أدركت كثير من الدول أهمية توظيف تقنية المعلومات والاتصالات في التعليم، فوضعت الخطط في هذا المجال، وحققت قدرًا كبيرًا من النجاح، واستطاعت العديد من البلدان أن تجعلها وسيلة أساسية لمساندة العملية التعليمية بحيث يستخدمها الطلاب ضمن قواعد عملية للتعامل المنطقي والموضوعي مع التدفق المعلوماتي الذي يميز العصر. فماليزيا والهند وسنغافورة وكوريا وولاية كوبك بكندا وولاية فكتوريا بأستراليا وغيرها، استطاعت أن تجذب شركات الاستثمار الأجنبية إليها لكونها توفر قوى عاملة مؤهلة في مجال المعلوماتية. بل أصبحت تلك الشركات تفضل العمل في تلك الدول على أن تبقى في مواطنها الأصلية لتوفر العمال المهرة ولانخفاض التكاليف التشغيلية.
لم يكن ما وصلت إليه تلك الدول من التقدم العلمي والتطور التقني المميز ليتحقق لولا توفر مقومين أساسيين يتمثل أحدهما في وجود الرؤى والخطط الواضحة، وتأتي الخطط التربوية لتطوير التعليم، سواء كانت على المستوى الوطني أو على مستوى المدرسة، ضمن خطط وطنية شاملة تعتمد على تنمية الموارد البشرية، وإنشاء البنية التحتية المعلوماتية والاتصالات، وتوفير الكليات والمعاهد المتخصصة، وإدخال التقنية في مراحل التعليم المختلفة. أما المقوم الآخر فيكمن في تعميق مشاركة القطاع الخاص في تخطيط مشروعات التطوير في مجال التعليم وتنفيذها. والواقع أن القطاعات الحكومية ذات الصبغة الخدمية مثل وزارات التربية لا يمكنها أن تقوم بتطوير التعليم وتحسين مخرجاته بمعزل عن المؤسسات المجتمعية التي يمثلها القطاع الخاص الأقدر على متابعة المستجدات في المجالات التخصصية المختلفة، وعلى الضبط الإداري بمستوى أكبر مما هو متوفر لدى المؤسسات الحكومية، وبالتالي فهو قادر على تقديم أنماط من الخدمات عالية الجودة خاصة في ظروف البيئة الاستثمارية التنافسية.
كما يلاحظ أن القيادات التربوية في الدول المتقدمة تتمتع بعنصر المبادرة في التخطيط لتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات في التعليم. هذه الحرية في المبادرة وفرت المناخ المناسب لتنفيذ كثير من المشاريع المشتركة بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص وساعدت على تطوير صيغ كثيرة من النماذج التخطيطية التي يمكن أن يستفيد منها القائد التربوي سواء كان مديرًا للتعليم أم مديرًا لمدرسة أم معلمًا في وضع خطط توظيف التقنية في المدارس.
تزخر مدارس وجامعات المملكة بالملايين من الطلاب والطالبات الذين يجب تهيئتهم ليكونوا مصدرًا من مصادر الدخل القومي لا عالة عليه. ولا يتم ذلك إلا بتأهيلهم التأهيل التقني المناسب الذي يجعلهم عناصر منتجة لا مستهلكة فقط. والواقع أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه ما لم يكن لدى القيادات التربوية بمختلف مستوياتها الإرادة والاقتناع الكامل بأهمية التخطيط لتوظيف تقنيات التعليم في التعليم العام ودورها في التطوير والتخطيط العلمي.