل التوسع في تطبيق مبدأ العمل كفريق واحد في مؤسساتنا العربية، يسهم في أن يتعاون معلم التاريخ مع معلم العلوم، لشرح فضل العرب على العالم في هذه العلوم، فإذا نجح المشروع، واستطاع الطلاب محاكاة ما اخترعه العرب من المعدات الطبية قبل قرون من الزمان، وأقاموا معرضا مدرسيا لهذا الموضوع، جاء الثناء لجميع أفراد الفريق، ولم يخص شخصا بعينه.
عمومًا إذا كان بعض المعلمين في بعض الدول العربية استطاع أن يتفق على رفع الدعاوى على وزارة التربية والتعليم، ورفع الشكاوى لجمعيات حقوق الإنسان، ونجحوا في تحقيق بعض مساعيهم، فإنهم أثبتوا بذلك قدرتهم على العمل كفريق له هدف مشترك، وخطة مشتركة، وربما استطاعوا مستقبلاً أن يجعلوا هدفهم في المرة القادمة لصالح الطلاب في مدارسهم، والتعليم في بلادهم قبل أن يتعاون الطلاب أو أولياء الأمور لرفع دعوى عليهم، لأن معلميهم حصلوا على حقوقهم ونسوا حقوق الآخرين.
المراجع:
- Marty Brounstein: Gute Teamarbeit fuer Dummies, 2009
- Rolf Meier: 30 Minuten fuer erfolgreiche Teamarbeit, 2009
- Gitte Haerter u. Christine Oettl: Unschlagbar durch gutes Teamwork, 2003