تقويم المعلم لذاته
إن وجود مشكلا ت صفية لا يكون التلميذ مسئولاً عنها بمفرده بل قد تصدر من المعلم بعض الأنماط السلوكية التي قد تسهم في وجود هذه النوعية من المشكلات، مما يدعو إلى أن يتعرف المعلم على هذه الأنماط السلوكية والعمل على تجنبها أثناء آداءه لدوره المهني حتى تظل العلاقة القائمة بينه وبين تلاميذه علاقة مهنية قوية متماسكة تؤدي إلى ممارسات مهنية ناجحة من جهة وتعمل على حفظ النظام وتقرير السلوك السليم من جانب التلاميذ بمنح معلمهم التقدير والاحترام أثناء التفاعلات الصفية المشتركة بينهم من جهة أخرى.
ومن المشكلات التي تنجم عن سلوكيات المعلم: القيادة المتسلطة وغير الديمقراطية، وسوء التخطيط للدرس والأنشطة المصاحبة للدرس، والحساسية الزائدة للمعلم والتي قد تؤدي إلى انفعالات وردود أفعال غير مرغوبة للمحافظة على كرامته ووضعه الاجتماعي، و صعوبة اللغة التي يستخدمها المعلم مع تلاميذه في تعليمه الصفي، وكثرة الواجبات التعليمية التي يكلف بها تلاميذه لإنجازها، واقتصار الأنشطة الصفية على الجوانب اللفظية مع تكرارها ورتابتها أحياناً.إن ما يصدر من التلاميذ من سلوكيات غير مرغوبة، وما يصدر من المعلم من ممارسات مهنية غير مسئولة قد يتسبب في مشكلات صفية يعاني منها كل من التلاميذ والمعلم، فالتلميذ قد تعوقهم هذه المشكلات عن الانتظام في الدراسة بل والتسرب من المدرسة، والمعلم قد تؤثر هذه المشكلات تأثيراً سلبياً على مستوي آدائه المهني بالمدرسة.
علاقة المعلم بأفراد المجتمع المحلي المحيط به
وعن نظرة المجتمع للمعلم وتقدير أفراده لرسالة المعلم وآدائه المهنى المتوقع منه لها جانب كبير من الأهمية والتأثير على مستوى هذا الأداء، فالفرد الذى يلقى تقديراً لجهوده فإنه يقدم أقصى ما عنده، وهذا بعكس ما إذا كان هناك تجاهل لهذا الدور أو ما يقوم به فبطبيعة الحال يتأثر الآداء وينخفض المستوى، والمجتمع يتوقع من المعلم تربية وتعليم أبناءه وإعدادهم لحياتهم المستقبلية فإذا حدث قصور من جانب المعلم تجاه المتوقع منه فقد ينظر المجتمع له نظرة دون المستوى ومن ثم يتأثر وضعه الاجتماعي بشكل أو بأخر .
والمعلم يستطيع أن يغير من نظرة المجتمع السلبية له ولآدائه المهني من خلال ما يقوم به من مماراسات مهنية مع تلاميذه داخل المدرسة ومع أفراد مجتمعه خارج أسوار المدرسة حيث إنه يمكن أنه يوجه تلاميذه ويرشدهم ويأخذ بأيديهم صوب كل ما يرتقى بشخصياتهم حتى يصيروا أعضاء ايجابيين فى المجتمع وذلك عن طريق استثارة اهتمامهم وإشاعة الاتجاهات الإيجابية التى تخدم بيئاتهم من خلال ممارسة الأنشطة التى تربط المدرسة بهذه البيئات.
إن نجاح المعلم قي فهم مهامه تجاه مجتمعه يأتي عن طريق المواقف التعليمية وما ينشأ عنها من علاقات متبادلة بين المعلم والمتعلم وهى علاقات يجب أن تتميز بالحوار والتفاعل وتبادل الخبرة بحيث تتعدى نقل المعرفة من طرف إلى آخر لتؤدى إلى تنمية القدرات وممارسة قوى التعبير والتفكير وإطلاق قوى الإبداع، وتهذيب الأخلاق وتطوير الشخصية بجملتها.
وسبيل المعلم في ذلك دراسة بعض القوى والمؤثرات التي يموج بها المجتمع والمتمثلة في: القوى التاريخية حتى يتعرف على الفرص المتاحة لتعليم الذكور والبنات حتى يعطي دفعة أكبر لتعليم الفتيات، والقوى الاجتماعية والخاصة بدراسة الكثافة السكانية وأثرها على كثافة فصله الدراسي حتى يحدد معايير تعامله مع تلاميذه في ظل هذه الظروف، والقوى السياسية المرتبطة بدراسة أساليب الديمقراطية في تعامله مع تلاميذه من حيث أهمية الرأي والرأي الآخر والحوار البناء، والقوى الدينية من خلال الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية حتى يحمي تلاميذه من طغيان المادة والإلحاد والبعد عن العقيدة الصحيحة
كما أن ممارسات المعلم المهنية من أجل خدمة المجتمع المحلي تتمثل في المساهمة في أنشطة وفعاليات المجتمع المحلي من خلال إبداء الرأي في قضايا المجتمع ومشكلاته بهدف تكوين رأي ناضج لدى تلاميذه مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة، بالإضافة إلى إشراك أولياء الأمور في اتخاذ القرارات المناسبة التي تسهم في تطوير تعليم أبنائهم من خلال اجتماعات مجلس الآباء والمعلمين.فالدور الريادي الذي يلعبه المعلم كرائد اجتماعي يتمثل في أنه يسهم في تطوير المجتمع وتقدمه عن طريق تربية الأطفال تربية صحيحة تتسم بحب الوطن والحفاظ عليه، وتسلح تلاميذه بطرق التعلم الذاتي التي تمكنهم من متابعة اكتساب المعارف وتكوين القدرات والمهارات وغرس قيم العمل الجماعي في نفوسهم، وتعويدهم على ممارسة الديمقراطية في حياتهم اليومية.
إن علاقة المعلم بالمجتمع تؤكد على ضرورة يعمل على المحافظة على ثقافته مع العمل على تنقيتها وتجديدها وتبسيطها لتلاميذه حتى يسهل عليهم فهمها واستيعابها فتتولد لديهم حاسة المشاركة الاجتماعية في بناء مجتمعهم حيث يتم ذلك من خلال استخدام البيئة الاجتماعية معملاً للتعلم واستخدام مرافق المدرسة لخدمة البيئة وتطويع المناهج الدراسية لخدمة الحياة الواقعية للتلاميذ هذا إلى جانب إتاحة الفرصة لأفراد المجتمع للمشاركة في رسم سياسة المدرسة وتخطيط برامجها.
والمعلم في هذا الدور مطالب بأن يكون عضواً فعالاً في المجتمع المحلي، بحيث يتفاعل معه فيأخذ منه ويعطيه، فالمعلم في المفهوم التربوي الحديث ناقل لثقافة المجتمع، فكيف يكون ذلك إذا لم يساهم المعلم في خدمة هذا المجتمع في إحياء مناسباته الدينية والوطنية والقومية من خلال تدريسه لمنهجه الدراسي، ومشاركاته الاجتماعية عن طريق تفعيل دور مجالس الآباء والمعلمين وتسخيرها لخدمة العملية التعليمية هذا وبالإضافة إلى الانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع والتعاون مع المؤسسات التربوية والمهتمين بتربية وتعليم النشء في المجتمع والعمل على توجيه الجميع إلى المساهمة في تطوير وتحسين العملية التعليمية، وبذلك قد يحسن من مستوى آدائه المهني.
المهام الإدارية والإشرافية التي يزاولها المعلم
إن نجاح العمل الإدارى فى المدارس يتطلب تهيئة المناخ المدرسى الملائم الذى يساعد جميع العاملين بها- إدارة المدرسة، المعلمين، التلاميذ – على العمل فى جو يتسم بالدفء والحماس للعمل والإنتاج، حتى يحقق جميع أطراف العملية التعليمية بالمدارس الأهداف التى يسعى الجميع إلى تحقيقها على اعتبار أن بينهم اهتمامات مشتركة وأهداف يجب أن تحقق فى ظل مناخ يسوده التعاون والتفاهم بين جميع عناصر العملية التعليمية.
إن المهام الإدارية والإشرافية التي يمارسها المعلم داخل المدرسة هي جزء من الحياة المدرسية اليومية له لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه ومن هذه المهام : حضور طابور الصباح والعمل على حفظ النظام فيه، والاستماع إلى ما يقدم به من مواد وتعليمات، من خلال الإذاعة المدرسية، الاشتراك في المجالس واللجان المدرسية لتنظيم سير العمل في المدرسة، وخلق نوع من الاحتكاك والتعامل مع ممثلين عن التلاميذ وأولياء الأمور بهدف تفعيل دور الأسرة والمجتمع في خدمة العملية التعليمية، الإشراف العام وضبط النظام أثناء اليوم الدراسى.والمجتمع المدرسي بما يضمه من فئات بينها اهتمامات مشتركة وأهداف يسعى الجميع إلى تحقيقها فى جو من التناغم والانسجام وفى ظل مناخ يسوده التعاون والتفاهم . حيث إن " المناخ الذى يشيع فيه الشعور بالدفء والصداقة فى العلاقات يساعد على تحقيق الأهداف المنشودة.فالمعلم يعمل جنباً إلى جنب مع زملائه المعلمين وتحت رئاسة إدارة مدرسته كفريق عمل تسود العلاقات الناشئة بين أفراده الجو الديموقراطي.
وأكدت احدى الدراسات فى توصياتها على أن ترسيخ مبادئ الديمقراطية فى التعليم، وفى جميع المراحل التعليمية عامةً والتعليم الابتدائى خاصة يعمل على تأكيد الوظيفة الأساسية للمدرسة الابتدائية والتى تتمثل فى توفير تعليم مناسب لكل تلميذ ومقابلة احتياجاتهم. الأمر الذى يتطلب من المعلم بمد جسور الود والتفاهم والحرية بينه وبين تلاميذه أثناء تفاعله معهم.
ومجمل القول إن المعلم كعضو فى مهنة، وكفرد من أفراد المجتمع لا يعيش بمعزل عن كل ما يحيط به بل يتفاعل معهم ويتأثر بهم ويؤثر فيهم ونتيجة هذا التأثير والتأثر يتشكل آداءه المهنى، كما أن انتماء المعلم لمهنته التي يعمل بها وولائه لها يعد حافزاً له أن يسعى على الدوام بأن ينمي ويطور آدائه المهني، هذا بالإضافة إلى أن ما يقوم به المعلم من مهام إدارية وإشرافية مسندة إليه بصورة جيدة فإنه قد ينال حب وتقدير زملاءه وتلاميذه ومرؤوسيه بل والمحيطين به من أفراد المجتمع ومن ثم يحسن من مستوى آدائه المهني، وهذا بعكس ما إذا كان المعلم لم يؤدي ما عليه من مهام إشرافية وإدارية كما ينبغي فإن هذا قد يؤثر سلباً على مستوى آدائه المهني.
تأكيد الاهتمامات البيئية لدى التلاميذ
فالمعلم يمثل القدوة والمثل لتلاميذه فى تعامله مع البيئة المحلية الأمر الذى يدعو إلى أن يكون سلوكه يخدم صالح هذه البيئة ومسخر للمحافظة عليها حتى ينشأ تلاميذه وخاصة من هم فى المرحلة الابتدائية باعتبارهم أطفال فى مقتبل العمر يسهل تشكيل شخصياتهم وتعديل سلوكياتهم واتجاهاتهم نحو بيئاتهم، على اعتبار أن سلوك المعلم السوى تجاه البيئة تنعكس آثاره على سلوك تلاميذه نحو بيئتهم فيعمل الجميع ـ المعلم وتلاميذه ـ فى خدمة هذه البيئة.
إن اكتساب التلاميذ للمفاهيم البيئية وإنماء الوعى البيئى لديهم يتطلب ذلك من المعلم امتلاك المهارات والكفايات اللازمة وتفهم قضايا البيئة ومشكلاتها وتوظيفها فى الموقف التعليمية التى يوفرها لتلاميذه .كما أن تأكيد الاهتمامات البيئية لدى التلاميذ من جانب المعلم يعمل على إحداث التوازن بين الاهتمامات العامة والخاصة لهؤلاء التلاميذ وبين المتطلبات المجتمعية وحاجاتهم النفسية.
إن ربط ما يتعلمه التلاميذ بهموم ومشكلات بيئاتهم المحلية، وبمعنى آخر تضمين المناهج الدراسية قضايا ومشكلات بيئية وفى مستوى دارسيها يسهم بفاعلية فى ترشيد سلوكهم تجاه بيئاتهم سواء كانوا بالمدرسة أو خارجها حيث أنهم يلمسون عن قرب عند دراستهم لمقرراتهم الدراسية تلك القضايا والمشكلات وبالتالى يستطيعون التعامل معها دون الإخلال بتوازن بيئاتهم، لذا فإن المعلم لا يقف عند حد تلقين التلاميذ المقررات منعزلاً عن زملائه المعلمين أو عن التيارات الفكرية والتكنولوجية التي تحيطه خارج المجتمع، وإنما يقوم بدور المنظم والمنسق لبيئة التعلم بما فيها من موارد متاحة، وكسر عادة التبعية عند التلاميذ وتشجيعهم على الاستقلال الفكري.
ويبرز دور المعلم فى تأكيد الاهتمامات البيئية لدى تلاميذه من خلال استثارة اهتمامهم نحو المحافظة على بيئاتهم المحلية من خلال التعاون الجاد فى الأنشطة المدرسية التى تخدم المدرسة والبيئة المحيطة فى آن واحد لما فى تلك الأنشطة من فرص عديدة للعمل التطوعى الذى يعلى المصلحة العامة على الاهتمامات الخاصة لدى ممارسيها طالما توافر فيها حسن التخطيط والتنظيم وبنائها على أسس علمية.
