يُنظر إلى المُختبرات المدرسة، باعتبارها أحد أهم مصادر المعرفة العلمية، التي يُعوِّل عليها الطلاب، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، حيث إن هذه المُختبرات المكان الوحيد الذي يُطبق فيه «منهج التجريب العلمي»، من خلال ما يتوافر من أجهزة وأدوات ومواد، يستخدمها الطلاب للوصول إلى نتائج عملية، لما يدرسونه من أعمال نظرية، ويرون بأم أعينهم صحة التجارب والتفاعلات.. وعلى أهميتها، فإن ثمة أخطارا كامنة بين جنبات المختبرات المدرسية، يجب الحذر منها، والحرص على اتباع احتياطات الأمن والسلامة، للوقاية من تداعياتها.
ومن منظور الأمن والسلامة، فإن ثمة اشتراطات يجب أن تتوافر، عند إنشاء وتأثيث المُختبر المدرسي، يُمكن تحديد أهمها، على النحو التالي:
· أن يكون موقع المُختبر، بمعزل عن حُجرات الدراسة النظرية.
· مساحته تتناسب مع أعداد التلاميذ، بحيث يستطيعون الحركة فيه بأمان، خلال إجراء التجارب.
· تُزوَّد نوافذه، بستائر مُقاوِمة للحرائق، وقضبان حماية مُتحرِّكة.
· أن يكون له بابان، أحدهما للدخول، والآخر للخروج، على أن يكون اتجاه فتحهما، نحو الخارج (اتجاه اندفاع الأشخاص).
· تكون الأرضيات والأحواض والطاولات، من مواد مُقاوِمة للحريق، ولا تتأثر بالتفاعلات الكيميائية.
· يُجهَّز المُختبر بوسائل الإضاءة والتهوية، الطبيعية والصناعية، طبقـًا للمواصفات والمعايير القياسية، المسموح بها في هذا المجال، مع ضرورة مُتابعة الصيانة الدورية، لتجهيزات الإضاءة والتهوية الصناعية.
· تجهيز المُختبر بمقاعد مُريحة، وسهلة الحركة، ويُمكن التحكُّم في ارتفاعها، حسب طول الطالب، ومدى راحته.
· توفير عدد كاف من نقط الكهرباء، ذات الأغطية (واقيات المكابس)، على كُل من جُدران المُختبر، وطاولات الطُلاَّب والمُعلِّم.
· يُفضَّل أن يكون النــِّصـف العلوي، من أبواب المُختبرات، من الزُجاج المُقاوم للكسر، ليسهل مُراقبة ما يحدث بالداخل..ويُراعى عدم وضع عوارض سُـفليَّة للأبواب، حتى لا تتسبب في تعثر الطلاب عند الاندفاع.
· أن تكون تمديدات الغاز، من أنابيب نحاسية، وأن تـُصمم طبقــًا للأصول الفنية، المُتعارف عليها في هذا المجال، لضمان عدم تسرُّب الغاز بالمُختبرات.
· تجهيز المختبرات، بتمديدات المياه والصرف اللازمة.
· تخصيص خزانة مُحكمة الغلق، لحفظ أسطوانات الغاز، بحيث يكون موقعها بعيدًا بمسافة آمنة عن المُختبر، وأن تُراجع باستمرار للتأكُّد من سلامة الأسطوانات، وإحكام غلقها، ويُمنع منعـًا باتـًا الاحتفاظ بأسطوانات الغاز، داخل المختبر.
· يجب تجهيز نظام توزيع الغاز، في المُختبر، بمُفتاح للتحكُّم، يوضع في مكان ظاهر، بحيث يُمكن الوصول إليه بسهولة وبسُرعة، في حالات الطوارئ.
· يكون للمُختبر خزائن، مُزوَّدة بأدراج، لحفظ الأدوات والأجهزة والمواد المعملية، وثلاَّجة صغيرة لحفظ الكيماويات، على أن يُراعى التهوية الجيِّدة، كما يُراعى أن تكون هذه الخزائن مُنفصلة، عن مكتب مُحضر المُختبر، الذي سنأتي على ذكره لاحقــًا.
· تجهيز المُختبر بوسائل المُكافحة الأوَّلية للحرائق (طفايات حريق ــ أوعية الرمل الجاف ــ كاشفات الدُخَّان ــ وغيرها)، وضرورة الاحتفاظ بها، في أماكن بارزة بالمُختبر، ليسهل الوصول إليها بسُرعة، إذا استدعت الأمور استخدامها، كما يجب أن تخضع هذه الوسائل، لإجراءات الصيانة الدورية، والتأكد من تمام صلاحيتها.. ويُمكن الاستعانة بنظام إطفاء ذاتي، يعمل بغاز الهالون HALON، وهو عبارة عن وحِدة صغيرة، تـُعلَّق في السقف، وتعمل ذاتيــًا عند ارتفاع درجة الحرارة.
· توفير خزانة (دولاب) للإسعافات الأوّلية، مُزودة بكافة المُستلزمات الضرورية، للتدخُّل في حال حدوث إصابات بالمختبر.
