في العشرين من شهر نوفمبر 2011، دخلت اتفاقية حقوق الطفل التي ترعاها منظمة الأمم المتحدة للطفولة عامها الثاني والعشرين، وقد شهدت دول العالم احتفالات عدة بهذه المناسبة، الأمر الذي يستحق منا أن نلقي الضوء على تلك الاتفاقية وآخر الأرقام والحقائق المتعلقة بها والتي سجلتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
اتفاقية حقوق الطفل
أعلنت الأمم المتحدة في الإعلان العالمي لحقوق الانسان أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين. وترى الأمم المتحدة أن الأسرة، باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة الأطفال، ينبغي أن تولى الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع. وتقر المنظمة الدولية أنه لكي تترعرع شخصية الطفل ترعرعًا كاملاً ومتناسقًا ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم. وترى أنه ينبغي إعداد الطفل إعدادًا كاملاً ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الامم المتحدة وخصوصًا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء. وقد وضعت الأمم المتحدة في اعتبارها «أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى اجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها».
فاتفاقية حقوق الطفل هي ميثاق دولي يحدد حقوق الأطفال المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وتراقب تنفيذ الاتفاقية لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة المكونة من أعضاء من مختلف دول العالم. ويتوجب على حكومات الدول التي أقرّت الاتفاقية إرسال تقارير والمثول أمام لجنة حقوق الطفل بشكل دوري ليتم فحص مدى التقدّم في تطبيق الاتفاقية ووضع حقوق الأطفال في تلك الدول. وتتوفر هذه التقارير على موقع اللجنة في الشبكة العنكبوتية.
استعراض لأهم بنود اتفاقية حقوق الطفل
بحسب الاتفاقية، يعرّف الطفل بأنه كل شخص تحت عمر الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب قانون الدولة المنطبق عليه. وتعترف الاتفاقية أن لكل طفل حقوقاً أساسية، تتضمّن الحق في الحياة، والحق في الحصول على اسم وجنسية، والحق في تلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلة معهما حتى لو كانا منفصلين.
وتحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، وتتخذ جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة، أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم.
وتلزم الاتفاقية الدول بأن تسمح للوالدين بممارسة مسؤولياتهما الأبوية. كما تعترف الاتفاقية بحق الطفل بالتعبير عن الرأي، بحمايته من التنكيل والاستغلال، وأن يتم حماية خصوصياته وألا يتم التعرض لحياته.
وتلتزم الدول الموقعة على الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال، وهو في رعاية الوالدين أو الأوصياء القانونيين عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته. وتلزم الاتفاقية الدول الموقعة أن توفّر تمثيلاً قانونيًا في أي خلاف قضائي متعلّق برعايتهم، وتطلب أن يتم سماع رأي الأطفال في تلك الحالات، وتمنع الاتفاقية إعدام الأطفال.
وتعترف الدول الأطراف بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليًا أو جسديًا بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع. وتعترف بحق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة، وإمكانية حصوله فعلاً على التعليم والتدريب، وخدمات الرعاية الصحية، وخدمات إعادة التأهيل، والإعداد لممارسة عمل، والفرص الترفيهية وتلقيه ذلك بصورة تؤدي إلى تحقيق الاندماج الاجتماعي للطفل ونموه الفردي، بما في ذلك نموه الثقافي والروحي. وتتمحور الاتفاقية بوجه عام حول الطفل: حقوقه واحتياجاته، وتطلب أن تتصرّف الدولة بما يتوافق مع مصلحة الطفل الفضلى أو المثلى.
وتقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي في الأمور المتعلقة بالتعليم، بهدف الإسهام في القضاء على الجهل والأمية في جميع أنحاء العالم وتيسير الوصول إلى المعرفة العلمية والتقنية وإلى وسائل التعليم الحديثة، وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية.
لقد قامت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتصديق على الاتفاقية بشكل كامل أو جزئي. وقد قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على إدراج الاتفاقية من ضمن القانون الدولي في العشرين من شهر نوفمبر 1989؛ ودخلت حيّز التنفيذ في الثاني من شهر سبتمبر 1990، بعد أن صدّقت عليها الدول الموقّعة.
التعليم أولوية للاتفاقية
وافقت الدول الموقّعة على الاتفاقية على أن يكون تعليم الطفل موجهاً نحو:
1- تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها.
2- تنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمبادئ المكرمة في ميثاق الأمم المتحدة.
3- تنمية احترام ذات الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة، والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه الطفل والبلد الذي نشأ فيه في الأصل، والحضارات المختلفة عن حضارته.
4- إعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر، بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات الإثنية والوطنية والدينية والأشخاص الذين ينتمون إلى السكان الأصليين.
5- تنمية احترام البيئة الطبيعية.
أرقام وحقائق عن الأطفال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من 413 مليون شخص، منهم أكثر من 156 مليون شخص تحت سن الثامنة عشرة، و47 مليون تحت سن الخامسة.
الحق في الحياة
بالرغم من أن خطر الموت بين الولادة وحتى سن الخامسة انخفض من 77 إلى 41 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية في الفترة ما بين 1990 و2010 في مختلف أنحاء المنطقة، إلا أن 415.000 طفل تحت سن الخامسة لا زالوا يموتون كل عام، معظمهم لأسباب يمكن تجنبها. وقد سُجّلت أعلى معدلات وفيات الأطفال عام 2010 في السودان (103 لكل 1000 ولادة حية)، وجيبوتي (91 لكل 1000 ولادة حية)، واليمن (77 لكل 1000 ولادة حية).