ويعمل المعلم على توظيف ما يتعلمه تلاميذه من معلومات ومهارات وخبرات فى حياتهم الاجتماعية من خلال : تهيئة المواقف التى يواجه فيها التلاميذ المشكلات الموجودة فى بيئاتهم ثم تدريبهم على حل هذه المشكلات باسلوب علمى، وتعريف التلاميذ بالمشكلات الاجتماعية وبأبعادها وأسبابها الحقيقية والآثار المترتبة عليها ويتم ذلك أثناء تدريس المقررات، وتنظيم زيارات ميدانية لأماكن ومواقع فى المجتمع تنتشر فيها المشكلات ومشاهدة أبعادها وآثارها على الطبيعة وذلك لتوليد الإحساس العميق بوجود هذه المشكلات فى نفوس التلاميذ، وتوعية التلاميذ بكيفية توظيف معلوماتهم وخبراتهم فى الموقف الحياتية التى يعيشوها.
إن تدريب المعلم لتلاميذه على حسن استثمار الموارد المتاحة في بيئاتهم المحلية لخدمة العملية التعليمية يتطلب من المعلم امتلاكه للمهارات والكفايات اللازمة لفهم قضايا البيئة ومشكلاتها وتوظيفها في المواقف التعليمية التي يصممها لتلاميذه والأنشطة التعليمية التي يقودهم لممارستها، فالمعلم بآدائه لتلك الممارسات المهنية قد يحسن من آدائه المهني بالمدرسة بل وبالمجتمع المحلي المحيط بها لما يناله من حب وتقدير كل المحيطين به من تلاميذ وزملاء ورؤساء في العمل.
الأنشطة التربوية
إن ممارسة الأنشطة التربوية داخل المدارس حظى باهتمام كبير خاصةً فى الآونة الأخيرة وذلك لما فى ممارسة تلك الأنشطة من فوائد اجتماعية وتربوية تعود عى ممارسيها من التلاميذ فى حياتهم الحالية والمستقبلية، كما أنها- أى ممارسة التلاميذ للأنشطة- تدفع بالرسالة التربوية للمدرسة إلى آفاق بعيدة لما تحققه من الأهداف التربوية المنشودة والموضوعة سلفاً، وقد برز الاهتمام بالنشاط الطلابي على أنه واحد من الجوانب الرئيسية للتربية الحديثة حيث أكدت أدبيات التربية على أهمية الأنشطة الحرة أو الأنشطة غير الصفية لكونها تمثل جانباً مكملاً للأنشطة الصفية في تحقيق أهداف التربية المدرسية الشاملة ومن ثم وضعت له من الأسس والمبادئ التي بها ينفذ في إطار علمي مقنن خالي كلما أمكن من الارتجالية حتى يحقق الأهداف المرجوة منه.
ونظراً لأن النشاط الطلابي جزء لا يتجزأ من التربية المدرسية الشاملة، فعلى المعلم أن يهتم بمراعاة المبادئ الأساسية للنشاط الطلابي، والتي يمكن إيجازها فيما يلي : تحديد أهداف النشاط الطلابي بصورة واضحة وأن يشترك في صياغة هذه الأهداف كل من التلاميذ والمعلم بحيث تؤخذ رغباتهم في الاعتبار عند تحديد هذه الأهداف، وتنويع مجالات النشاط بشكل يساير تنوع ميول، واهتمامات التلاميذ، وأن يتفق النشاط الطلابي مع مستوى نضج التلاميذ سواء من الناحية الجسمية أو العقلية، وأن تترك الحرية الكافية للطلاب لاختيار النشاط الذي يرغبون في ممارسته مع توفر التوجيه والإرشاد اللازمين من قبل المعلمين، وأن يراعى في تقديم الأنشطة المختلفة ارتباطها بالإطار العام للنهج الدراسي مما يكمل أي قصور فيه ويحسن من الناتج العام التعليمي بالمدرسة، هذا بالإضافة إلى تقويم أوجه الأنشطة المختلفة لبحث إمكانية تطويرها وتحسينها.فالنشاط الطلابي تتنوع مجالاته التي يمكن أن يقودها المعلم في المدرسة تنوعاً كبيراً، فقد تتصل هذه النشاطات بصورة مباشرة بتحقيق أهداف المقررات الدراسية، مثلما يحدث في الأنشطة العلمية التي تتصل بأهداف مقررات المواد الدراسية أو الأنشطة الرياضية التي تتصل بتحقيق أهداف مقرر التربية الرياضية... وهكذا، بينما هناك أنشطة تتحرر من المقررات الدراسية تماماً، وتهدف إلى إنماء الطلاب في جوانب معينة لا تتصل بالمقررات الدراسية في المرحلة التي يمرون بها، وقد يكون الهدف من هذه الأنشطة تحرير طاقات الطلاب، واكتشاف المواهب والقدرات الكامنة لديهم، والعمل على تنميتها وإبرازها.
وهناك العديد من الأنشطة التي يقوم المعلم بتشكيل جماعات لها بعيداً عن المقررات الدراسية والتي تهدف إلى تحرير طاقات التلاميذ وإطلاقها لمجال أوسع لاكتشاف ما لديهم من مواهب مكبوتة وإبداعات حبيسة فيعمل على تنميتها وإظهارها إلى حيز الوجود والتي منها جماعة التربية الإسلامية لإشباع الميول الدينية وتأكيد الاتجاهات الدينية المعتدلة في نفوس التلاميذ، وجماعة الإذاعة المدرسية لتأكيد حرية التعبير عن الرأي وإبداء الآراء في مختلف القضايا التي تشغل تفكير التلاميذ، وجماعة اللغة والأدب لتنمية الحس الأدبي واللغوي لدى التلاميذ، والجماعة الفنية لتنمية الحس الفني المرهف لدى التلاميذ، والجماعات الاجتماعية بالمدرسة ويتم تشكيلها بالتعاون مع الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة لتدريب التلاميذ على فن التعامل مع الآخرين في المواقف الحياتية التي يمرون بها
وتمر عملية تخطيط وتنفيذ برامج النشاط الطلابي بعدة مراحل هي:مرحلة تحديد مضمون برامج النشاط وتتضمن المخطط العام للبرنامج، والأعضاء المشاركين من التلميذ، ودور كل منهم في هذا النشاط على وجه التحديد، والميزانية المتوقعة لإتمام هذا البرنامج، ومرحلة تشكيل جماعة النشاط حيث يقوم المعلم بالإعلان عن نشاط الجماعة التي يشرف عليها ببعض الوسائل الإعلانية بالمدرسة.ومرحلة تنفيذ برنامج النشاط، والمعلم في هذه المرحلة ما هو إلا موجه ومرشد لتلاميذه لمتابعتهمأثناء تنفيذ النشاط ثم مرحلة تقويم برنامج النشاط حيث التعرف على مدى ما تحقق من الأهداف المرسومة لذا على المعلم الاهتمام بمعرفة مواطن الضعف أو القوة في برنامج النشاط، وينصب التقويم على الفوائد والأهداف التي تحققت من البرنامج وتنوع المهام والاتجاهات التي اكتسبوها من خلال ممارستهم الأنشطة كما يحدد التقويم العقبات والمشكلات التي واجهت البرنامج ولم يتمكن المعلم من التغلب عليها، ومناقشتها من جانب التلاميذ أعضاء الجماعة، ومع أعضاء هيئة تدريس المادة، لتلافي هذه العقبات في برامج النشاط مستقبلاً.
إن مراحل تنفيذ النشاط بدءاً من التخطيط له ومروراً بتنفيذه وانتهاءً بتقويمه لمعرفة مردودة التربوي على ممارسيه من التلاميذ تعد بمثابة عمليات يشترك فيها هؤلاء التلاميذ بتوجيه وإرشاد من المعلم وذلك بهدف أن تكون ممارسة النشاط بدافع شخصي من التلاميذ ونابعة من حاجة ملحة بداخلهم يسعوا إلى إشباعها ومن ثم يكون العمل لتنفيذ هذا النشاط يتسم بالجدية والحماس والاستمتاع في ذات الوقت، إلا أن عند ممارسة أي عمل غالبا ما يعوقه بعض المشكلات التي تعوق سيره في المسار المرسوم له الأمر الذي يتطلب تعاون القائمين على هذا العمل لمواجهة تلك المشكلات للقضاء عليها أو الحد من آثارها على أقل تقدير، وفي هذا المجال فإنه عندما تعوق عملية تنفيذ النشاط بعض المشكلات أو العقبات فإن التلاميذ بمعاونة معلمهم يعملون على مواجهتها حتى يحقق النشاط أهدافه الموضوعة عند تنفيذه.
ومن المشكلات التي تعوق تنفيذ النشاط :ضعف البنود المالية اللازمة للنشاط وفي ذلك يراعي المعلم أن يختار من برامج النشاط أقلها تكلفة وأكثرها نفعاً لممارسيها من التلاميذ،وكذلك ضيق الوقت حيث يزدحم اليوم الدراسي بوقت الدروس التي تتركز جهود المعلمين عليها بحيث يبدو النشاط مجرد عامل جانبي مساعد في العملية التعليمية دون أن يكون عنصراً جوهرياً فنياً، لذلك أصبح الوقت كله, وكذلك كافة الحصص مقصورة على دراسة المواد المقررة، أما ممارسة الطلاب للنشاط فإنه يكون خارج هذا النطاق وفي ذلك يعمل المعلم على حل هذه المشكلة بأن يفسح المجال لبرامج النشاط الطلابي، بحيث يكون النشاط متكاملاً مع موضوعات المقرر، وفي إطار شامل للمنهج، بدلاً من أن ينفصل النشاط عن المنهج فتنعدم الفوائد المرجوة منه، بالإضافة إلى اعتقاد بعض أولياء الأمور أن النشاط هو مجرد لهو لا فائدة منه، ولذا يقع على المعلم دور الإعلام عن برامج النشاط، ومقابلة أولياء الأمور للحصول على تأييدهم ودعمهم لتلك البرامج .
إن الهدف من ممارسة الأنشطة التربوية يتحقق عند امتلاك المعلم مهارات نقل المنهج الدراسى الذى يقوم بتدريسه لتلاميذه من مرحلة التفكير المجرد إلى مرحلة الواقع الملموس). كما أن إسهام الأنشطة المدرسية فى تطبيع التلاميذ اجتماعياً يعد أقوى من الدراسة النظرية التى غالباً ما تفتقد آثارها بعد فترة قصيرة الأمر الذى يضع المعلم أمام عدة مسؤوليات في هذا المجال لا يحيد عنها والتى منها : تدريب التلاميذ على بعض المهارات الحياتية كالأخذ والعطاء المتبادل، إكسابهم مهارات أدب الحوار واحترام الرأى والرأى الآخر، تنمية القدرة لديهم على العمل مع الفريق، تدريبهم على خدمة البيئة وممارسة الديمقراطية فى التعامل.
وتتبلور مسؤوليات المعلم أثناء قيادة تلاميذه لممارسة النشاط فى تحديده لأهداف هذا النشاط على أن تكون مناسبة للمرحلة السنية لممارسيها من التلاميذ ويمكن تحقيقها فى ضوء الإمكانات المتاحة واضعاً فى اعتباره أن هذه الأنشطة تشجع الابتكار لدى ممارسيها من التلاميذ وتخدم أهداف المنهج المراد تدريسه، وهذا كله يتم من خلال ما يقوم به- أى المعلم- من تنظيم جماعات للنشاط والإشراف عليها والمساهمة فى التنظيم الإدارى والفنى والعلمى لهذه الجماعات.فالمعلم بما لديه من مهارات وخبرات تفوق تلاميذه فهو قادر على قيادتهم وتوجيههم أثناء ممارسة النشاط الذى يعد أحد الوسائل التربوية الهامة فى مساعدة التلاميذ فى فهم مقرراتهم الدراسية كما أنه ينتقل بتلاميذه من القوالب النظرية عند تدريسه للمنهج إلى ما هو أوسع وأرحب بقيادته وتوجيهه لهم أثناء ممارسة النشاط المدرسى حتى يمكن تطبيعهم اجتماعياً بتعويدهم على مهارات القيادة والتبعية والأخذ والعطاء والتعاون والعمل بروح الفريق، وإكسابهم الاسلوب الديموقراطى فى التعامل مع الآخرين، وذلك من خلال مساعدتهم على اختيار أنشطة تتناسب مع قدراتهم والإمكانات المتاحة، وهذا في مجمله قد ينعكس بصورة إيجابية على مستوى آدائه المهني بالمدرسة.
الضبط الاجتماعي لسلوك التلاميذ
هناك علاقات تنشأ بين المعلم وتلاميذه أثناء تواجدهم داخل الفصل أو خارجه لإنجاز الموقف التعليمي، وحتى يمكن تحقيق الهدف المنشود من العملية التعليمية توضع مجموعة من القواعد والقوانين تكون بمثابة مظلة لترسيخ القيم والمعايير التى تحكم السلوك الإنسانى، ووسيلة المعلم فى ذلك ما يصدر عنه من سلوكيات وأفعال من شأنها أن تحقق الضبط الاجتماعى لتلاميذه إذ تتطلب إدارة الفصل الدراسي أن يتمتع المدرس بصفة القدرة على الضبط والمراقبة الجيدة المربية، حتى يتسنى له تحقيق أهداف الدرس حيث أن غياب عملية الضبط تجعل عملية التدريس عملية خالية من النظام.