· يجب أن يكون بالمُختبر المدرسي، وسيلة اتصال سريعة مع الإدارة، وكذا جهاز إنذار، لتنبيه الموجودين، في حال حدوث حريق، على أن يكون الجهاز مُتَّصلاً بلوحة إنذار الحريق الرئيسية، الموجودة بغـُرفة حارس الأمن، ويُراعى إجراء الصيانة الدورية، لوسائل الاتصال والإنذار، لضمان كفاءة عملها.
· يُراعى الحرص الشديد، على نظافة المُختبر، وكافة الأدوات المُستخدَمة فيه، وعدم التخلُّص من المواد الكيماوية، بالرمي في الأحواض والبالوعات، إلا بعد تخفيفها، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، إلقاء قطع أو قشور الصوديوم المعدني، في الأحواض، كونها سريعة الاشتعال، عند تماسها مع الماء.
· يجب العناية بوضع المُلصقات التحذيرية، على عبوَّات المواد الكيميائية، والقنينات، والأواني الزجاجية، مُبيَّن فيها مدى خطورة المُحتوى، والاحتياطات اللازم اتباعها عند الاستخدام.
· وطبيعة الحال، فإن العمل بالمُختبر المدرسي، يؤدِّي إلى تكوُّن مُخلَّفات ونفَّايات، جلها شديدة الخطورة، ومن ثم تبرز ضرورة إدارة هذه المُخلَّفات والنفايات، على نحو آمن، بحيث لا يُحدِث التخلَّص منها، أي ضرر للإنسان، أو المُمتلكات، أو البيئة.
· يُراعى ترك منطقة آمنة، لا تقل عن متر واحد، حول جهاز أو طاولة العمل، كما يُراعى ترك ممرات فرعية، لا يقل عرضها عن متر، وممر رئيسي لا يقل عرضه عن متر ونصف، داخل المختبر.
· يجب أن تتوفـَّر في المُختبر، أدوات الحماية الشخصية، ومنها القفازات المطاطية الواقية لليدين، وهي ذات قبضة خشنة، تمنع الانزلاق، وتـُقـاوم المواد الكيميائية، وأفضلها ما صُنع من مادة النيوبرين (NEOPRENE)..ومنها النظَّارات الواقية للعيون، والتي تقي من الأخطار المُفاجئة، كتناثر المواد الكيميائية، وشظايا الزُجاج..ومنها القناع الواقي، للوجه والرقبة والأذنين، الذي يُستخدَم عند التعامل مع المواد الكيميائية، القابلة للانفجار والتناثر، تحت الضغوط المُرتفعة، أو أثناء تنفيذ التفاعلات..ومنها معطف المُختبر، الذي يحمي الجسم، من تناثر وانسكاب المواد الكيميائية.
مُحـضـر الـمُـخـتـبـر..ومـسـؤولـيـاتـه
وهو فـنــِّي مُتخصص بشؤون المُختبرات والمعامل، يُعهد إليه التنسيق مع مُعلِّمي العلوم بالمدرسة، لإنجاز التجارب العملية، للفرضيات العلمية، المُقررة في المناهج الدراسية، وعلى عاتقه تقع جل المسؤوليات الخاصة بتنظيم المُختبر، والتأكُّد من تمام صلاحيته للعمل، وإجراء التجارب فيه، وأن يكون مُلتزمـًا باشتراطات الأمن والسلامة في المُختبر، وأوَّلها تبدأ منه هو شخصيًا، حيث يجب ألا يكون مُدخنـًا، أو على الأقل يحرص أشد الحرص على عدم التدخين، أثناء وجوده داخل المُختبر..
وفي نقاط، يُمكن أن نـُعدِد مسؤوليات مُحضر المُختبر، على النحو الآتي:
- استلام عُهدة المُختبر، من أدوات وأجهزة ومحاليل ومواد، مع بيان حالة كُل منها، وما يحتاج إلى إصلاح.
- العناية بحفظ مُحتويات المختبر، في الخزانات الخاصة بذلك، وتدوين مُحتوياتها، وتنظيمها على نحو يسهل تناولها، دون تعريض بقية الأدوات للتلف.
- تصنيف المواد الكيميائية، ووضع بُطاقة تعريف على كل منها.
- تهيئة غُرفة المختبر، وترتيبها، ومُتابعة تنظيفها، قبل وبعد إجراء التجارب.
- مُتابعة صيانة أدوات السلامة، وطفايات الحريق، وأن يكون على دارية بطُرق الإصلاح والصيانة البسيطة.
- تنظيم السجلاَّت والدفاتر الخاصة بالمختبر، وعمل قاعدة بيانات ومعلومات، عن كافة الموجودات بالمُختبر، وتحديثها وفق القواعد المُنظِّمة لذلك.
- إعداد تعليمات وإرشادات الأمن والسلامة، والحرص على تعليقها في أماكن بارزة، على جُدران المُختبر، مثل عدم التدخين، وعدم تناول المأكولات والمشروبات، وكيفية التصرُّف في حالات الطوارئ، ونحو ذلك من تعليمات وإرشادات.