وبالرغم من أن شهادة الميلاد ضرورية للحصول على الجنسية، إلا أن 77% فقط من أطفال المنطقة (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) يتم تسجيلهم عند الولادة. وترتفع المعدلات في المناطق الحضرية (87%) أكثر من المناطق الريفية (68%).
ويُقدر أن 90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و14 سنة يتعرضون لأساليب تربوية عنيفة تتضمن العنف النفسي والعقاب الجسدي. ولا يزال عدد كبير من الفتيات والنساء في المنطقة يعانين من عادة تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية (الختان الجائر). حيث يوجد لدى نصف النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 - 49 سنة في جيبوتي بنت واحدة على الأقل تعرضت لهذه الممارسة. وتصل هذه المعدلات إلى 43% في السودان و24% في مصر و20% في اليمن.
المستوى صحي
لا تتجاوز نسبة الأطفال تحت سن الخامسة الذين يعانون من الإسهال ويحصلون على محاليل معالجة الجفاف الـ40%، في حين يحصل 60% فقط من أولئك الذين يشتبه بإصابتهم بالالتهاب الرئوي على المضادات الحيوية. ويتلقى الثلث فقط من الأطفال الرضع الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم. ويصيب النمو المتعثر أو قصر القامة بالنسبة للسن، 31% من الفتيان والفتيات تحت سن الخامسة. وتظهر أعلى المعدلات في اليمن حيث تصل إلى 58%. أما الهزال، وهو انخفاض الوزن بالنسبة للطول، فيمسّ 10% من الأطفال، وتوجد أعلى المعدلات في جيبوتي والسودان واليمن، حيث تصل إلى 15% و17%.
ويعاني 14% من الأطفال من نقص الوزن، خاصة في السودان (27%) وجيبوتي (31%) واليمن (43%). وفي عام 2009، قدر عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 - 14 سنة والذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية بـ21.000 شخص، مقارنة بحوالي 7.100 عام 2001. ويصيب الفيروس حوالي 100.000 شاب وشابة في المنطقة.
المستوى المعيشي الملائم
يحصل 86% من سكان المنطقة على مياه الشرب الآمنة و80% على خدمات الصرف الصحي المناسبة. وتتفاوت هذه المعدلات بين الدول بل وداخل الدولة الواحدة. وتوجد أقل معدلات التغطية في السودان، حيث لا يحصل أكثر من 40% من السكان على المياه الآمنة، ولا يستطيع الثلثان الحصول على خدمات الصرف الصحي. وفي العراق والأرض الفلسطينية المحتلة والسودان واليمن، يطرح تراجع مستويات الحصول على المياه الآمنة في المناطق الحضرية وضواحيها تحديات إضافية.
وبحسب منظمة العمل الدولية، تعتبر معدلات البطالة بين الشباب بين سن 15 و 24 في المنطقة الأعلى في العالم. ففي عام 2009، كان شاب واحد من كل 4 شبان يعاني من البطالة، وترتفع هذه المعدلات أكثر بين الشابات (1 من كل 3 نساء مقارنة بـ1 من كل 5 رجال).
ولا يزال الأطفال في المنطقة يرزحون تحت وطأة الصراع والاضطرابات والكوارث الطبيعية، ويتحملون أثرها على المستوى الجسدي والنفسي. فجيبوتي هي أحدى دول القرن الإفريقي التي ينتشر فيها سوء التغذية والفيضانات المتكررة. وتلقي الصراعات الممتدة (كما هو الحال في العراق والأرض الفسطينية المحتلة والسودان واليمن) والأزمات الجديدة (مثل ليبيا وسوريا) بظلال ثقيلة على سلامة الأطفال وصحتهم وتعليمهم وقدرتهم على البقاء.
ويؤثر الزواج المبكر على 15% من الفتيات المراهقات في المنطقة. حيث تصل معدلات الفتيات المراهقات المتزوجات حاليا إلى فتاة من كل 4 فتيات في السودان وفتاة من كل 5 فتيات في كل من العراق واليمن.
الحق في التعليم
في عام 2008، وصلت معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية في المنطقة إلى 85% بين الفتيان و81% بين الفتيات. وتظهر أقل هذه المعدلات في السودان، حيث لا تتجاوز 56% بين الفتيان و52% بين الفتيات.
أما معدلات الالتحاق بالمدارس الثانوية في المنطقة فلا تتجاوز 54% بين الفتيان و51% بين الفتيات. وتصل هذه المعدلات إلى أدناها في السودان، حيث لا تتعدى 17% بين الفتيان و22% بين الفتيات، وجيبوتي (45% بين الفتيان و37% بين الفتيات)، والعراق (46% بين الفتيان و34% بين الفتيات)، والمغرب (39% بين الفتيان و36% بين الفتيات) واليمن (48% بين الفتيان و27% بين الفتيات).
وتصل معدلات المعرفة بالقراء والكتابة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15 - 24) إلى 92% بين الذكور و86% بين الإناث.
الحق في الحماية من الاستغلال الاقتصادي
يقدر أن 1 من كل 10 أطفال في المنطقة تتراوح أعمارهم بين 5 - 14 طفلاً منخرطون في العمالة. وتصل هذه المعدلات إلى 1 من كل 5 أطفال في اليمن و1 من كل 8 أطفال في السودان، و1 من كل 10 أطفال في العراق.
المصدر: الموقع الرسمي لمنظمة اليونيسيف 2011م