وفى ظل التربية الحديثة لم يعد المعلم مصدراًَ للرهبة وإرهاب التلاميذ مثلما كان الحال فى ظل التربية التقليدية بل أصبح أكثر مرونة وتفهماً وأكثر اهتماماً بهم وعلى دراية جيدة بمتطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة والعامة، ومن ثم يعمل على ضبط سلوكهم مراعيا كل هذه المتغيرات سالفة الذكر حتى يمنحهم مزيداً من حرية الرأى والتعبير عن أنفسهم فى المواقف المختلفة بل فى حياتهم المستقبلية.فالمعلم يعمل فى سبيل ذلك على تشجيع تلاميذه بدوام انشغالهم فى أعمالهم وتعريفهم بما هو متوقع انجازه، توضيح القوانين المدرسية لهم كلما استدعى الموقف، يكون صديقاً متعاطفاً معهم وإلى جانب ذلك حازما وغير متساهل
ولتحقيق الضبط الاجتماعى داخل الفصل الدراسى يعمل المعلم على: تدريب التلاميذ على احترام القيم التربوية وكيفية الالتزام بها، الانضباط الذاتى الذى يساعدهم على مواجهة متطلباتهم الحياتية، إكسابهم العادات الحسنة ليصبحوا مواطنين صالحين، وهذا يتأتى من خلال الفهم المستنير لسلوك التلاميذ وبتربيتهم وتنشئتهم نفسياً وأكاديمياً،مع مراعاته لسلوكه الشخصى حيث يمثل القدوة والمثل الأعلى لهم.
ويعتبر المعلم في هذا المجال مساعداً ووسيطاً لتحقيق سلوك اجتماعي إيجابي لدى تلاميذه قوامه الانضباط والنظام، بحيث لا يتأتى ذلك من خلال الأوامر والتسلط بل من خلال إشاعة الجو الديمقراطي الهادف لرعايتهم بحيث يساهم التلاميذ في قرارات حفظ النظام والانضباط في حدود مقدرتهم وإمكانياتهم بشكل عام فالتلميذ الذي يساهم في صنع القرار يحترمه ويطبقه، وهذا يتم بتوجيه وإرشاد المربي المعلم الذي من المفترض فهمه وإدراكه لشخصياتهم ودوافعهم النفسية وخصائص المرحلة السنية التي يمرون بها، ويستطيع المعلم إنجاز ذلك من خلال ما يستخدمه من وسائل تربوية وهادفة لضبط سلوك تلاميذه وذلك بالتعاون مع إدارة المدرسة بما تسنه من قوانين ولوائح تنظم العمل اليومى داخل المدرسة وأيضا مع تلاميذه حينما يقربهم إليه ويسمح لهم بمساحة من حرية الرأى والتفكير الموجه من جانبه فى اتخاذ القرارات وحل المكلات الخاصة بالمواقف التعليمية التى ينظمها لهم أثناء تدريس المنهج الدراسى.
ومن الوسائل التربوية التى يمكن أن يستعين بها المعلم لضبط سلوك تلاميذه : تعويدهم على تحمل مسئولية ما يقومون بإنجازه من أعمال، العمل على شد انتباههم طوال الحصة الدراسية وأثناء ممارسة النشاط، التعليمات والإرشادات التى تصدر منه إلى تلاميذه تكون إما باسلوب ودى مثل البشاشة والنظر فى وجه التلميذ أو باسلوب جاف مثل النظرة الساخرة أو عبوس الوجه، الثواب للمحسن من التلاميذ مثل كلمات التشجيع وتقديم الهدايا، والعقاب للمسيء منهم مثل التأنيب والحرمان من حضور شرح بعض الدروس.ويلجأ المعلم إلى العديد من الوسائل لتحقيق الضبط بين تلاميذه . منها ما هو سلبى ومنها ما هو إيجابى، ومن الوسائل السلبية الشائعة فى مدارسنا ما يسمى بالعقاب البدنى الذى يتبعه المعلم أو إدارة المدرسة لضبط سلوك الطلاب وعادة ما يسفر عن إحداث الألم أو التكدير لديهم، حيث يعتقد كثير من المعلمين أن العقاب البدنى من العوامل التى تدفع إلى نجاح العملية التعليمية رغم قناعتهم بعم فاعليته فى تعديل السلوك واعترافهم بأن هناك العديد من الآثار السلبية التى تترتب على استخدامه، أما الوسائل الايجابية فمنها الإثابة والتقبل والدعم للسلوك الإيجابى، واستخدام الإيماءات المتمثلة فى نبرة صوت وملامح وجه المعلم وطريقة إلقائه لتعديل السلوك السلبى الذى يصدر من تلاميذه). وبذلك يكون عوضاً عن العقاب البدنى كاسلوب سلبى للضبط مخاطره أكثر من فوائده.
فالمعلم الذى يتعامل بقسوة مع تلاميذه ويهمل استخدام الثواب فإنه ربما ودون أن يدرى يتسبب فى كراهية التلاميذ له ولمادته التى يدرسها لهم وقد تمتد هذه الكراهية لأبعد من ذلك إلى المدرسة والعملية التعليمية ككل، لذلك "تنادى التربية المعاصرة بضرورة استعمال الشفقة مع المتعلمين وتحذر من استعمال القسوة والعنف معهم حتى لا يكرهوا التعليم وينفروا منه".وهذا ما يؤكد فلسفة الانضباط المدرسى فى اعتبار الفصل الدراسى مجتمع صغير له نظام أخلاقى مستمد من النظام المدرسى الأكبر الذى يضع التزامات وواجبات على كل من التلميذ والمعلم.
فالضبط الاجتماعى داخل المدرسة قضية مشتركة بين عناصر عدة، المعلم باستخدام الأساليب التربوية من شفقة وديمقراطية الحوار ومراعاته لظروف تلاميذه المختلفة، والتلميذ بإتباعه قواعد النظم والتعليمات ألموضوعه لحسن سير العمل بالمدرسة، وإدارة المدرسة بإتباعها الأساليب الديمقراطية والبعد عن التسلط والدكتاتورية فى تعاملها مع تلاميذها وتوفر المناخ المدرسى الذى يحقق الأهداف التربوية المرسومة.
ويعمل المعلم في ظل ما يعيشه من أوضاع اجتماعية ومهنية على التأكيد على الحاضر عن طريق خلق المواقف التعليمية التي تنبثق أصولها وأركانها من الواقع الفعلي المحيط بالمتعلمين والتعامل الذكي مع المشكلات العديدة والمتنوعة التي يموج بها المجتمع وذلك بتشجيع المتعلم ليبحث ويبتكر ويبدع ويدرك أهمية التفاعل مع متغيرات العصر، التأكيد على ديمقراطية الموقف التدريسي بإتاحة الفرصة المناسبة أمام المتعلم لممارسة بعض الأنشطة ويكون لديه رؤية خاصة فيما يعرض عليه من مشكلات دراسية أو مجتمعية، الاستعداد للمستقبل وذلك بالتمسك بالتراث القديم وخاصة المفيد منه والاهتمام بالحاضر والتطلع إلى المستقبل بفهم ووعي.
فالمعلم له أدواراً رسمية وأخرى غير رسمية، فالأدوار الرسمية التي ترتبط بتلاميذه، والمنهج الدراسي الذي يتولى تدريسه لهم ودوره في توثيق الصلة بين المدرسة والبيئة المحيطة، كما أنه مسئول عن حفظ النظام والضبط داخل المدرسة، أما الأدوار غير الرسمية للمعلم فتتمثل كدوره في إشباع حاجات التلاميذ ورغباتهم وآمالهم وحل مشكلاتهم والتعامل مع التنظيمات الغير رسمية التي تنشأ بين التلاميذ بحرص وموضوعية حتى يحقق أهدافه التعليمية بنجاح]). فالمعلم يمكن أن يسهم فى إقرار الضبط لسلوك تلاميذه داخل المدرسة من خلال ما يقيمه من اسلوب ديمقراطى مع تلاميذه أثناء التفاعلات المشتركة بينهما فى المواقف التعليمية المختلفة، ومن التقرب إليهم والإحساس بمشاكلهم ومعاونتهم فى حلها واشبع احتياجاتهم حسب ما تقتضيه أعمارهم السنية وهذا من خلال إتباعه للأساليب التربوية سلفه الذكر لضبط سلوكهم.
إن أساليب الضبط الاجتماعي التي يتبعها المعلم لتدريب تلاميذه على حفظ النظام وضبط داخل المدرسة قد تحقق من الفوائد والمزايا التيس تنعكس آثارها على كل من المعلم والتلميذ بل والمدرسة، فالمعلم الذي يعمل بمدرسة تتبع القواعد والنظم الموضوعة وتسير عليها قد تحقق له وضعاً اجتماعياً ومهنياً مناسباً ومن ثم يؤدي اداءاً مهنيا جيداً،والتلميذ بإتباعه لتلك القواعد والنظم قد يحقق لنفسه تقدماً تعليمياً وتفوقاً دراسياً، هذا فضلاً عن الآثار الطيبة التي تعود على المدرسة التي تمارس فيها أساليب الضبط الاجتماعي.
ثالثاً: الآداء المهني للمعلم فى ظل قضية مجانية التعليم
إن معلم المرحلة الابتدائية يؤدى رسالته المهنية مع أطفال قد يشتركون فى مرحلة سنية واحدة ولكنهم قد يختلفون فى قدراتهم الذهنية وميولهم الشخصية، والمعلم أمام ذلك مطالب بأن يمنح الخدمة التعليمية بالعدل والمساواة لهؤلاء جميعا على الرغم بما هو كائن بينهم من اختلافات وفوارق تطبيقاً لروح مجانية التعليم التي تأكدها السياسة التعليمية، فمما لا شك فيه أن التعليم فى مصر شهد طفرة كبيرة لمسها جميع المهتمين بالعملية التعليمية بهدف الارتقاء بمستوى التلاميذ مع التمسك بمجانية التعليم باعتباره كالماء والهواء ولا يمكن الاستغناء عنها لمساعدة غير القادرين منهم خاصة على الاستمرار فى قطف ثماره على اعتبار أنهم هم النواة لمستقبل مصر لتصبح أكثر ازدهاراً وتقدماً، وهذا ما تنشده السياسة التعليمية الحديثة الآن بمصر.
ومن أهم المقومات الأساسية لتحديث التعليم بمصر ما يلي: العمل على التوازن بين الريف والحضر وبين القرية والمدينة فى توفير الخدمة التعليمية لكل أفراد المجتمع على اختلاف طوائفه وما بينه من فوارق، واتساع مفهوم ديمقراطية التعليم لكي تشمل توفير الفرص المتكافئة للمواطنين في الحصول على الخدمة التعليمية ذاتها لأجل مواجهة الفوارق الاجتماعية بين المتعلمين، بالإضافة إلى اعتبار ان التعليم هو أحد القوى الاجتماعية إلي لا يستهان بها في تقرير تقدم الأفراد ورقي المجتمع في ذات الوقت.(
من هذا المنطلق فإن محاور الآداء المهني للمعلم المرتبطة بقضية مجانية التعليم تتبلور فيما يلي: تحقيق العدل والمساواة في توزيع الخدمة التعليمية بين جميع التلاميذ، وإدارة الصف، ومراعاة الفروق الفردية التي بين تلاميذه، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، والتعامل مع الفئات الخاصة، والاهتمام بتعليم الفتاة جنباً إلى جنب الفتى، هذا بالإضافة إلى الاتصال والتواصل الجيد مع التلاميذ، ويمكن عرض تلك المحاور للأداء المهني للمعلم من خلال توضيح ملامحها في ضوء تأثير موقف المعلم من قضية مجانية التعليم على آدائه المهني.
تحقيق العدل والمساواة في توزيع الخدمة التعليمية بين جميع التلاميذ
فالسياسة التعليمية فى مصر ترسم الطريق أمام المعلم لكى يحقق العدل والمساواة فى منح ما يقدمه من خدمات تعليمية لتلاميذه وبما يحملونه من اختلافات فيما بينهم، وتتبلور ملامح تلك السياسة فيما يلى :- أن تكون الخدمة التعليمية المطلوبة موجودة فعلاً، ومتاحة لكل من يرغب الالتحاق بها ممن تنطبق عليهم شروط القيد، والالتحاق بها ميسوراً دون عوائق مالية أو اجتماعية.)
ويقوم المعلم بترجمة تلك السياسة من خلال ممارساته المهنية بإقامة فرص التعليم للجميع والعمل على القضاء على تسرب المتعلمين من المراحل الدراسية كافة، وإشاعة التعليم مدى الحياة لمختلف طبقات الشعب ولجميع المراحل، القضاء على التباين في الالتحاق بالتعليم بين البنين والبنات بالمناطق الريفية والحضرية وبين الأصول العرقية المتعددة والأديان المختلفة والأوضاع الاقتصادية المختلفة، وتحسين نوعية التعليم وذلك من خلال الارتقاء بقدرات وكفاءة تلاميذه التعليمية، وممارسة الإرشاد التربوي معهم وتوجيههم إلى كل ما هو مفيد في مشوارهم التعليمي.
ولتأكيد فلسفة المجانية يعمل المعلم على غرس مبادئ حقوق الإنسان بكافة معانيها في نفوس تلاميذه مثل حقوق المرأة، حقوق الطفل، احترام الرأي والرأي الآخر، تدريبهم على اسلوب المناقشة العلمية الهادفة، تعريفهم بحقوق المواطن وواجباته، وكيفية احترام الفكر والأديان وكذلك تعزيز التسامح والتلاحم الاجتماعي لديهم ومقاومة التطرف بكل أشكاله واتجاهاته وهذا يتم من خلال المواقف التعليمية التي يصممها المعلم لتلاميذه ويمارسوها بتوجيه وإرشاد منه لتأصيل تلك المبادئ لديهم .بهذا يستشعر المتعلمون أن الدولة تعمل على تعريفهم بمختلف الحقوق سالفة الذكر من خلال ما يقدم لهم من خدمة تعليمية بالمؤسسات التعليمية التابعين لها وبالمجان .
والمعلم فى ظل تلك السياسة مطالب بأن يعمل على تحقيق المساواة فى المعاملة والاحترام- بين جميع تلاميذه- فى المواقف المختلفة داخل مجتمع المدرسة، وتكون لديه القدرة على مواصلة تقديم الخدمة التعليمية وبقدر ما تسمح به القدرات التعليمية التى يمتلكها تلاميذه، هذا إلى جانب العمل على تحقيق التكافؤ والمساواة فى تقدير نتائج التعلم سواء من خلال الاختبارات التحريرية أو الشفوية أو أعمال السنة .])