- التأكُّد من أن أعداد الطُلاَّب، الذين يدخلون المُختبر، مُناسبــًا..بحيث لا يحدث تزاحم، أثناء إجراء التجارب.
- في نهاية الدوام الرسمي، يجب أن يتأكَّد بنفسه، من فصل التيار الكهربائي، وإغلاق محابس الغاز والماء الرئيسية، وكذا التأكُّد من كفاءة تشغيل الثلاجة، التي تُحفظ بها مواد بعينها.
- جرد عُهدة المُختبر، في نهاية كل عام دارسي، بموجب لجنة، تـُشكَّل من قِبل مُدير المدرسة، لهذا الغرض.
واجـبـات مُـديـر الـمـدرســة..تجـاه الـمُـخـتـبــر
ولأهمية المُختبر، فإنه يوضع ضمن أولويات المُتابعة الدائمة، من قِبل مُدير المدرسة، الذي يجب أن يكون على دارية كاملة، بواجبات محضر المختبر، سواء الفنية أو الإدارية، والإشراف على قيامه بها، ومُتابعة التعليمات الخاصة بالمختبر، وتسجيل كل ما يرد إلى المدرسة بشأنها أوَّلاً بأوَّل، والحِرص على المرور، وتفقُّد المُختبر، ومُناقشة المحضر في شؤونه، والتباحث لعمل ما يلزم لاستكمال نواقصه، ومُعالجة مُشكلاته، ومُتابعة إجراءات محاضر الفقد والكسر والتلف في أوقاتها، والإشراف على تنظيم عملية الجرد، سواء التي تتم في بداية العام الدراسي، أو في نهايته، وتنسيق الجداول مع مُعلِّمي العلوم، الذين يترددون على المُختبر، لإجراء تجاربهم، وذلك حتى لا يحدث أي تعارض أو تعطيل، والاطلاع من وقت لآخر على السجلاَّت والملفات الخاصة بالمختبر، والتأكَّد من سلامة التسجيل بها، وتنظيمها.
تـنـمـيـة الـوعـي لـدى الـطـلاب
ومن الأمور الأساسية، التي يجب ألا تُغفل على الإطلاق، بل يُعظَّم من شأنها، تنمية الوعي لدي الطلاب، باحتياطات الأمن والسلامة، مُنذ دخولهم إلى المختبر المدرسي، وحتى خروجهم منه، حيث يجب أن يدركوا خطورة المواد المُستخدمة في التجارب العملية، ومن ثم الحذر والحرص الشديد، في التعامل معها، ومما يجب أن تتضمنه البرامج التوعوية، في هذا الشأن:
· لا تُحاول أن تتعامل مع المواد الكيميائية، من تلقاء نفسك، بل تحت إشراف مُعلِّمك.
· لا تُحاول أن تشم المواد الكيميائية، بشكل مباشر، بأن تضع العبوَّة، أو القارورة، أمام أنفك، لأن بعضها خطر جدًا.
· مهما كانت الأسباب، لا تُقدِم على تذوُّق أي مادة كيميائية.
· السير بهدوء داخل المختبر، وعدم الاندفاع، أو التحرُّك المُفاجئ، وكذا عدم المزاح.
· الالتزام بالتعليمات والإرشادات، الموضوعة على جُدران المختبر.
· احرص على أن تغسل يديك جيـِّدًا، بالماء الجاري، والصابون المُطهِّر، بعد الانتهاء من العمل المخبري.
· إذا ظهر عليك أي عرض، من هذه الأعراض (احمرار أو حكة في العينيين ــ احمرار أو حكة في الجلد ــ آلام في المعدة أو الصدر ــ صعوبة في التنفس ــ صداع ــ غثيان ــ دوخة)، سارع على الفور بإخبار مُعلِّمك، حتى يتَّخذ الإسعافات الأولية اللازمة، في الوقت المُناسب.
·احرص على ارتداء القفازات، أو ما يتناسب مع طبيعة التجربة العملية، من وسائل الوقاية الشخصية..
المراجع
(1) د. أحمد بن عبد العزيز الدندني (وآخرون): دليل السلامة والإسعافات الأوليَّة في المُختبرات المدرسية.
(2) د. جمال صالح: السلامة من الكوارث الطبيعية والمخاطر البشرية.
(3) د. محمد إبراهيم الحسن (وآخر): السلامة في المختبرات والمصانع الكيميائية.
(4) د. حسان زيدان: الأمن الصناعي.
(5) د. جميل نعمان شاهين: الطرائق الأساسية في المختبرات التعليمية.
(6) د. إيهاب السعيد: المُرشد في الإسعافات الأوَّلية.
(7) م. مازن عبد الكريم الخرابشة (وآخر): الأمن والسلامة المهنية.
( مُنظمة الصحة العالمية: دليل الإسعافات الأوَّلية (إجراءات طوارئ للجميع في البيت والعمل والفسحة).
(9) موسوعة الشروق.
(10) الموسوعة العربية العالمية.
(11) نشرات صادرة عن معهد الدفاع المدني.
(12) نشرة (أضواء على السلامة) ــ فصلية ــ تصدر عن أرامكو ــ أعداد مُختلفة.