والعدالة الحقيقية التى تحويها تلك السياسة تؤكد على أن معلم المرحلة الابتدائية يتعامل مع تلاميذ ذوى مستويات مختلفة اجتماعياً واقتصادياً وأيضاً عقلياً ومن ثم فهو مطالب بأن يوزع ما يقدمه من خدمات تعليمية إلى هؤلاء التلاميذ رغم ما بينهم من اختلافات وفروق أثناء ممارساته المهنية مع تلاميذه داخل الفصل أو خارجه بالعدل والمساواة ودون تمييز يذكر.
والدولة في سبيل تقديمها لخدمة المجانية في التعليم لرعاياها من المتعلمين تنتظر من المعلم أن يقوم بالعديد من الممارسات المهنية أهمها : تحقيق الأمن الفكري للتلاميذ وتقوية الانتماء والولاء لله ثم لولاة الأمر لديهم وتنمية إحساسهم بالمسئولية تجاه الوطن وحمل الرسالة من جيل إلى جيل وكذلك ترسيخ مبدأ الحوار الهادف واحترام الرأي الآخر, مع إقامة برامج وأنشطه تهتم بالغايات المنشودة, واستدعاء الدعاة والمتميزين لنشر الوعي الفكري، محاولة التعرف على الانحراف السلوكي والفكري لدى التلميذ ومتابعته من خلال الحوار معه ومعرفة أفكاره وميوله مع معالجة ذلك في تصحيح الخاطئ منها وكذلك من خلال حوار التلاميذ مع بعضهم البعض ومراقبة سلوكياتهم في أوقات الأنشطة اللاصفيه.
ومجمل القول فإن السياسة العامة للدولة والتي تشتق منها السياسة التعليمية تؤكد على منح الخدمة التعليمية بالعدل والمساواة ودون تفرقة لكافة أفراد المجتمع وأن تقدم هذه الخدمة بالمجان في كافة المراحل التعليمية التي يمر بها هؤلاء الأفراد ومن ثم يراعي المعلم في آدائه المهني هذه الاعتبارات حتى يحقق ما ترمي إليه مجانية التعليم من أهداف.
إدارة الصف
على الرغم من تفاوت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بين المتعلمين إلا أن المعلم عليه ألا يجامل تلميذاً لثرائه أو لمركز والده الاجتماعى كما لا ينبغى له أن يحط من قدر طالب لفقره، وأيضا تتوافر عدالته فى المعاملة تجاه المستويات العقلية المختلفة فيشجع سريع الفهم ويأخذ بيد بطيء الفهم، ويتبلور عدل المعلم فى تقييم تلاميذه فى إعطاء كل فرد منهم ما يستحقه من الدرجات حسب مجهوده وقدراته دون اعتبار لأية أمور أخرى.
ويحقق المعلم العدل والمساواة في منح الخدمات التعليمية لجميع المتعلمين دون استثناء من خلال إتباع إدارة ديمقراطية تسعى بآليات العمل لديها إلى تحقيق عدم التمييز بين تلاميذه ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة منهم مع أقرانهم من خلال نظام تعليمي ديمقراطي متجانس ومتطور وفي ظل إدارة مدرسية متطورة مرنة متعاونة ومرحبة بهذا النظام الديمقراطي ولديه حافز التطوير الذاتي والإبداع، يؤمن بتقبل الآخر ويحترم الفروق الفردية التي بين تلاميذه وبعضهم البعض، هذا إلى جانب توفر بناء مدرسي يضمن حرية التنقل واللعب والتعليم الآمن لجميع المتعلمين،وبيئة مجتمعية متعاونة تسعى لتطوير المدرسة ودعم أنشطتها التي تعمل على تطوير العمل لصالح التلاميذ
إن من سمات المعلم الطيبة التي ترافق جهوده في آداء رسالته التربوية والتعليمية سماته الاجتماعية التي تتمثل في الاحترام المتبادل بينه وأقرانه من زملاء المهنة وأن تكون علاقاته مرنة مع الإدارة المدرسية والتربوية وفيما بينه وبين أبناءه التلاميذ والأسرة والمجتمع وأن تسمو على علاقته هذه مفاهيم وأساليب الديمقراطية الحقة البعيدة عن التعصب الأعمى والآراء الضيقة والديكتاتورية الفردية،إضافة إلى أن تكون من صفاته أيضاً مراعاة التلاميذ بصفات أخلاقية على اعتبار أن الجوانب الأخلاقية كالعطف والحنان تهم تلاميذ المرحلة الأولى من التعليم الأساسي أكثر من اهتمامهم بالعطاء العلمي حيث يحتاج الطفل في تلك المرحلة إلى الرعاية والحنان أكثر من أي شيء آخر.
مراعاة الفروق الفردية
والمعلم عندما يلتزم بهذه التوجهات- سالفة الذكر- فى آدائه المهنى فأنه يحقق العدالة والمساواة فى تقديم الخدمة التعليمية لجميع تلاميذه ويحقق التكافؤ فى إتاحة الفرص التعليمية لهم وهذا بالرغم من وجود اختلافات وفوارق شتى بينهم فى نواحى كثيرة يعاونه في ذلك إدارة مدرسية واعية وموارد وإمكانيات ميسرة لعملية التعلم وتقديم الخدمة التعليمية للمتعلمين بالمجان مع مساندة حقيقية للمجتمع المحلي حتي تحقق العملية التعليمية أهدافها المرسومة.
والمعلم في تأكيده لفلسفة المجانية في التعليم يعمل على أن يسير في العملية التعليمية بخطى تتناسب ومستويات من يعلمهم فمنهم من يصل إلى معدل معين من التقدم لا يزيد عنه بصورة ملحوظة مهما زادت مواقف التعلم والممارسة التي يتعرض لها، وإن دفع المتعلم إلى القيام بآداء مهام لا تتناسب مع قدراته وإمكانياته لاشك إنه يؤدي به إلى التعثر والإحباط نحو التعلم ومن ثم عدم الاستمرار في الدراسة وفي هذا إهدار لمبدأ المجانية في التعليم لذلك يمكن للمعلم أن يعمل على رفع مستوى طموح المتعلمين بدرجة تعادل درجة استعدادهم وميولهم وقدراتهم نحو الأنشطة المختلفة حتى يتسنى للمتعلمين النجاح والاستمرارية في دراستهم وعدم التعرض للإحباط.
فالمعلم في آدائه المهني يعمل على مراعاة الفروق الفردية ودورها في نجاح العملية التعليمية حيث أن التلاميذ يختلفون فيما بينهم من حيث القدرات والاستعدادات مثلما هم يختلفون في الأوصاف الجسمية، ومن ثم لا يدفع التلاميذ إلي طموح قد يكون أكبر من مما يملكون من قدرات وإمكانيات عقلية حتى لا يصابوا بشيء من الإحباط ويتسرب إليهم الملل من استكمال مشوارهم الدراسي ويكون مصيرهم الرسوب أو التسرب من المدرسة وبالتالي يحرموا من الخدمة التعليمية التي تقدم لهم بالمجان، ومن ثم فإن إتباع المعلم الأساليب الديمقراطية- من خلال ممارساته المهنية سالفة الذكر- في إدارة الفصل الدراسي قد يحقق الفلسفة التي ترمي إليها المجانية في التعليم .
تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية
إن المعلم في تقديمه للخدمة التعليمية لتلاميذه بالعدل والمساواة وفي ظل فلسفة المجانية التعليمية فإنه يحقق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام جميع تلاميذه دون استثناء ومن ثم يوفر لهم تربية سليمة ويكسبهم خصال عديدة منها: حب الوطن والإخلاص له، والمشاركة الإيجابية في التنمية البشرية والاجتماعية، وتقوية الثقة في المؤسسة التعليمية والمنظومة التربوية ككل، والتمسك بمسايرة الدراسة والعزم على بلوغ أعلى المستويات الدراسية.([88])
وبذلك يتضح أن إقرار مبدأ التكافؤ في إتاحة الفرص التعليمية لجميع المتعلمين قد يعد ترجمة حقيقية لتأكيد فلسفة المجانية في التعليم هذا إلى جانب تحقيق العديد من الفوائد التي تعود على المتعلم نفسه ومجتمعه في الوقت ذاته حيث أنه بالتعليم تتحقق الرفاهية للفرد والتقدم والرقي لمجتمعه.
إن العدالة الحقيقية في تكافؤ الفرص التعليمية تتضح في أن تكون الخدمة التعليمية المطلوبة موجودة فعلا بأن تكون المؤسسة التعليمية مشيدة وقائمة، وأن تكون متاحة لكل من يرغب الالتحاق بها ممن تنطبق عليهم شروط القيد، وأن يكون الالتحاق بها ميسورا دون عوائق مالية أو اجتماعية أو سكنية، والمساواة في المعاملة دون تمييز في العلاقات، والقدرة علي مواصلة التعليم في مختلف مراحله إلي أقصي ما تسمح به القدرات العلمية في التحصيل، التكافؤ والمساواة في تقدير نتائج التعلم سواء من خلال الاختبارات التحريرية أو الشفوية أو أعمال السنة، وهذا بدوره يؤدي إلى التكافؤ في فرص العمل وعدم التمييز في شغل الوظائف.وعلى العكس من ذلك، فإن عدم سيادة مبادئ المساواة والعدل والإنصاف، وخصوصا مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع التلاميذ على حد سواء، يؤدي بهم إلى الشعور بالظلم والإحباط وبالتالي النفور من العملية التربوية واحتقار التلميذ لذاته والاستهانة بما يمتلكه من قدرات ذاتية، ومن ثم يعمل على انتهاج سلوكيات عدوانية ومقاومة كل ما هو صحيح ومقبول اجتماعياً.
رعاية الفئات الخاصة من التلاميذ
وتتبلور العدالة في توزيع الخدمات التعليمية من جانب المعلم إلى تلاميذه من المتعلمين سواء كانوا من فئة ممن يعانون صعوبات في التعلم أومن فئة الموهوبين على حد سواء فالفئة الأولى قد تحتاج من المعلم رعاية خاصة في التعامل للوصول بهم إلى درجة من الاستيعاب والفهم في حدود ما يمتلكونه من قدرات واستعدادات ذاتية ويعمل جاهداً على منع تسربهم من التعليم وبذلك يسهم في تحقيق مجانية التعليم بإتاحة الفرص التعليمية للجميع سواء كان بطيء الفهم أو متوسط أو يمتلك قدرات عالية في الفهم والاستيعاب.
والدور الذي يمكن أن يقوم به المعلم مع ذوي صعوبات التعلم يتمثل في تغيير استراتيجيات التدريس مع التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة والتركيز معهم على التدريس الفردي، ومعالجة نقاط الضعف التي يعانون منها وتقوية الجوانب الإيجابية ونقاط القوة لديهم، وإقامة علاقة إيجابية واتصال دائم مع أولياء أمورهم، وتقديم التعزيز اللفظي والمادي لهم في ضوء تقدمهم الأكاديمي والسلوكي والانفعالي والاجتماعي، وتعزيز عملية التفاعل الإيجابي بينهم وبين زملائهم العاديين.(
إن اهتمام المعلم بالتلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم لا يقل أهمية عن اهتمامه بفئة الموهوبين من التلاميذ والعمل الجاد على تنمية مواهبهم، وكشف استعداداتهم، والإفادة من جوانب تميزهم،، والحرص على تنمية التفكير الإبداعي لديهم، إيجاد المواقف التعليمية التي تستثير الإبداع عند التلاميذ في الفصل الدراسي، وتشجيعهم على ممارسته بمختلف الطرق والأساليب الممكنة، والحرص على توجيههم بطريقةٍ إيجابية وفاعلة.
ويعمل المعلم في مجال رعاية الموهوبين والعناية بهم من خلال تقديمه للمواد الدراسية وما يتبعها من نشاطات فصليةٍ أو غير فصلية بصورةٍ حديثةٍ وشائقةٍ وجذابةٍ، والتخلص من النمط التقليدي الذي يُركِّز دائماً على اسلوب تلقين المعرفة للتلاميذ بصورةٍ يكونوا معها سلبيين وغير متفاعلين، وضع خطة شاملة لرعاية التلاميذ الموهوبين، وتوفير الجوّ التربوي الملائم لنمو المواهب المختلفة لديهم، والعمل على توفير ما أمكن من الأدوات والتجهيزات اللازمة لممارسة مختلف الأنشطة التي يمكن من خلالها التعرف على ما بهم من مواهب وتنميتها، استخدام طرائق وأساليب تعليمية فاعله وإيجابية في التدريس، والاتصال بأولياء الأمور وتعريفهم بمواهب أبنائهم ليتحقق التكامل بين دور الأسرة ودور المدرسة في رعايتهم.
مما سبق يتضح أن تطبيق المعلم لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية وما يحويه من مسلمات تتمثل في توفير الخدمة التعليمية وإتاحتها لجميع الأفراد بالعدل والمساواة ودون تفرقة بينهم أي تمنح الخدمة التعليمية بالقدر الذي تسمح به ما يمتلكه هؤلاء الأفراد من قدرات واستعدادات للتعلم فإنه بذلك يؤكد على المبدأ الذي يقر بأن التعليم متاح للجميع ومن ثم يترجم المجانية في التعليم إلى ممارسات فعلية .
الاهتمام بتعليم الفتاة جنباً إلى جنب الفتي
إن مدارس المرحلة الابتدائية بمصر سواء كانت خاصة أو حكومية مدارس مشتركة أى تضم ال***ين البنين والبنات من تلاميذها وبالتالى تمنح الخدمات التعليمية لهؤلاء البنين والبنات على حد سواء ودون تفرقة من جانب المهتمين بالعملية التعليمية بتلك المد
إن وجود مشكلا ت صفية لا يكون التلميذ مسئولاً عنها بمفرده بل قد تصدر من المعلم بعض الأنماط السلوكية التي قد تسهم في وجود هذه النوعية من المشكلات، مما يدعو إلى أن يتعرف المعلم على هذه الأنماط السلوكية والعمل على تجنبها أثناء آداءه لدوره المهني حتى تظل العلاقة القائمة بينه وبين تلاميذه علاقة مهنية قوية متماسكة تؤدي إلى ممارسات مهنية ناجحة من جهة وتعمل على حفظ النظام وتقرير السلوك السليم من جانب التلاميذ بمنح معلمهم التقدير والاحترام أثناء التفاعلات الصفية المشتركة بينهم من جهة أخرى.
ومن المشكلات التي تنجم عن سلوكيات المعلم: القيادة المتسلطة وغير الديمقراطية، وسوء التخطيط للدرس والأنشطة المصاحبة للدرس، والحساسية الزائدة للمعلم والتي قد تؤدي إلى انفعالات وردود أفعال غير مرغوبة للمحافظة على كرامته ووضعه الاجتماعي، و صعوبة اللغة التي يستخدمها المعلم مع تلاميذه في تعليمه الصفي، وكثرة الواجبات التعليمية التي يكلف بها تلاميذه لإنجازها، واقتصار الأنشطة الصفية على الجوانب اللفظية مع تكرارها ورتابتها أحياناً.إن ما يصدر من التلاميذ من سلوكيات غير مرغوبة، وما يصدر من المعلم من ممارسات مهنية غير مسئولة قد يتسبب في مشكلات صفية يعاني منها كل من التلاميذ والمعلم، فالتلميذ قد تعوقهم هذه المشكلات عن الانتظام في الدراسة بل والتسرب من المدرسة، والمعلم قد تؤثر هذه المشكلات تأثيراً سلبياً على مستوي آدائه المهني بالمدرسة.
علاقة المعلم بأفراد المجتمع المحلي المحيط به
وعن نظرة المجتمع للمعلم وتقدير أفراده لرسالة المعلم وآدائه المهنى المتوقع منه لها جانب كبير من الأهمية والتأثير على مستوى هذا الأداء، فالفرد الذى يلقى تقديراً لجهوده فإنه يقدم أقصى ما عنده، وهذا بعكس ما إذا كان هناك تجاهل لهذا الدور أو ما يقوم به فبطبيعة الحال يتأثر الآداء وينخفض المستوى، والمجتمع يتوقع من المعلم تربية وتعليم أبناءه وإعدادهم لحياتهم المستقبلية فإذا حدث قصور من جانب المعلم تجاه المتوقع منه فقد ينظر المجتمع له نظرة دون المستوى ومن ثم يتأثر وضعه الاجتماعي بشكل أو بأخر .
والمعلم يستطيع أن يغير من نظرة المجتمع السلبية له ولآدائه المهني من خلال ما يقوم به من مماراسات مهنية مع تلاميذه داخل المدرسة ومع أفراد مجتمعه خارج أسوار المدرسة حيث إنه يمكن أنه يوجه تلاميذه ويرشدهم ويأخذ بأيديهم صوب كل ما يرتقى بشخصياتهم حتى يصيروا أعضاء ايجابيين فى المجتمع وذلك عن طريق استثارة اهتمامهم وإشاعة الاتجاهات الإيجابية التى تخدم بيئاتهم من خلال ممارسة الأنشطة التى تربط المدرسة بهذه البيئات.
إن نجاح المعلم قي فهم مهامه تجاه مجتمعه يأتي عن طريق المواقف التعليمية وما ينشأ عنها من علاقات متبادلة بين المعلم والمتعلم وهى علاقات يجب أن تتميز بالحوار والتفاعل وتبادل الخبرة بحيث تتعدى نقل المعرفة من طرف إلى آخر لتؤدى إلى تنمية القدرات وممارسة قوى التعبير والتفكير وإطلاق قوى الإبداع، وتهذيب الأخلاق وتطوير الشخصية بجملتها.
وسبيل المعلم في ذلك دراسة بعض القوى والمؤثرات التي يموج بها المجتمع والمتمثلة في: القوى التاريخية حتى يتعرف على الفرص المتاحة لتعليم الذكور والبنات حتى يعطي دفعة أكبر لتعليم الفتيات، والقوى الاجتماعية والخاصة بدراسة الكثافة السكانية وأثرها على كثافة فصله الدراسي حتى يحدد معايير تعامله مع تلاميذه في ظل هذه الظروف، والقوى السياسية المرتبطة بدراسة أساليب الديمقراطية في تعامله مع تلاميذه من حيث أهمية الرأي والرأي الآخر والحوار البناء، والقوى الدينية من خلال الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية حتى يحمي تلاميذه من طغيان المادة والإلحاد والبعد عن العقيدة الصحيحة
كما أن ممارسات المعلم المهنية من أجل خدمة المجتمع المحلي تتمثل في المساهمة في أنشطة وفعاليات المجتمع المحلي من خلال إبداء الرأي في قضايا المجتمع ومشكلاته بهدف تكوين رأي ناضج لدى تلاميذه مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة، بالإضافة إلى إشراك أولياء الأمور في اتخاذ القرارات المناسبة التي تسهم في تطوير تعليم أبنائهم من خلال اجتماعات مجلس الآباء والمعلمين.فالدور الريادي الذي يلعبه المعلم كرائد اجتماعي يتمثل في أنه يسهم في تطوير المجتمع وتقدمه عن طريق تربية الأطفال تربية صحيحة تتسم بحب الوطن والحفاظ عليه، وتسلح تلاميذه بطرق التعلم الذاتي التي تمكنهم من متابعة اكتساب المعارف وتكوين القدرات والمهارات وغرس قيم العمل الجماعي في نفوسهم، وتعويدهم على ممارسة الديمقراطية في حياتهم اليومية.
إن علاقة المعلم بالمجتمع تؤكد على ضرورة يعمل على المحافظة على ثقافته مع العمل على تنقيتها وتجديدها وتبسيطها لتلاميذه حتى يسهل عليهم فهمها واستيعابها فتتولد لديهم حاسة المشاركة الاجتماعية في بناء مجتمعهم حيث يتم ذلك من خلال استخدام البيئة الاجتماعية معملاً للتعلم واستخدام مرافق المدرسة لخدمة البيئة وتطويع المناهج الدراسية لخدمة الحياة الواقعية للتلاميذ هذا إلى جانب إتاحة الفرصة لأفراد المجتمع للمشاركة في رسم سياسة المدرسة وتخطيط برامجها.
والمعلم في هذا الدور مطالب بأن يكون عضواً فعالاً في المجتمع المحلي، بحيث يتفاعل معه فيأخذ منه ويعطيه، فالمعلم في المفهوم التربوي الحديث ناقل لثقافة المجتمع، فكيف يكون ذلك إذا لم يساهم المعلم في خدمة هذا المجتمع في إحياء مناسباته الدينية والوطنية والقومية من خلال تدريسه لمنهجه الدراسي، ومشاركاته الاجتماعية عن طريق تفعيل دور مجالس الآباء والمعلمين وتسخيرها لخدمة العملية التعليمية هذا وبالإضافة إلى الانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع والتعاون مع المؤسسات التربوية والمهتمين بتربية وتعليم النشء في المجتمع والعمل على توجيه الجميع إلى المساهمة في تطوير وتحسين العملية التعليمية، وبذلك قد يحسن من مستوى آدائه المهني.
المهام الإدارية والإشرافية التي يزاولها المعلم
إن نجاح العمل الإدارى فى المدارس يتطلب تهيئة المناخ المدرسى الملائم الذى يساعد جميع العاملين بها- إدارة المدرسة، المعلمين، التلاميذ – على العمل فى جو يتسم بالدفء والحماس للعمل والإنتاج، حتى يحقق جميع أطراف العملية التعليمية بالمدارس الأهداف التى يسعى الجميع إلى تحقيقها على اعتبار أن بينهم اهتمامات مشتركة وأهداف يجب أن تحقق فى ظل مناخ يسوده التعاون والتفاهم بين جميع عناصر العملية التعليمية.
إن المهام الإدارية والإشرافية التي يمارسها المعلم داخل المدرسة هي جزء من الحياة المدرسية اليومية له لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه ومن هذه المهام : حضور طابور الصباح والعمل على حفظ النظام فيه، والاستماع إلى ما يقدم به من مواد وتعليمات، من خلال الإذاعة المدرسية، الاشتراك في المجالس واللجان المدرسية لتنظيم سير العمل في المدرسة، وخلق نوع من الاحتكاك والتعامل مع ممثلين عن التلاميذ وأولياء الأمور بهدف تفعيل دور الأسرة والمجتمع في خدمة العملية التعليمية، الإشراف العام وضبط النظام أثناء اليوم الدراسى.والمجتمع المدرسي بما يضمه من فئات بينها اهتمامات مشتركة وأهداف يسعى الجميع إلى تحقيقها فى جو من التناغم والانسجام وفى ظل مناخ يسوده التعاون والتفاهم . حيث إن " المناخ الذى يشيع فيه الشعور بالدفء والصداقة فى العلاقات يساعد على تحقيق الأهداف المنشودة.فالمعلم يعمل جنباً إلى جنب مع زملائه المعلمين وتحت رئاسة إدارة مدرسته كفريق عمل تسود العلاقات الناشئة بين أفراده الجو الديموقراطي.
وأكدت احدى الدراسات فى توصياتها على أن ترسيخ مبادئ الديمقراطية فى التعليم، وفى جميع المراحل التعليمية عامةً والتعليم الابتدائى خاصة يعمل على تأكيد الوظيفة الأساسية للمدرسة الابتدائية والتى تتمثل فى توفير تعليم مناسب لكل تلميذ ومقابلة احتياجاتهم. الأمر الذى يتطلب من المعلم بمد جسور الود والتفاهم والحرية بينه وبين تلاميذه أثناء تفاعله معهم.
ومجمل القول إن المعلم كعضو فى مهنة، وكفرد من أفراد المجتمع لا يعيش بمعزل عن كل ما يحيط به بل يتفاعل معهم ويتأثر بهم ويؤثر فيهم ونتيجة هذا التأثير والتأثر يتشكل آداءه المهنى، كما أن انتماء المعلم لمهنته التي يعمل بها وولائه لها يعد حافزاً له أن يسعى على الدوام بأن ينمي ويطور آدائه المهني، هذا بالإضافة إلى أن ما يقوم به المعلم من مهام إدارية وإشرافية مسندة إليه بصورة جيدة فإنه قد ينال حب وتقدير زملاءه وتلاميذه ومرؤوسيه بل والمحيطين به من أفراد المجتمع ومن ثم يحسن من مستوى آدائه المهني، وهذا بعكس ما إذا كان المعلم لم يؤدي ما عليه من مهام إشرافية وإدارية كما ينبغي فإن هذا قد يؤثر سلباً على مستوى آدائه المهني.
تأكيد الاهتمامات البيئية لدى التلاميذ
فالمعلم يمثل القدوة والمثل لتلاميذه فى تعامله مع البيئة المحلية الأمر الذى يدعو إلى أن يكون سلوكه يخدم صالح هذه البيئة ومسخر للمحافظة عليها حتى ينشأ تلاميذه وخاصة من هم فى المرحلة الابتدائية باعتبارهم أطفال فى مقتبل العمر يسهل تشكيل شخصياتهم وتعديل سلوكياتهم واتجاهاتهم نحو بيئاتهم، على اعتبار أن سلوك المعلم السوى تجاه البيئة تنعكس آثاره على سلوك تلاميذه نحو بيئتهم فيعمل الجميع ـ المعلم وتلاميذه ـ فى خدمة هذه البيئة.
إن اكتساب التلاميذ للمفاهيم البيئية وإنماء الوعى البيئى لديهم يتطلب ذلك من المعلم امتلاك المهارات والكفايات اللازمة وتفهم قضايا البيئة ومشكلاتها وتوظيفها فى الموقف التعليمية التى يوفرها لتلاميذه .كما أن تأكيد الاهتمامات البيئية لدى التلاميذ من جانب المعلم يعمل على إحداث التوازن بين الاهتمامات العامة والخاصة لهؤلاء التلاميذ وبين المتطلبات المجتمعية وحاجاتهم النفسية.
إن ربط ما يتعلمه التلاميذ بهموم ومشكلات بيئاتهم المحلية، وبمعنى آخر تضمين المناهج الدراسية قضايا ومشكلات بيئية وفى مستوى دارسيها يسهم بفاعلية فى ترشيد سلوكهم تجاه بيئاتهم سواء كانوا بالمدرسة أو خارجها حيث أنهم يلمسون عن قرب عند دراستهم لمقرراتهم الدراسية تلك القضايا والمشكلات وبالتالى يستطيعون التعامل معها دون الإخلال بتوازن بيئاتهم، لذا فإن المعلم لا يقف عند حد تلقين التلاميذ المقررات منعزلاً عن زملائه المعلمين أو عن التيارات الفكرية والتكنولوجية التي تحيطه خارج المجتمع، وإنما يقوم بدور المنظم والمنسق لبيئة التعلم بما فيها من موارد متاحة، وكسر عادة التبعية عند التلاميذ وتشجيعهم على الاستقلال الفكري.
ويبرز دور المعلم فى تأكيد الاهتمامات البيئية لدى تلاميذه من خلال استثارة اهتمامهم نحو المحافظة على بيئاتهم المحلية من خلال التعاون الجاد فى الأنشطة المدرسية التى تخدم المدرسة والبيئة المحيطة فى آن واحد لما فى تلك الأنشطة من فرص عديدة للعمل التطوعى الذى يعلى المصلحة العامة على الاهتمامات الخاصة لدى ممارسيها طالما توافر فيها حسن التخطيط والتنظيم وبنائها على أسس علمية.
ويعمل المعلم على توظيف ما يتعلمه تلاميذه من معلومات ومهارات وخبرات فى حياتهم الاجتماعية من خلال : تهيئة المواقف التى يواجه فيها التلاميذ المشكلات الموجودة فى بيئاتهم ثم تدريبهم على حل هذه المشكلات باسلوب علمى، وتعريف التلاميذ بالمشكلات الاجتماعية وبأبعادها وأسبابها الحقيقية والآثار المترتبة عليها ويتم ذلك أثناء تدريس المقررات، وتنظيم زيارات ميدانية لأماكن ومواقع فى المجتمع تنتشر فيها المشكلات ومشاهدة أبعادها وآثارها على الطبيعة وذلك لتوليد الإحساس العميق بوجود هذه المشكلات فى نفوس التلاميذ، وتوعية التلاميذ بكيفية توظيف معلوماتهم وخبراتهم فى الموقف الحياتية التى يعيشوها.
إن تدريب المعلم لتلاميذه على حسن استثمار الموارد المتاحة في بيئاتهم المحلية لخدمة العملية التعليمية يتطلب من المعلم امتلاكه للمهارات والكفايات اللازمة لفهم قضايا البيئة ومشكلاتها وتوظيفها في المواقف التعليمية التي يصممها لتلاميذه والأنشطة التعليمية التي يقودهم لممارستها، فالمعلم بآدائه لتلك الممارسات المهنية قد يحسن من آدائه المهني بالمدرسة بل وبالمجتمع المحلي المحيط بها لما يناله من حب وتقدير كل المحيطين به من تلاميذ وزملاء ورؤساء في العمل.
الأنشطة التربوية
إن ممارسة الأنشطة التربوية داخل المدارس حظى باهتمام كبير خاصةً فى الآونة الأخيرة وذلك لما فى ممارسة تلك الأنشطة من فوائد اجتماعية وتربوية تعود عى ممارسيها من التلاميذ فى حياتهم الحالية والمستقبلية، كما أنها- أى ممارسة التلاميذ للأنشطة- تدفع بالرسالة التربوية للمدرسة إلى آفاق بعيدة لما تحققه من الأهداف التربوية المنشودة والموضوعة سلفاً، وقد برز الاهتمام بالنشاط الطلابي على أنه واحد من الجوانب الرئيسية للتربية الحديثة حيث أكدت أدبيات التربية على أهمية الأنشطة الحرة أو الأنشطة غير الصفية لكونها تمثل جانباً مكملاً للأنشطة الصفية في تحقيق أهداف التربية المدرسية الشاملة ومن ثم وضعت له من الأسس والمبادئ التي بها ينفذ في إطار علمي مقنن خالي كلما أمكن من الارتجالية حتى يحقق الأهداف المرجوة منه.
ونظراً لأن النشاط الطلابي جزء لا يتجزأ من التربية المدرسية الشاملة، فعلى المعلم أن يهتم بمراعاة المبادئ الأساسية للنشاط الطلابي، والتي يمكن إيجازها فيما يلي : تحديد أهداف النشاط الطلابي بصورة واضحة وأن يشترك في صياغة هذه الأهداف كل من التلاميذ والمعلم بحيث تؤخذ رغباتهم في الاعتبار عند تحديد هذه الأهداف، وتنويع مجالات النشاط بشكل يساير تنوع ميول، واهتمامات التلاميذ، وأن يتفق النشاط الطلابي مع مستوى نضج التلاميذ سواء من الناحية الجسمية أو العقلية، وأن تترك الحرية الكافية للطلاب لاختيار النشاط الذي يرغبون في ممارسته مع توفر التوجيه والإرشاد اللازمين من قبل المعلمين، وأن يراعى في تقديم الأنشطة المختلفة ارتباطها بالإطار العام للنهج الدراسي مما يكمل أي قصور فيه ويحسن من الناتج العام التعليمي بالمدرسة، هذا بالإضافة إلى تقويم أوجه الأنشطة المختلفة لبحث إمكانية تطويرها وتحسينها.فالنشاط الطلابي تتنوع مجالاته التي يمكن أن يقودها المعلم في المدرسة تنوعاً كبيراً، فقد تتصل هذه النشاطات بصورة مباشرة بتحقيق أهداف المقررات الدراسية، مثلما يحدث في الأنشطة العلمية التي تتصل بأهداف مقررات المواد الدراسية أو الأنشطة الرياضية التي تتصل بتحقيق أهداف مقرر التربية الرياضية... وهكذا، بينما هناك أنشطة تتحرر من المقررات الدراسية تماماً، وتهدف إلى إنماء الطلاب في جوانب معينة لا تتصل بالمقررات الدراسية في المرحلة التي يمرون بها، وقد يكون الهدف من هذه الأنشطة تحرير طاقات الطلاب، واكتشاف المواهب والقدرات الكامنة لديهم، والعمل على تنميتها وإبرازها.
وهناك العديد من الأنشطة التي يقوم المعلم بتشكيل جماعات لها بعيداً عن المقررات الدراسية والتي تهدف إلى تحرير طاقات التلاميذ وإطلاقها لمجال أوسع لاكتشاف ما لديهم من مواهب مكبوتة وإبداعات حبيسة فيعمل على تنميتها وإظهارها إلى حيز الوجود والتي منها جماعة التربية الإسلامية لإشباع الميول الدينية وتأكيد الاتجاهات الدينية المعتدلة في نفوس التلاميذ، وجماعة الإذاعة المدرسية لتأكيد حرية التعبير عن الرأي وإبداء الآراء في مختلف القضايا التي تشغل تفكير التلاميذ، وجماعة اللغة والأدب لتنمية الحس الأدبي واللغوي لدى التلاميذ، والجماعة الفنية لتنمية الحس الفني المرهف لدى التلاميذ، والجماعات الاجتماعية بالمدرسة ويتم تشكيلها بالتعاون مع الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة لتدريب التلاميذ على فن التعامل مع الآخرين في المواقف الحياتية التي يمرون بها
وتمر عملية تخطيط وتنفيذ برامج النشاط الطلابي بعدة مراحل هي:مرحلة تحديد مضمون برامج النشاط وتتضمن المخطط العام للبرنامج، والأعضاء المشاركين من التلميذ، ودور كل منهم في هذا النشاط على وجه التحديد، والميزانية المتوقعة لإتمام هذا البرنامج، ومرحلة تشكيل جماعة النشاط حيث يقوم المعلم بالإعلان عن نشاط الجماعة التي يشرف عليها ببعض الوسائل الإعلانية بالمدرسة.ومرحلة تنفيذ برنامج النشاط، والمعلم في هذه المرحلة ما هو إلا موجه ومرشد لتلاميذه لمتابعتهمأثناء تنفيذ النشاط ثم مرحلة تقويم برنامج النشاط حيث التعرف على مدى ما تحقق من الأهداف المرسومة لذا على المعلم الاهتمام بمعرفة مواطن الضعف أو القوة في برنامج النشاط، وينصب التقويم على الفوائد والأهداف التي تحققت من البرنامج وتنوع المهام والاتجاهات التي اكتسبوها من خلال ممارستهم الأنشطة كما يحدد التقويم العقبات والمشكلات التي واجهت البرنامج ولم يتمكن المعلم من التغلب عليها، ومناقشتها من جانب التلاميذ أعضاء الجماعة، ومع أعضاء هيئة تدريس المادة، لتلافي هذه العقبات في برامج النشاط مستقبلاً.
إن مراحل تنفيذ النشاط بدءاً من التخطيط له ومروراً بتنفيذه وانتهاءً بتقويمه لمعرفة مردودة التربوي على ممارسيه من التلاميذ تعد بمثابة عمليات يشترك فيها هؤلاء التلاميذ بتوجيه وإرشاد من المعلم وذلك بهدف أن تكون ممارسة النشاط بدافع شخصي من التلاميذ ونابعة من حاجة ملحة بداخلهم يسعوا إلى إشباعها ومن ثم يكون العمل لتنفيذ هذا النشاط يتسم بالجدية والحماس والاستمتاع في ذات الوقت، إلا أن عند ممارسة أي عمل غالبا ما يعوقه بعض المشكلات التي تعوق سيره في المسار المرسوم له الأمر الذي يتطلب تعاون القائمين على هذا العمل لمواجهة تلك المشكلات للقضاء عليها أو الحد من آثارها على أقل تقدير، وفي هذا المجال فإنه عندما تعوق عملية تنفيذ النشاط بعض المشكلات أو العقبات فإن التلاميذ بمعاونة معلمهم يعملون على مواجهتها حتى يحقق النشاط أهدافه الموضوعة عند تنفيذه.
ومن المشكلات التي تعوق تنفيذ النشاط :ضعف البنود المالية اللازمة للنشاط وفي ذلك يراعي المعلم أن يختار من برامج النشاط أقلها تكلفة وأكثرها نفعاً لممارسيها من التلاميذ،وكذلك ضيق الوقت حيث يزدحم اليوم الدراسي بوقت الدروس التي تتركز جهود المعلمين عليها بحيث يبدو النشاط مجرد عامل جانبي مساعد في العملية التعليمية دون أن يكون عنصراً جوهرياً فنياً، لذلك أصبح الوقت كله, وكذلك كافة الحصص مقصورة على دراسة المواد المقررة، أما ممارسة الطلاب للنشاط فإنه يكون خارج هذا النطاق وفي ذلك يعمل المعلم على حل هذه المشكلة بأن يفسح المجال لبرامج النشاط الطلابي، بحيث يكون النشاط متكاملاً مع موضوعات المقرر، وفي إطار شامل للمنهج، بدلاً من أن ينفصل النشاط عن المنهج فتنعدم الفوائد المرجوة منه، بالإضافة إلى اعتقاد بعض أولياء الأمور أن النشاط هو مجرد لهو لا فائدة منه، ولذا يقع على المعلم دور الإعلام عن برامج النشاط، ومقابلة أولياء الأمور للحصول على تأييدهم ودعمهم لتلك البرامج .
إن الهدف من ممارسة الأنشطة التربوية يتحقق عند امتلاك المعلم مهارات نقل المنهج الدراسى الذى يقوم بتدريسه لتلاميذه من مرحلة التفكير المجرد إلى مرحلة الواقع الملموس). كما أن إسهام الأنشطة المدرسية فى تطبيع التلاميذ اجتماعياً يعد أقوى من الدراسة النظرية التى غالباً ما تفتقد آثارها بعد فترة قصيرة الأمر الذى يضع المعلم أمام عدة مسؤوليات في هذا المجال لا يحيد عنها والتى منها : تدريب التلاميذ على بعض المهارات الحياتية كالأخذ والعطاء المتبادل، إكسابهم مهارات أدب الحوار واحترام الرأى والرأى الآخر، تنمية القدرة لديهم على العمل مع الفريق، تدريبهم على خدمة البيئة وممارسة الديمقراطية فى التعامل.
وتتبلور مسؤوليات المعلم أثناء قيادة تلاميذه لممارسة النشاط فى تحديده لأهداف هذا النشاط على أن تكون مناسبة للمرحلة السنية لممارسيها من التلاميذ ويمكن تحقيقها فى ضوء الإمكانات المتاحة واضعاً فى اعتباره أن هذه الأنشطة تشجع الابتكار لدى ممارسيها من التلاميذ وتخدم أهداف المنهج المراد تدريسه، وهذا كله يتم من خلال ما يقوم به- أى المعلم- من تنظيم جماعات للنشاط والإشراف عليها والمساهمة فى التنظيم الإدارى والفنى والعلمى لهذه الجماعات.فالمعلم بما لديه من مهارات وخبرات تفوق تلاميذه فهو قادر على قيادتهم وتوجيههم أثناء ممارسة النشاط الذى يعد أحد الوسائل التربوية الهامة فى مساعدة التلاميذ فى فهم مقرراتهم الدراسية كما أنه ينتقل بتلاميذه من القوالب النظرية عند تدريسه للمنهج إلى ما هو أوسع وأرحب بقيادته وتوجيهه لهم أثناء ممارسة النشاط المدرسى حتى يمكن تطبيعهم اجتماعياً بتعويدهم على مهارات القيادة والتبعية والأخذ والعطاء والتعاون والعمل بروح الفريق، وإكسابهم الاسلوب الديموقراطى فى التعامل مع الآخرين، وذلك من خلال مساعدتهم على اختيار أنشطة تتناسب مع قدراتهم والإمكانات المتاحة، وهذا في مجمله قد ينعكس بصورة إيجابية على مستوى آدائه المهني بالمدرسة.
الضبط الاجتماعي لسلوك التلاميذ
هناك علاقات تنشأ بين المعلم وتلاميذه أثناء تواجدهم داخل الفصل أو خارجه لإنجاز الموقف التعليمي، وحتى يمكن تحقيق الهدف المنشود من العملية التعليمية توضع مجموعة من القواعد والقوانين تكون بمثابة مظلة لترسيخ القيم والمعايير التى تحكم السلوك الإنسانى، ووسيلة المعلم فى ذلك ما يصدر عنه من سلوكيات وأفعال من شأنها أن تحقق الضبط الاجتماعى لتلاميذه إذ تتطلب إدارة الفصل الدراسي أن يتمتع المدرس بصفة القدرة على الضبط والمراقبة الجيدة المربية، حتى يتسنى له تحقيق أهداف الدرس حيث أن غياب عملية الضبط تجعل عملية التدريس عملية خالية من النظام.
وفى ظل التربية الحديثة لم يعد المعلم مصدراًَ للرهبة وإرهاب التلاميذ مثلما كان الحال فى ظل التربية التقليدية بل أصبح أكثر مرونة وتفهماً وأكثر اهتماماً بهم وعلى دراية جيدة بمتطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة والعامة، ومن ثم يعمل على ضبط سلوكهم مراعيا كل هذه المتغيرات سالفة الذكر حتى يمنحهم مزيداً من حرية الرأى والتعبير عن أنفسهم فى المواقف المختلفة بل فى حياتهم المستقبلية.فالمعلم يعمل فى سبيل ذلك على تشجيع تلاميذه بدوام انشغالهم فى أعمالهم وتعريفهم بما هو متوقع انجازه، توضيح القوانين المدرسية لهم كلما استدعى الموقف، يكون صديقاً متعاطفاً معهم وإلى جانب ذلك حازما وغير متساهل
ولتحقيق الضبط الاجتماعى داخل الفصل الدراسى يعمل المعلم على: تدريب التلاميذ على احترام القيم التربوية وكيفية الالتزام بها، الانضباط الذاتى الذى يساعدهم على مواجهة متطلباتهم الحياتية، إكسابهم العادات الحسنة ليصبحوا مواطنين صالحين، وهذا يتأتى من خلال الفهم المستنير لسلوك التلاميذ وبتربيتهم وتنشئتهم نفسياً وأكاديمياً،مع مراعاته لسلوكه الشخصى حيث يمثل القدوة والمثل الأعلى لهم.
ويعتبر المعلم في هذا المجال مساعداً ووسيطاً لتحقيق سلوك اجتماعي إيجابي لدى تلاميذه قوامه الانضباط والنظام، بحيث لا يتأتى ذلك من خلال الأوامر والتسلط بل من خلال إشاعة الجو الديمقراطي الهادف لرعايتهم بحيث يساهم التلاميذ في قرارات حفظ النظام والانضباط في حدود مقدرتهم وإمكانياتهم بشكل عام فالتلميذ الذي يساهم في صنع القرار يحترمه ويطبقه، وهذا يتم بتوجيه وإرشاد المربي المعلم الذي من المفترض فهمه وإدراكه لشخصياتهم ودوافعهم النفسية وخصائص المرحلة السنية التي يمرون بها، ويستطيع المعلم إنجاز ذلك من خلال ما يستخدمه من وسائل تربوية وهادفة لضبط سلوك تلاميذه وذلك بالتعاون مع إدارة المدرسة بما تسنه من قوانين ولوائح تنظم العمل اليومى داخل المدرسة وأيضا مع تلاميذه حينما يقربهم إليه ويسمح لهم بمساحة من حرية الرأى والتفكير الموجه من جانبه فى اتخاذ القرارات وحل المكلات الخاصة بالمواقف التعليمية التى ينظمها لهم أثناء تدريس المنهج الدراسى.
ومن الوسائل التربوية التى يمكن أن يستعين بها المعلم لضبط سلوك تلاميذه : تعويدهم على تحمل مسئولية ما يقومون بإنجازه من أعمال، العمل على شد انتباههم طوال الحصة الدراسية وأثناء ممارسة النشاط، التعليمات والإرشادات التى تصدر منه إلى تلاميذه تكون إما باسلوب ودى مثل البشاشة والنظر فى وجه التلميذ أو باسلوب جاف مثل النظرة الساخرة أو عبوس الوجه، الثواب للمحسن من التلاميذ مثل كلمات التشجيع وتقديم الهدايا، والعقاب للمسيء منهم مثل التأنيب والحرمان من حضور شرح بعض الدروس.ويلجأ المعلم إلى العديد من الوسائل لتحقيق الضبط بين تلاميذه . منها ما هو سلبى ومنها ما هو إيجابى، ومن الوسائل السلبية الشائعة فى مدارسنا ما يسمى بالعقاب البدنى الذى يتبعه المعلم أو إدارة المدرسة لضبط سلوك الطلاب وعادة ما يسفر عن إحداث الألم أو التكدير لديهم، حيث يعتقد كثير من المعلمين أن العقاب البدنى من العوامل التى تدفع إلى نجاح العملية التعليمية رغم قناعتهم بعم فاعليته فى تعديل السلوك واعترافهم بأن هناك العديد من الآثار السلبية التى تترتب على استخدامه، أما الوسائل الايجابية فمنها الإثابة والتقبل والدعم للسلوك الإيجابى، واستخدام الإيماءات المتمثلة فى نبرة صوت وملامح وجه المعلم وطريقة إلقائه لتعديل السلوك السلبى الذى يصدر من تلاميذه). وبذلك يكون عوضاً عن العقاب البدنى كاسلوب سلبى للضبط مخاطره أكثر من فوائده.
فالمعلم الذى يتعامل بقسوة مع تلاميذه ويهمل استخدام الثواب فإنه ربما ودون أن يدرى يتسبب فى كراهية التلاميذ له ولمادته التى يدرسها لهم وقد تمتد هذه الكراهية لأبعد من ذلك إلى المدرسة والعملية التعليمية ككل، لذلك "تنادى التربية المعاصرة بضرورة استعمال الشفقة مع المتعلمين وتحذر من استعمال القسوة والعنف معهم حتى لا يكرهوا التعليم وينفروا منه".وهذا ما يؤكد فلسفة الانضباط المدرسى فى اعتبار الفصل الدراسى مجتمع صغير له نظام أخلاقى مستمد من النظام المدرسى الأكبر الذى يضع التزامات وواجبات على كل من التلميذ والمعلم.
فالضبط الاجتماعى داخل المدرسة قضية مشتركة بين عناصر عدة، المعلم باستخدام الأساليب التربوية من شفقة وديمقراطية الحوار ومراعاته لظروف تلاميذه المختلفة، والتلميذ بإتباعه قواعد النظم والتعليمات ألموضوعه لحسن سير العمل بالمدرسة، وإدارة المدرسة بإتباعها الأساليب الديمقراطية والبعد عن التسلط والدكتاتورية فى تعاملها مع تلاميذها وتوفر المناخ المدرسى الذى يحقق الأهداف التربوية المرسومة.
ويعمل المعلم في ظل ما يعيشه من أوضاع اجتماعية ومهنية على التأكيد على الحاضر عن طريق خلق المواقف التعليمية التي تنبثق أصولها وأركانها من الواقع الفعلي المحيط بالمتعلمين والتعامل الذكي مع المشكلات العديدة والمتنوعة التي يموج بها المجتمع وذلك بتشجيع المتعلم ليبحث ويبتكر ويبدع ويدرك أهمية التفاعل مع متغيرات العصر، التأكيد على ديمقراطية الموقف التدريسي بإتاحة الفرصة المناسبة أمام المتعلم لممارسة بعض الأنشطة ويكون لديه رؤية خاصة فيما يعرض عليه من مشكلات دراسية أو مجتمعية، الاستعداد للمستقبل وذلك بالتمسك بالتراث القديم وخاصة المفيد منه والاهتمام بالحاضر والتطلع إلى المستقبل بفهم ووعي.
فالمعلم له أدواراً رسمية وأخرى غير رسمية، فالأدوار الرسمية التي ترتبط بتلاميذه، والمنهج الدراسي الذي يتولى تدريسه لهم ودوره في توثيق الصلة بين المدرسة والبيئة المحيطة، كما أنه مسئول عن حفظ النظام والضبط داخل المدرسة، أما الأدوار غير الرسمية للمعلم فتتمثل كدوره في إشباع حاجات التلاميذ ورغباتهم وآمالهم وحل مشكلاتهم والتعامل مع التنظيمات الغير رسمية التي تنشأ بين التلاميذ بحرص وموضوعية حتى يحقق أهدافه التعليمية بنجاح]). فالمعلم يمكن أن يسهم فى إقرار الضبط لسلوك تلاميذه داخل المدرسة من خلال ما يقيمه من اسلوب ديمقراطى مع تلاميذه أثناء التفاعلات المشتركة بينهما فى المواقف التعليمية المختلفة، ومن التقرب إليهم والإحساس بمشاكلهم ومعاونتهم فى حلها واشبع احتياجاتهم حسب ما تقتضيه أعمارهم السنية وهذا من خلال إتباعه للأساليب التربوية سلفه الذكر لضبط سلوكهم.
إن أساليب الضبط الاجتماعي التي يتبعها المعلم لتدريب تلاميذه على حفظ النظام وضبط داخل المدرسة قد تحقق من الفوائد والمزايا التيس تنعكس آثارها على كل من المعلم والتلميذ بل والمدرسة، فالمعلم الذي يعمل بمدرسة تتبع القواعد والنظم الموضوعة وتسير عليها قد تحقق له وضعاً اجتماعياً ومهنياً مناسباً ومن ثم يؤدي اداءاً مهنيا جيداً،والتلميذ بإتباعه لتلك القواعد والنظم قد يحقق لنفسه تقدماً تعليمياً وتفوقاً دراسياً، هذا فضلاً عن الآثار الطيبة التي تعود على المدرسة التي تمارس فيها أساليب الضبط الاجتماعي.
ثالثاً: الآداء المهني للمعلم فى ظل قضية مجانية التعليم
إن معلم المرحلة الابتدائية يؤدى رسالته المهنية مع أطفال قد يشتركون فى مرحلة سنية واحدة ولكنهم قد يختلفون فى قدراتهم الذهنية وميولهم الشخصية، والمعلم أمام ذلك مطالب بأن يمنح الخدمة التعليمية بالعدل والمساواة لهؤلاء جميعا على الرغم بما هو كائن بينهم من اختلافات وفوارق تطبيقاً لروح مجانية التعليم التي تأكدها السياسة التعليمية، فمما لا شك فيه أن التعليم فى مصر شهد طفرة كبيرة لمسها جميع المهتمين بالعملية التعليمية بهدف الارتقاء بمستوى التلاميذ مع التمسك بمجانية التعليم باعتباره كالماء والهواء ولا يمكن الاستغناء عنها لمساعدة غير القادرين منهم خاصة على الاستمرار فى قطف ثماره على اعتبار أنهم هم النواة لمستقبل مصر لتصبح أكثر ازدهاراً وتقدماً، وهذا ما تنشده السياسة التعليمية الحديثة الآن بمصر.
ومن أهم المقومات الأساسية لتحديث التعليم بمصر ما يلي: العمل على التوازن بين الريف والحضر وبين القرية والمدينة فى توفير الخدمة التعليمية لكل أفراد المجتمع على اختلاف طوائفه وما بينه من فوارق، واتساع مفهوم ديمقراطية التعليم لكي تشمل توفير الفرص المتكافئة للمواطنين في الحصول على الخدمة التعليمية ذاتها لأجل مواجهة الفوارق الاجتماعية بين المتعلمين، بالإضافة إلى اعتبار ان التعليم هو أحد القوى الاجتماعية إلي لا يستهان بها في تقرير تقدم الأفراد ورقي المجتمع في ذات الوقت.(
من هذا المنطلق فإن محاور الآداء المهني للمعلم المرتبطة بقضية مجانية التعليم تتبلور فيما يلي: تحقيق العدل والمساواة في توزيع الخدمة التعليمية بين جميع التلاميذ، وإدارة الصف، ومراعاة الفروق الفردية التي بين تلاميذه، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، والتعامل مع الفئات الخاصة، والاهتمام بتعليم الفتاة جنباً إلى جنب الفتى، هذا بالإضافة إلى الاتصال والتواصل الجيد مع التلاميذ، ويمكن عرض تلك المحاور للأداء المهني للمعلم من خلال توضيح ملامحها في ضوء تأثير موقف المعلم من قضية مجانية التعليم على آدائه المهني.
تحقيق العدل والمساواة في توزيع الخدمة التعليمية بين جميع التلاميذ
فالسياسة التعليمية فى مصر ترسم الطريق أمام المعلم لكى يحقق العدل والمساواة فى منح ما يقدمه من خدمات تعليمية لتلاميذه وبما يحملونه من اختلافات فيما بينهم، وتتبلور ملامح تلك السياسة فيما يلى :- أن تكون الخدمة التعليمية المطلوبة موجودة فعلاً، ومتاحة لكل من يرغب الالتحاق بها ممن تنطبق عليهم شروط القيد، والالتحاق بها ميسوراً دون عوائق مالية أو اجتماعية.)
ويقوم المعلم بترجمة تلك السياسة من خلال ممارساته المهنية بإقامة فرص التعليم للجميع والعمل على القضاء على تسرب المتعلمين من المراحل الدراسية كافة، وإشاعة التعليم مدى الحياة لمختلف طبقات الشعب ولجميع المراحل، القضاء على التباين في الالتحاق بالتعليم بين البنين والبنات بالمناطق الريفية والحضرية وبين الأصول العرقية المتعددة والأديان المختلفة والأوضاع الاقتصادية المختلفة، وتحسين نوعية التعليم وذلك من خلال الارتقاء بقدرات وكفاءة تلاميذه التعليمية، وممارسة الإرشاد التربوي معهم وتوجيههم إلى كل ما هو مفيد في مشوارهم التعليمي.
ولتأكيد فلسفة المجانية يعمل المعلم على غرس مبادئ حقوق الإنسان بكافة معانيها في نفوس تلاميذه مثل حقوق المرأة، حقوق الطفل، احترام الرأي والرأي الآخر، تدريبهم على اسلوب المناقشة العلمية الهادفة، تعريفهم بحقوق المواطن وواجباته، وكيفية احترام الفكر والأديان وكذلك تعزيز التسامح والتلاحم الاجتماعي لديهم ومقاومة التطرف بكل أشكاله واتجاهاته وهذا يتم من خلال المواقف التعليمية التي يصممها المعلم لتلاميذه ويمارسوها بتوجيه وإرشاد منه لتأصيل تلك المبادئ لديهم .بهذا يستشعر المتعلمون أن الدولة تعمل على تعريفهم بمختلف الحقوق سالفة الذكر من خلال ما يقدم لهم من خدمة تعليمية بالمؤسسات التعليمية التابعين لها وبالمجان .
والمعلم فى ظل تلك السياسة مطالب بأن يعمل على تحقيق المساواة فى المعاملة والاحترام- بين جميع تلاميذه- فى المواقف المختلفة داخل مجتمع المدرسة، وتكون لديه القدرة على مواصلة تقديم الخدمة التعليمية وبقدر ما تسمح به القدرات التعليمية التى يمتلكها تلاميذه، هذا إلى جانب العمل على تحقيق التكافؤ والمساواة فى تقدير نتائج التعلم سواء من خلال الاختبارات التحريرية أو الشفوية أو أعمال السنة .])
والعدالة الحقيقية التى تحويها تلك السياسة تؤكد على أن معلم المرحلة الابتدائية يتعامل مع تلاميذ ذوى مستويات مختلفة اجتماعياً واقتصادياً وأيضاً عقلياً ومن ثم فهو مطالب بأن يوزع ما يقدمه من خدمات تعليمية إلى هؤلاء التلاميذ رغم ما بينهم من اختلافات وفروق أثناء ممارساته المهنية مع تلاميذه داخل الفصل أو خارجه بالعدل والمساواة ودون تمييز يذكر.
والدولة في سبيل تقديمها لخدمة المجانية في التعليم لرعاياها من المتعلمين تنتظر من المعلم أن يقوم بالعديد من الممارسات المهنية أهمها : تحقيق الأمن الفكري للتلاميذ وتقوية الانتماء والولاء لله ثم لولاة الأمر لديهم وتنمية إحساسهم بالمسئولية تجاه الوطن وحمل الرسالة من جيل إلى جيل وكذلك ترسيخ مبدأ الحوار الهادف واحترام الرأي الآخر, مع إقامة برامج وأنشطه تهتم بالغايات المنشودة, واستدعاء الدعاة والمتميزين لنشر الوعي الفكري، محاولة التعرف على الانحراف السلوكي والفكري لدى التلميذ ومتابعته من خلال الحوار معه ومعرفة أفكاره وميوله مع معالجة ذلك في تصحيح الخاطئ منها وكذلك من خلال حوار التلاميذ مع بعضهم البعض ومراقبة سلوكياتهم في أوقات الأنشطة اللاصفيه.
ومجمل القول فإن السياسة العامة للدولة والتي تشتق منها السياسة التعليمية تؤكد على منح الخدمة التعليمية بالعدل والمساواة ودون تفرقة لكافة أفراد المجتمع وأن تقدم هذه الخدمة بالمجان في كافة المراحل التعليمية التي يمر بها هؤلاء الأفراد ومن ثم يراعي المعلم في آدائه المهني هذه الاعتبارات حتى يحقق ما ترمي إليه مجانية التعليم من أهداف.
إدارة الصف
على الرغم من تفاوت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بين المتعلمين إلا أن المعلم عليه ألا يجامل تلميذاً لثرائه أو لمركز والده الاجتماعى كما لا ينبغى له أن يحط من قدر طالب لفقره، وأيضا تتوافر عدالته فى المعاملة تجاه المستويات العقلية المختلفة فيشجع سريع الفهم ويأخذ بيد بطيء الفهم، ويتبلور عدل المعلم فى تقييم تلاميذه فى إعطاء كل فرد منهم ما يستحقه من الدرجات حسب مجهوده وقدراته دون اعتبار لأية أمور أخرى.
ويحقق المعلم العدل والمساواة في منح الخدمات التعليمية لجميع المتعلمين دون استثناء من خلال إتباع إدارة ديمقراطية تسعى بآليات العمل لديها إلى تحقيق عدم التمييز بين تلاميذه ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة منهم مع أقرانهم من خلال نظام تعليمي ديمقراطي متجانس ومتطور وفي ظل إدارة مدرسية متطورة مرنة متعاونة ومرحبة بهذا النظام الديمقراطي ولديه حافز التطوير الذاتي والإبداع، يؤمن بتقبل الآخر ويحترم الفروق الفردية التي بين تلاميذه وبعضهم البعض، هذا إلى جانب توفر بناء مدرسي يضمن حرية التنقل واللعب والتعليم الآمن لجميع المتعلمين،وبيئة مجتمعية متعاونة تسعى لتطوير المدرسة ودعم أنشطتها التي تعمل على تطوير العمل لصالح التلاميذ
إن من سمات المعلم الطيبة التي ترافق جهوده في آداء رسالته التربوية والتعليمية سماته الاجتماعية التي تتمثل في الاحترام المتبادل بينه وأقرانه من زملاء المهنة وأن تكون علاقاته مرنة مع الإدارة المدرسية والتربوية وفيما بينه وبين أبناءه التلاميذ والأسرة والمجتمع وأن تسمو على علاقته هذه مفاهيم وأساليب الديمقراطية الحقة البعيدة عن التعصب الأعمى والآراء الضيقة والديكتاتورية الفردية،إضافة إلى أن تكون من صفاته أيضاً مراعاة التلاميذ بصفات أخلاقية على اعتبار أن الجوانب الأخلاقية كالعطف والحنان تهم تلاميذ المرحلة الأولى من التعليم الأساسي أكثر من اهتمامهم بالعطاء العلمي حيث يحتاج الطفل في تلك المرحلة إلى الرعاية والحنان أكثر من أي شيء آخر.
مراعاة الفروق الفردية
والمعلم عندما يلتزم بهذه التوجهات- سالفة الذكر- فى آدائه المهنى فأنه يحقق العدالة والمساواة فى تقديم الخدمة التعليمية لجميع تلاميذه ويحقق التكافؤ فى إتاحة الفرص التعليمية لهم وهذا بالرغم من وجود اختلافات وفوارق شتى بينهم فى نواحى كثيرة يعاونه في ذلك إدارة مدرسية واعية وموارد وإمكانيات ميسرة لعملية التعلم وتقديم الخدمة التعليمية للمتعلمين بالمجان مع مساندة حقيقية للمجتمع المحلي حتي تحقق العملية التعليمية أهدافها المرسومة.
والمعلم في تأكيده لفلسفة المجانية في التعليم يعمل على أن يسير في العملية التعليمية بخطى تتناسب ومستويات من يعلمهم فمنهم من يصل إلى معدل معين من التقدم لا يزيد عنه بصورة ملحوظة مهما زادت مواقف التعلم والممارسة التي يتعرض لها، وإن دفع المتعلم إلى القيام بآداء مهام لا تتناسب مع قدراته وإمكانياته لاشك إنه يؤدي به إلى التعثر والإحباط نحو التعلم ومن ثم عدم الاستمرار في الدراسة وفي هذا إهدار لمبدأ المجانية في التعليم لذلك يمكن للمعلم أن يعمل على رفع مستوى طموح المتعلمين بدرجة تعادل درجة استعدادهم وميولهم وقدراتهم نحو الأنشطة المختلفة حتى يتسنى للمتعلمين النجاح والاستمرارية في دراستهم وعدم التعرض للإحباط.
فالمعلم في آدائه المهني يعمل على مراعاة الفروق الفردية ودورها في نجاح العملية التعليمية حيث أن التلاميذ يختلفون فيما بينهم من حيث القدرات والاستعدادات مثلما هم يختلفون في الأوصاف الجسمية، ومن ثم لا يدفع التلاميذ إلي طموح قد يكون أكبر من مما يملكون من قدرات وإمكانيات عقلية حتى لا يصابوا بشيء من الإحباط ويتسرب إليهم الملل من استكمال مشوارهم الدراسي ويكون مصيرهم الرسوب أو التسرب من المدرسة وبالتالي يحرموا من الخدمة التعليمية التي تقدم لهم بالمجان، ومن ثم فإن إتباع المعلم الأساليب الديمقراطية- من خلال ممارساته المهنية سالفة الذكر- في إدارة الفصل الدراسي قد يحقق الفلسفة التي ترمي إليها المجانية في التعليم .
تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية
إن المعلم في تقديمه للخدمة التعليمية لتلاميذه بالعدل والمساواة وفي ظل فلسفة المجانية التعليمية فإنه يحقق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام جميع تلاميذه دون استثناء ومن ثم يوفر لهم تربية سليمة ويكسبهم خصال عديدة منها: حب الوطن والإخلاص له، والمشاركة الإيجابية في التنمية البشرية والاجتماعية، وتقوية الثقة في المؤسسة التعليمية والمنظومة التربوية ككل، والتمسك بمسايرة الدراسة والعزم على بلوغ أعلى المستويات الدراسية.([88])
وبذلك يتضح أن إقرار مبدأ التكافؤ في إتاحة الفرص التعليمية لجميع المتعلمين قد يعد ترجمة حقيقية لتأكيد فلسفة المجانية في التعليم هذا إلى جانب تحقيق العديد من الفوائد التي تعود على المتعلم نفسه ومجتمعه في الوقت ذاته حيث أنه بالتعليم تتحقق الرفاهية للفرد والتقدم والرقي لمجتمعه.
إن العدالة الحقيقية في تكافؤ الفرص التعليمية تتضح في أن تكون الخدمة التعليمية المطلوبة موجودة فعلا بأن تكون المؤسسة التعليمية مشيدة وقائمة، وأن تكون متاحة لكل من يرغب الالتحاق بها ممن تنطبق عليهم شروط القيد، وأن يكون الالتحاق بها ميسورا دون عوائق مالية أو اجتماعية أو سكنية، والمساواة في المعاملة دون تمييز في العلاقات، والقدرة علي مواصلة التعليم في مختلف مراحله إلي أقصي ما تسمح به القدرات العلمية في التحصيل، التكافؤ والمساواة في تقدير نتائج التعلم سواء من خلال الاختبارات التحريرية أو الشفوية أو أعمال السنة، وهذا بدوره يؤدي إلى التكافؤ في فرص العمل وعدم التمييز في شغل الوظائف.وعلى العكس من ذلك، فإن عدم سيادة مبادئ المساواة والعدل والإنصاف، وخصوصا مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع التلاميذ على حد سواء، يؤدي بهم إلى الشعور بالظلم والإحباط وبالتالي النفور من العملية التربوية واحتقار التلميذ لذاته والاستهانة بما يمتلكه من قدرات ذاتية، ومن ثم يعمل على انتهاج سلوكيات عدوانية ومقاومة كل ما هو صحيح ومقبول اجتماعياً.
رعاية الفئات الخاصة من التلاميذ
وتتبلور العدالة في توزيع الخدمات التعليمية من جانب المعلم إلى تلاميذه من المتعلمين سواء كانوا من فئة ممن يعانون صعوبات في التعلم أومن فئة الموهوبين على حد سواء فالفئة الأولى قد تحتاج من المعلم رعاية خاصة في التعامل للوصول بهم إلى درجة من الاستيعاب والفهم في حدود ما يمتلكونه من قدرات واستعدادات ذاتية ويعمل جاهداً على منع تسربهم من التعليم وبذلك يسهم في تحقيق مجانية التعليم بإتاحة الفرص التعليمية للجميع سواء كان بطيء الفهم أو متوسط أو يمتلك قدرات عالية في الفهم والاستيعاب.
والدور الذي يمكن أن يقوم به المعلم مع ذوي صعوبات التعلم يتمثل في تغيير استراتيجيات التدريس مع التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة والتركيز معهم على التدريس الفردي، ومعالجة نقاط الضعف التي يعانون منها وتقوية الجوانب الإيجابية ونقاط القوة لديهم، وإقامة علاقة إيجابية واتصال دائم مع أولياء أمورهم، وتقديم التعزيز اللفظي والمادي لهم في ضوء تقدمهم الأكاديمي والسلوكي والانفعالي والاجتماعي، وتعزيز عملية التفاعل الإيجابي بينهم وبين زملائهم العاديين.(
إن اهتمام المعلم بالتلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم لا يقل أهمية عن اهتمامه بفئة الموهوبين من التلاميذ والعمل الجاد على تنمية مواهبهم، وكشف استعداداتهم، والإفادة من جوانب تميزهم،، والحرص على تنمية التفكير الإبداعي لديهم، إيجاد المواقف التعليمية التي تستثير الإبداع عند التلاميذ في الفصل الدراسي، وتشجيعهم على ممارسته بمختلف الطرق والأساليب الممكنة، والحرص على توجيههم بطريقةٍ إيجابية وفاعلة.
ويعمل المعلم في مجال رعاية الموهوبين والعناية بهم من خلال تقديمه للمواد الدراسية وما يتبعها من نشاطات فصليةٍ أو غير فصلية بصورةٍ حديثةٍ وشائقةٍ وجذابةٍ، والتخلص من النمط التقليدي الذي يُركِّز دائماً على اسلوب تلقين المعرفة للتلاميذ بصورةٍ يكونوا معها سلبيين وغير متفاعلين، وضع خطة شاملة لرعاية التلاميذ الموهوبين، وتوفير الجوّ التربوي الملائم لنمو المواهب المختلفة لديهم، والعمل على توفير ما أمكن من الأدوات والتجهيزات اللازمة لممارسة مختلف الأنشطة التي يمكن من خلالها التعرف على ما بهم من مواهب وتنميتها، استخدام طرائق وأساليب تعليمية فاعله وإيجابية في التدريس، والاتصال بأولياء الأمور وتعريفهم بمواهب أبنائهم ليتحقق التكامل بين دور الأسرة ودور المدرسة في رعايتهم.
مما سبق يتضح أن تطبيق المعلم لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية وما يحويه من مسلمات تتمثل في توفير الخدمة التعليمية وإتاحتها لجميع الأفراد بالعدل والمساواة ودون تفرقة بينهم أي تمنح الخدمة التعليمية بالقدر الذي تسمح به ما يمتلكه هؤلاء الأفراد من قدرات واستعدادات للتعلم فإنه بذلك يؤكد على المبدأ الذي يقر بأن التعليم متاح للجميع ومن ثم يترجم المجانية في التعليم إلى ممارسات فعلية .
الاهتمام بتعليم الفتاة جنباً إلى جنب الفتي
إن مدارس المرحلة الابتدائية بمصر سواء كانت خاصة أو حكومية مدارس مشتركة أى تضم ال***ين البنين والبنات من تلاميذها وبالتالى تمنح الخدمات التعليمية لهؤلاء البنين والبنات على حد سواء ودون تفرقة من جانب المهتمين بالعملية التعليمية بتلك المد